حصلت «الشروق» على أخطر وثيقة يتم تداولها بشكل سرى داخل جماعة الإخوان المسلمين خلال ال15 عاما الأخيرة، وهى «خطة العمل الاستراتيجى 2009 2012»، والتى يحظر على الأعضاء العاملين مناقشتها أو التحدث بشأنها إلا داخل مؤسسات الجماعة. وكشفت الخطة التى أقرها مكتب الإرشاد نهاية ديسمبر الماضى، عن سياسة تحرك الجماعة خلال السنوات الأربع المقبلة، فى خمسة محاور أساسية (سياسى، وعالمى، ومجتمعى، وإدارى، وتربوى)، ويعد قرار مشاركة الإخوان فى الانتخابات المقبلة تحت شعار «الإسلام هو الحل»، من أبرز ما جاء فى الوثيقة، فضلا عن تحديدها ل(6) عناصر «حرجة» على الجماعة أن تتعامل معها، أهمها التعامل مع الضغط الأمنى وظاهرة البلطجة. ويعد المحور السياسى من أهم المحاور فى الوثيقة، إذ يحدد شكل المنافسة مع النظام الحاكم فى المرحلة المقبلة، وطبيعة التعاون مع قوى المعارضة، ويتصدر قرار الجماعة بالمشاركة فى جميع الانتخابات تحت شعار «الإسلام هو الحل» أهم بنود هذا المحور، مما يعنى مشاركة الإخوان فى الانتخابات التشريعية المقبلة (الشعب، والشورى)، إلا أنه لم يحدد موقفهم من انتخابات الرئاسة المقبلة (2011)، وذيل البند بعبارة (الاستثناء يقرره مكتب الارشاد) لتزيد الموقف غموضا. وكشف نفس المحور عن وجود خلافات جوهرية بين قيادات الإخوان فى بعض القضايا الوطنية والقومية، منها موقفهم من الشيعة، والاعتراف بإسرائيل وبالاتفاقيات والمعاهدات المبرمة معها، وولاية الأقباط والمرأة، ومواجهة «سيناريو التوريث»، حيث طالبت المادة الثالثة بضبط وتوحيد الخطاب السياسى للجماعة (قيادة، ورموز، وأفراد)، مع تحقيق التوازن والوضوح فيه، بما يتسق مع قرارات وسياسيات وتوجيهات الجماعة، وقال قيادى إخوانى ل«الشروق»: إن إقرار تلك المادة جاء عقب خلاف أعضاء مكتب الارشاد على اقتراح بتعيين متحدث رسمى، تكون مهمته، التعامل مع وسائل الإعلام المختلفة، إلا أن هذا الاقتراح رفض وتم استبداله بتلك المادة الملزمة. وأكد المحور السياسى أيضا ضرورة المشاركة الفاعلة فى الحراك السياسى والمجتمعى العام والفئوى، وفق الضوابط الخاصة بالجماعة، مع مقاومة كل صور الفساد (سياسى، ومالى، وإدارى، واجتماعى) بالوسائل السلمية والقانونية وفق الضوابط الشرعية، وذلك عن طريق التعاون مع القوى والشخصيات السياسية والوطنية، وتأسيس وتفعيل واجهات وكيانات مشتركة (فى قضايا الإصلاح السياسى واطلاق الحريات العامة واحترام حقوق الإنسان ومقاومة المشروع الصهيوأمريكى)، وتحديد فريق عمل مسئول عن التعامل مع الاتجاهات السياسية المختلفة، وتدريبه وتأهيله، وانشاء وتأسيس بعض الكيانات التى تتيح الفرصة لمشاركة الغير بدون لافتات الإخوان، وإشراك القوى الأخرى فى أعمال الجماعة، وكذلك دعم وإبراز عمل النواب والرموز فى المجالات المختلفة، والحضور الفعال للجماعة فى القضايا والأحداث السياسية. وتحسين الأداء السياسى للجماعة (قيادة ورموز وأفراد)، وزيادة المشاركة السياسية، والعمل على إفشال محاولات الإقصاء السياسى للجماعة، عن طريق ابتكار منافذ وواجهات ومسارات عمل جديدة. وطالبت المادة السادسة من نفس المحور بضرورة وجود كيان إعلامى مؤثر للقيام على خدمة المشروع الإسلامى إلا أنها لم تحدد طبيعة أو شكل هذا الكيان، ودعت الوثيقة إلى