رغم إعلان مجلس نقابة الصحفيين رفضه أى اجراءات استثنائية تشكل «تهديدا وابتزازا للمؤسسات الصحفية»، متمثلة فى إعداد قوائم استبعاد فى المؤسسات الصحفية القومية لمن عرفوا بولائهم للنظام السابق، دون اتهامات موثقة وأدلة دامغة تؤكدها أحكام قضائية، إلا أن اثنين من أعضاء المجلس المستقيلين، يحيى قلاش وعبير السعدى، أبديا اعتراضهما على الاجتماع الذى عقده المجلس أمس الأول لمناقشة مسألة الاستبعاد. «النقابة ليست معنية باستبعاد الصحفيين باعتبارها ليست جهة عمل فمن يحكمها هو قانونها الذى يحدد شروط القيد بجداولها أو باستبعاد من يفقد أحد شروط القيد»، وفقا للبيان الصادر عن قلاش والسعدى أمس. وذكر البيان أن النقابة لا تتعامل مع أعضائها وفقا لخلفيات ومواقف وآراء سياسية، وأن الحكومة هى المعنية بمعرفة من انضموا إلى الحزب الوطنى سواء فى لجنة السياسات أو أمانته العامة أو لجنة الإعلام ومن أفسدوا الحياة السياسية وساندوا النظام السابق. واقترح قلاش والسعدى تفعيل عشرات البلاغات المقدمة للنائب العام وإدارة الكسب غير المشروع من الصحفيين ضد القيادات التى تولت فى فترات مختلفة رئاسة المؤسسات الصحفية القومية، تتهمها بإهدار المال العام والفساد، وسرعة التحقيق فيها واتخاذ الإجراء المناسب قانونا. يأتى هذا فى الوقت الذى ينتظر فيه مجلس النقابة الاتفاق على موعد محدد لعقد لقاء عاجل بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس مجلس الوزراء، عصام شرف، «لوضع الأمور فى نصابها الصحيح»، حسب بيان صادر عن مجلس النقابة. ويرى وكيل نقابة الصحفيين، عبدالمحسن سلامة، أن الصحافة القومية «شهدت تطورا بعد أن أزيحت عنها قيود شديدة، وزادت مساحة الحريات لكنها تحتاج إلى المزيد»، منوها بأن كل مسئول عليه شبهة فساد مالى أو إدارى لابد أن تتخذ ضده اجراءات قانونية. وحذر سلامة من التسرع فى القرارات تحت شعار التطهير، معتبرا أن المطلوب هو تعديل قانونى تنظيم الصحافة والنقابة، وإصدار آخر لحرية تداول المعلومات فى أقرب وقت ممكن. «التغييرات التى تمت فى الصحافة والإعلام لا تمت للثورة بأى صلة».. يقولها الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمار على حسن، حيث يرى أن تغيير قيادات المؤسسات الصحفية والتليفزيون «جاء من البوابة الأمنية البيروقراطية التى كانت تتم بها الاختيارات أيام النظام المخلوع». وانتقد حسن اختيار أفراد لم يكن معروفا عنهم معارضتهم لنظام مبارك لقيادة المسيرة الإعلامية فى مصر الثورية، قائلا: «تم تفسيرها وقتها على أنها إما أن المجلس العسكرى يريد السيطرة على مجموعة إعلامية بعينها، أو التمهيد لاستمراره فى الحكم»، مشيرا إلى أن تولى شخص قريب من المؤسسة العسكرية على رأس التليفزيون يعنى وجود رغبة فى السيطرة على حرية الكلمة. «مفيش ثورة حقيقية بدون تطهير وتغيير جذرى فى ملفى الصحافة والاعلام»، هكذا جاءت رؤية عضو نقابة الصحفيين المستقيل، يحيى قلاش، الذى يرى أن الحرية هى أول شرط لتحقيق المهنية والتغيير الجذرى فيهما، داعيا لإجراء حوار شامل لإلغاء أحكام الحبس فى قضايا النشر حيث يحتوى قانون العقوبات على باب كامل لجرائم النشر. وقال قلاش إن «الحرية الحقيقية ليست حرية الهوامش والمنح، ويجب أن نستخدم الحرية التى اكتسبناها بعد الثورة بشكل صحيح كى لا نندم». ويرى قلاش أنه يجب هدم منظومة التشريعات التى تعكس فكر الاستبداد والسيطرة والمنع والتقييد وإعادة صياغتها فى ظل القانون والدستور لبناء منظومة إعلامية تصون حرية الصحافة. وتابع «أخطاء الحرية يمكن تصحيحها لكن إعلام التضليل والاستبداد يفوقها بمراحل كثيرة قد تكلف المجتمع كوارث كبرى لا يحمد عقباها»، مشددا على ضرورة إعادة تأهيل العاملين فى الإعلام، خاصة جيل الوسط الذى عاصر منظومة الفساد فى عهد مبارك، والمرشحين لتولى مناصب قيادية فى المستقبل.