يأمل سكان مدينة غزة أن يتحول الهدوء المشوب بالحذر الذي يعيشه القطاع حاليا إلى هدوء كامل متواصل، مشيرين إلى أن هذه الفترة الهادئة ساهمت بشكل جيد في تنشيط حركة التجارة، وتنفيذ بعض عمليات إعادة الإعمار، خاصة في وسط غزة. وبدا ذلك واضحا في تشييد بعض المولات التجارية الكبيرة، بخلاف إقدام أحد أشهر السلاسل التجارية العالمية "مترو ماركت" على افتتاح فرع لها في وسط غزة قبل أيام قليلة، والذي يلقى إقبالا هائلا من شريحة كبيرة، رغم ارتفاع الأسعار، "حتى إن الزائر له يشعر أنه في مكان آخر غير مدينة غزة "المحاصرة، كما افتتح أول فندق خمس نجوم في قطاع غزة، وتبلغ تكلفته نحو 45 مليون دولار، ويضم 225 غرفة وجناحا، إضافة إلى مطاعم وصالات مغلقة ومفتوحة، وأحواض للسباحة. ووصف اقتصاديون فلسطينيون في غزة هذا الاقتصاد الجديد بأنه "وهمي"، ولا يدفع إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي الحقيقي أو يخفض من معدلات البطالة، ويشهد سوق العقارات، خاصة في مدينة غزة، نشاطا وبنايات بطوابق مرتفعه لم تعتادها المدينة كثيرا في بعض شوارعها، دفعت معها الأسعار إلى أعلى بشكل لافت، فيما نبه وسطاء في السوق العقاري إلى أن الحرب الأخيرة على غزة دمرت عقارات كثيرة، ولم يبد أصحاب هذه الأبراج قلقهم أو تخوفهم من المستقبل أو حرب جديدة على القطاع تدمر هذه الاستثمارات. وأعلنت شركة فلسطين للاستثمار العقاري عن تنفيذ سلسلة من المشاريع الإسكانية، من بينها بناء خمسة أبراج سكنية في شمال القطاع، بكلفة نحو 25 مليون دولار، وللحد من ارتفاع الأسعار قامت وزارة الإسكان في غزة حديثا بطرح العديد من مشاريع الإسكان للمواطنين، وذلك من خلال جمعيات الإسكان التعاوني، أو تملك قطع أراضي لغرض السكن. وقال الخبير الاقتصادي الفلسطيني، الدكتور سمير أبو مدللة، في تصريحات لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط في غزة: إن هذه الأنشطة التجارية التي تشهدها بعض شوارع مدينة غزة الرئيسية هي مملوكة للقطاع الخاص، لذلك هي "نمو اقتصادي وهمي"، حسبما وصفها، مضيفا، أنها لن ترفع معدلات النمو الاقتصادي أو تزيد معدلات التشغيل. وأشار أبو مدللة إلى أن نسبة البطالة في غزة تزيد عن 45% (عدد سكان قطاع غزة 1.7 مليون)، ومعدلات الفقر تزيد عن 75%، كما أن 30% من موظفي القطاع العام تحت خط الفقر، وقال: إن الحصار الظالم على غزة زاد معدلات الفقر على نحو كبير، وعن بروز أنشطة تجارية كبرى فى وسط غزة مثل المولات والسلاسل التجارية رأى الدكتور سمير أبو مدللة أنها عمليات غسيل أموال لتجار الإنفاق، حسبما ذكر، وقال: إن نتائج هذه الأنشطة ستكون آثارها الإيجابية على شريحة قليلة جدا، لأنها في الغالب استثمارات عائلية، ولا يرتادها إلا شريحة بسيطة جدا من أهالي مدينة غزة. ونبه إلى أن 70% من أهالي قطاع غزة يتلقون مساعدات من مؤسات دولية مثل الأونروا، وتوقع أن يؤدي انقطاع الرواتب عن موظفي القطاع العام إلى تدهور الأوضاع بشكل أسوأ، ما يزيد صعوبة الأوضاع داخل قطاع غزة، وأعلن بنك القدس أنه سيقوم قبل بداية شهر رمضان المبارك بصرف سلفة بقيمة راتب شهر كامل لموظفي القطاع العام المحولة رواتبهم إلى فروع البنك، وقال الخبير الاقتصادي: إن هذه الخطوة تأتي قبل بداية شهر رمضان، وما يترتب على هذه المناسبات من التزامات مالية تثقل كاهل الموظفين. وقال الدكتور سمير أبو مدللة: إن استثمارات هذه الأنشطة التجارية أو أفرع السلاسل التجارية العالمية التي نراها حاليا لو كانت تصب في صالح الاقتصاد في شكل مصانع تقوم بالتصدير ستؤدي بالفعل إلى نمو اقتصادي حقيقي، يشار إلى أن هذه السلاسل والمحال التجارية الجديدة تعتمد على البضائع والمنتجات الإسرائيلية بشكل أساسي، أما المنتج الفلسطيني فيأتي في مرتبة تالية.