تقديم رؤية اقتصادية عامة من منظور إسلامى لعلاج القضايا المركزية والعمل على تبنى المجتمع لها. كما حددت الخطة ستة عناصر وصفت ب«الحرجة»، أهمها التعامل مع الضغط الأمنى وظاهرة البلطجة، والتأثير فى المجتمع الطلابى، وذلك من خلال (دائرة التأثير والربط العام)، والتسليم والتسلم بين المناطق والجامعات، والنقل إلى درجة محب، واستكمال الهياكل والتأثير فى المجتمع الطلابى وأعضاء هيئة التدريس، كما أوصت بضرورة التواصل مع مراكز البحوث والدراسات فى الجامعات وخارجها وإبراز جهد النواب فى وسط شريحة الطلاب وخاصة فى القضايا التى تهمهم وإنشاء كيانات جديدة مع تفعيل الكيانات الموجودة مثل (حقى جامعتنا) وانشاء جمعيات شبابية تحت رعاية النواب. وبالرغم من نفى بعض قيادات الجماعة وجود ما يسمى ب«التنظيم العالمى للإخوان»، عقب القضية الأخيرة التى اتهم فيها أعضاء بمكتب الارشاد ونواب بالجماعة، فإن الوثيقة أشارت إلى وجوده من خلال المحور العالمى، الذى دعا إلى دعم جهود العمل الإسلامى العالمى ومساندة قضايا الإسلام المركزية خصوصا فى (فلسطين، والسودان، والعراق)، وأكد ضرورة استيعاب «المبعوثين»، وتحقيق أفضل توظيف لجهود الإخوان المصريين فى الخارج، والاستفادة من جهود «العالمى»، فى دعم مجالات العمل المختلفة وتصحيح صورة الجماعة، وذلك من خلال التواصل مع مؤسسات المجتمع المدنى التى تساند قضايا العالم الاسلامى. وكذلك تأهيل هؤلاء المبعوثين لحمل رسالة الإسلام وفق منهج الجماعة، والاستفادة من البعد الخارجى فى تحسين وتصحيح الصورة الذهنية عن الجماعة، ودعم الاقطار المختلفة بتجارب وخبرات الأقسام المختلفة، ودعم العمل البرلمانى العالمى وتفعيل التمثيل بين البرلمانيين الإسلاميين فى الأقطار المختلفة. وأكد المحور المجتمعى بالوثيقة دعم وتفعيل العمل النسائى، كذلك توجيه طلاب الكليات الشرعية والأئمة والخطباء للعمل مع المجتمع، وذلك لتحقيق مجموعة من الأهداف منها التفاف المجتمع حول رموز الجماعة المهنية، والفقهية، والاجتماعية فى كل الشرائح بما يحقق الريادة، وتصحيح وتحسين الصورة الذهنية عن الجماعة لدى المجتمع. وفيما يخص المحور الإدارى حددت الوثيقة مجموعة من الاستراتيجيات منها تحقيق الوجود فى الشرائح المختلفة، والتركيز على رفع الكفاءات للمستويات القيادية، وتقوية الاتصال، وتفعيل التنسيق والتعاون بين وحدات الجماعة المختلفة، وكذلك توجيه الجهود لسد جوانب الخلل فى وحدات الجماعة ذات الأولوية. ووضع المحور التربوى المسجد كمسار أساسى فى تربية الأفراد والتواصل مع المجتمع، كما طالب نفس المحور من أفراد الصف الإخوانى بضرورة الالتزام بقرارات وسياسات الجماعة. وقال قيادى إخوانى ل«الشروق»: إن تلك الخطة توضع كل أربع سنوات ويتم تمديد العمل بها لسنة على الأكثر نظرا لمعوقات التنفيذ، مضيفا أن الإخوان شرعوا فى إعداد تلك الخطط منذ ما يقرب من 15 عاما. وأكد أن الخطة التى تتضمنها تلك الوثيقة يتم تداولها بين بعض اعضاء الجماعة العاملين فقط، ويحظر عليهم مناقشتها إلا داخل مؤسسات الإخوان، مشيرا إلى أن إحدى الخطط تم نشرها بالكامل فى كتيب صغير تم تداوله بين الإخوان. وكشف المصدر أن نسبة نجاح الخطط السابقة تراوح بين 30 و60%، مرجعا ذلك للضغوط الأمنية التى تتعرض لها الجماعة.