فشلت أعمال الجمعية العمومية الطارئة للقضاة، التى دعا إليها، رئيس نادى قضاة الإسكندرية، المستشار عزت عجوة، فى الإعلان عن رفض لجنة صياغة قانون السلطة القضائية، التى شكلها رئيس المجلس الأعلى للقضاء، المستشار حسام الغريانى، برئاسة المستشار أحمد مكى. وسيطر على الجمعة التى عقدت فى مقر نادى قضاة الإسكندرية، أمس، حالة من الانفعال، التى بلغت حد المشادات الكلامية «بسبب التباين فى وجهات النظر، وعدم الوصول إلى حل يرضى جميع الأطراف». وعلى قدر ما جاءت الكلمة التى ألقاها المستشار الغريانى «قاسية وصادمة»، عبّر تعقيب المستشار عجوة عليها عن حالة انقسام حادة، بين تيار استقلال القضاء الذى يمثله المستشار أحمد مكى، ومعارضوه من القضاة ومن بينهم المستشار عزت عجوة. «الشعب أسقط السلطة التنفيذية والتشريعية، وسيسقط السلطة القضائية ويحرق المحاكم مثلما أحرق الأقسام، إذا لم تتطهروا» بتلك الكلمات استهل الغريانى كلمته، على وقع هتافات صادرة من خارج مكان الاجتماع، أصدرها العشرات من المتظاهرين تأييدا للجنة المستشار مكى، من المنتمين للحركات السياسية المختلفة. حضر الاجتماع المستشار أحمد الزند رئيس نادى قضاة مصر وعدد كبير من رؤساء أندية المحافظات، الذين استمعوا لكلمة الغريانى التى استغرقت قرابة الساعة وسادتها حالة من الهدوء. وبدأ الغريانى كلمته بالتأكيد على أن «أحدا ليس فوق النقد، فهو حق مقدس شريطة أن يكون دون سباب (...) وأتمنى ألا تعود مصر لما قبل 25 يناير»، مذكرا الجميع بأن «شباب التحرير أسقطوا السلطتين التنفيذية والتشريعية سقوطا مخزيا، ومن جبروتهم استداروا للحديث عن القضاء، وها هم يهتفون خارج النادى الشعب يريد تطهير القضاء وإحنا مش قدهم». وأضاف: «لم أكن أعلم أن اعتلائى منصب مجلس القضاء الأعلى، ستكون امتحانا وابتلاء من الله، ولعله خير، فمن وجهوا لى نقدا بشأن تشكيل اللجنة أمسكوا ألسنتهم، وكنت أتمنى أن يطلقوها، ففى صدرى متسع لأننا فى بيتنا لكن الغضب كل الغضب أن يطل علينا من (يُهبلون) بكلام فى الهواء (...) هؤلاء أطالبهم بقراءة الكتب القانونية قبل الإدلاء بتصريحاتهم، فبعضهم يتحدث فى السياسة، وترك منصة القضاء ليتفرغ للظهور على شاشات التليفزيون بعدما يضعوا له بودرة على وجهه». ووجه الغريانى تساؤلا (حادا) للقضاة: «ليه تفتحوا صدوركم للجرايد.. وتاخدوا الكلام منها، دول بياخدوا كلامكم ويشوهوه، وبالتالى تقعون فريسة لها»، مطالب القضاة بعدم التعامل مع الصحف «التى تُصدر مانشيتات لإثارة البلبلة فى الشارع (...) أنتوا ليه بتتعاركوا على ورق الجرايد.. دول عايزين يعملوا دعاية وخلاص، ولماذا تصدقون الخبر السيئ، بينما الخبر الطيب تتجاهلونه». وعن لجنة تعديل وصياغة قانون السلطة القضائية، قال رئيس المجلس الأعلى للقضاء: «لست فى حاجة لأن أقول إنى كنت مشاركا منذ 1986 وحتى الآن فى تعديل قانون السلطة القضائية، وفى عام 1991 عرض مشروع القانون المعد على جميع الجمعيات العمومية للمحاكم على مستوى الجمهورية، ووافقت علية دون أن يعترض أحد، بعد أن شارك فى صياغته لجنة من شيوخ القضاة، ووقتها أطلقت حكومات مبارك علينا كل أسلحتها وللأسف ضُربنا بزملائنا، لينشغل القضاة منذ ذلك التاريخ بمسائل لم تكن فى حسبانهم من قبل (...) القاضى المرءوس ليس قاضيا». وأضاف: «ليه بتتكلموا فى حاجات غريبة.. أقدمية واستئناف إيه؟، هو أنا أحسن من القاضى الجزئى؟ لو قلت كده ابقى كذاب! أنا راسى براس معاون النيابة، وكل منا له اختصاص لا يميزه عن الآخر، عايزين تضحكوا الناس علينا؟