فى بناية ضخمة ترتفع لأكثر من عشرة طوابق وسط العاصمة نيروبى. يقع مقر وكالة تنمية زراعة وصناعة وتصدير الشاى الكينى «KTDA» وهى الوكالة التى تعتد بكل الأمور الرسمية المتعلقة بالشاى الكينى، بداية من تمثيل صغار المزارعين وملاك المزارع الصغيرة حتى التعامل مع بورصة الشاى بمومبسا وبيع المنتجات إلى شركات الاستيراد المنتشرة بجميع أنحاء العالم. فى شرفات الوكالة تنتشر صور مزارع الشاى المنتشرة على أطراف نيروبى، ومحافظة الوادى المتصدع، التى تقع على ارتفاع يصل إلى 2700 متر عن سطح البحر، ولوحات جدارية كتب عليها «إذا كنت من عشاق الشاى.. فلك توصية خاصة بتذوقه». يقول جوزيف نيدجوا، أحد العاملين بالمركز: «الشاى الكينى مشروب مقوى للصحة؛ لأنه شراب طبيعى لا يحتوى على أى مواد حافظة أو ألوان صناعية، كما أنه خال من الكوليسترول فى حالة تناوله دون اللبن والسكر، الشاى الكينى مشهور بلمعانه وقوة لونه ونكهة عطر أوراق شجر الشاى الخضراء» يذكر أن أول نبتة شاى كينية زرعت فى عام 1903 من تقاوى أصلها هندى لتصبح كينيا الآن من أكبر الدول المنتجة والمصدرة للشاى فى العالم، والذى يصل إنتاجها إلى 240 مليون طن سنويا. أنشئت وكالة تنمية زراعة وصناعة الشاى الكينى فى عام 2000 بعد حل اتحاد ملاك المزارع الصغيرة للشاى بكينيا حتى تكون الوكالة الرسمية الأكثر انتشارا وخبرة وتحكما فى سوق الشاى، الذى أصبح السلعة الإستراتيجية الأولى للدخل القومى الكينى. يتحدث نيدجوا عن مراحل إنتاج حبيبات مشروب الشاى التى تبدأ بزراعته كشجيرات صغيرة بطريقة متساوية تسهل ريها وتمنعها من التعرية، ثم قطع الأوراق وبذلك ينتهى دور المزرعة لتصل الأوراق إلى مصانع متطورة مقامة حول المزارع، لتبدأ المرحلة الأغلى والأصعب حيث امتصاص الرطوبة من الأوراق والتى تأخذ نحو 20 ساعة لسهولة طيها وخرطها ثم تجفيفها وأكسدتها ثم التعبئة على حسب درجة الجودة. وأضاف بأنه لا يمكن التعامل مع الشاى مثل الأعشاب الأخرى بتجفيفه ثم غليه وتناوله مباشرة، ولكن يجب أن يمر بكل مراحل التصنيع المعقدة فلا يمكن شراؤه من المزارع مباشرة. ويضيف بأن أفضل أنواع الشاى الكينى تزرع فى ريجاتى بشرق كينيا، وفى المزارع القديمة ك«ناندى» و«كريتشو» الواقعة فى غرب البلاد، كما أن زيارة واحدة لمصنع «سابوكيا» للشاى فى كينيا تجعلك تقدر الشاى الكينى كثيرا، بعد أن ترى ملحمة يندمج فيها العمال فى عملية التقطيع والتجفيف حتى تذوق الشاى فى النهاية. لا تخرج حبيبات الشاى من المصنع إلا بعد مرورها على شخص يتذوقها ويصنفها على حسب الجودة، ويستبعد عيوب الصناعة، حيث يعد كوبا من الشاى الساخن من كل كمية منتجة ويتم تذوق كل كوب بعد خمس دقائق من الكوب الذى سبقه حسب نيدجوا. فى مومبسا حيث المحطة الأخيرة للشاى داخل كينيا قبل أن يبحر إلى مستهلكيه، تقع بورصة الشاى لدول شرق ووسط أفريقيا والمنتجة للشاى، والتى أصبحت الممثل الرسمى لهذه الدول المنتجة للشاى عالميا، وتشرف عليها جمعية تجارة الشاى لدول شرق أفريقيا، والتى تحظى بتصدير شاى حاصل على توصيات عالمية بأنه الأفضل فى النكهة واللون والرائحة. تبدأ مزايدات البيع يوم الاثنين من كل أسبوع ما عدا أيام العطلات الرسمية لكينيا، وتعد وكالة تنمية الشاى الكينى هى الوكيل الرسمى لأغلب أصحاب المزارع الصغيرة والتى تساهم ب60% من الإنتاج الكينى للشاى، وخلال عملية البيع يعلن سمسار البورصة فى الإعلان عن السعر لكل كيلو جرام بالدولار الأمريكى ثم يتلقى الطلبات المختلفة من وكلاء المستوردين لتبحر بواخر الشاى من ميناء مومبسا إلى الدول المستهلكة للشاى الكينى وعلى رأسها مصر التى تشترى ربع الإنتاج الكينى من الشاى والمقدر ب97 مليون طن سنويا، حيث يتم خلطه وتعبئته طبقا لماركات تجارية مختلفة حتى يصل إلى المقاهى المصرية.