، تعالوا نرجع بالتاريخ منذ عام 1983 لنرى أن ما يحدث هو كلام فاضى لم يقصد به سوى الفرقة بيننا، ليه مصرين تدخلونا فى دهاليز مالهاش لازمة؟». وتابع الغريانى: «مجلس القضاء الأعلى برىء براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وكان بين أمرين إما كتابة القانون بنفسه، ثم يقدمه إلى المجلس العسكرى بشكل منفرد، أو أن يُشكل لجنة، التى كلف المستشار أحمد مكى نائب رئيس محكمة النقض برئاستها ولم يمانع باعتباره من جهابذة شيوخ القضاة فى مصر، وتضم اللجنة فى عضويتها المستشارين أحمد محمد احمد سليمان، وأحمد فتحى قرنه استئناف، وسعيد محمد أحمد المتحدث الرسمى، ومحمود عبدالرءوف أبوشوشة، وأحمد حمدان وكيل نيابة.. هل تعترضون على أى اسم فيهم (لم يجب أحد) إذن أنا مسئول عن اختيارى.. أصبت أم أخطأت». وحول اختيار أعضاء المكتب الفنى لمحكمة النقض، قال: «كنتم تعلمون كيف يأتون بالخواطر، لكن هذا العام ولأول مرة، يتم اختيار أعضاء المكتب الفنى بالكفاءة وبمعايير محددة إن وضعت فى حاسب آلى لطُبعت أرقاما درجات يحصل عليها المتقدم بالتنسيق مع المستشار سرى صيام، منها 20% للمقابلة الشخصية، ولأول مرة تتقدم أنثى وتجتاز هذه الاختبارات، ولا يتبقى أمامنا سوى اتخاذ رأيها على الموافقة والقبول حسب ظروفها الحياتية وهل تستطيع الحضور للعاصمة 3 مرات أسبوعيا من عدمه. وعن وضع أندية القضاة قال الغريانى: الأصل فيها القاهرة والباقى فروع، وبقالنا مدة لا عارفين نختلف ولا نتفق ولا نتشاور، اقترحوا ما شئتم فيما ترونه يصب فى مصلحة استقلال القضاء دون خناق، عاوزين تعرضوه علىَّ أهلا وسهلا، عاوزين تودوه حته تانية براحتكم، لكن من فضلكم دعونا نصلح العوار اللى فى القانون عشان الدنيا ما تجهش علينا، ولا تضعوا آمالكم فى المستحيل.. إحنا مش قد الناس اللى فى الميدان عشان تجيبوا أبناءكم اللى بمقبول، ولا حتى المجلس العسكرى كمان يقدر». وتابع: «لا تحملوا مجلس القضاء الأعلى أكثر من طاقته، الاستقلال عن وزارة العدل والسلطة التنفيذية، واللى عنده حلول للحصول على فلوس من الدولة التى عودتنا على المراوغة يقولى على الطريقة، وبدل ما تهاجمونى ساعدونى بالرأى والحيلة القانونية، وآمل فى أن نتخلص فى الأيام المقبلة من التوتر، وأدعكم للتعاون مع لجنتى لأن الرأى الأول والأخير سيكون لها بتعاونكم معها، وعندما اذهب بالقانون لأقدمه للمجلس العسكرى سوف احمل بيدى درعا ورمحا وإن وافقتم عليه استمررت فى حملة، وان اعترضتم ألقيته وحملت عصاى ورحلت، ومن يقول غير ذلك لا تصدقوه.. وكل عام وانتم بخير». واعتلى رئيس نادى قضاة الإسكندرية المنصة، بمجرد انتهاء كلمة الغريانى وقال: «لن يختزل القضاء فى شخص واحد.. ولم نجتمع ليفرض علينا رأى، وسوف أتقدم ببلاغ ضد من سب وقذف القضاة ووصفهم بأنهم فلول وشراذم (...) هذا شخص مجهول ولا نعرف عنه من قبل (قاصدا المتحدث الرسمى باسم لجنة تعديل القانون)، وعلى الغريانى أن يجامل صاحبه مكى كيفما شاء، لكن فى النهاية نحن من نضع القانون». وأضاف عجوة «من الواضح أن الغريانى أكد عدم وجود لجنة بقوله إنها لجنة شخصية، وما قاله شأنه الخاص، هذا أولا، وثانيا الكلمة الأولى والأخيرة لمشروع قانون السلطة القضائية لابد وأن تكون للجمعية العمومية للقضاة، والحقيقة الثابتة أنه ليس هناك لجنة (...) يابهوات ما يحدث غوغائية، معروفة ومقصودة وكل مرة يعملوا كده». ورد عليه أحد المستشارين من الحضور: «من امتى كان فى استقلال للقضاء»، فقال عجوة: «من قبل ما تتولد». وبانسحاب الغريانى من الاجتماع لم يتمكن عجوة من حصد أصوات الجمعية العمومية التى دعا إليها لإلغاء لجنة المستشار أحمد مكى، وتشكيل لجنة خماسية بديلة. وتسببت حدة النقاش فى إيجاد حالة الهرج داخل مقر النادى بعد أن تعالت الأصوات، وحدث بعض المناوشات اللفظية، ما دعا المستشار عبدالعزيز أبوعيانة إلى اقتراح استمرار انعقاد الجمعية على أن تقدم الاقتراحات للنادى خلال أسبوع للنادى، تمهيدا لمحاولة عرضها على الغريانى. إلى ذلك نظم العشرات من أعضاء حملة دعم مطالب التغيير لازم بالإسكندرية، بالتنسيق مع حركة شباب 6 ابريل، وحركة شباب من أجل العدالة والحرية، وحركة حشد، وائتلاف شباب الثورة، وحزب الخضر، وقفة تضامنية مع رئيس المجلس الأعلى للقضاء ولجنته تحت شعار «الشعب يريد تطهير واستقلال القضاء»، أمام مقر نادى القضاة، مطالبين ب«تطهير القضاء والعمل على استقلاليته». ورفع المتظاهرون لافتات حملت عبارات «متضامنون مع قضاة مصر الشرفاء»، و«قضاء مستقل = حكم عادل ومستقل»، و«الشعب يريد تطهير القضاء».