هناك مؤشرات ذات دلالة مهمة تربط بين الديمقراطية, وبين الأمية.. حيث إن مشكلة الأمية تعد من أكثر القضايا التي شغلت المجتمعات الإنسانية المعاصرة. وقد أثبتت الدراسات أن الأمية أحد أهم المعوقات للتحول الى الديمقراطية في الوطن العربي, وهذا بجانب أنها أيضا أحد أهم الأسباب للتخلف الإقتصادي والإجتماعي والسياسي والثقافي, حيث تعتبر أساس كل المشكلات الأخرى والتي تعيق تحسين الأوضاع المعيشية للسكان. فالتغيير للأفضل الذي يسعى اليه الجميع لا يمكن ان يحدث الا إذا ماتغيرت قدرة المجتمعات للوصول الى مستوى شروط إحداث هذا التغيير. وأولى الخطوات في هذا المجال تبدأ عادة بتحرير الإنسان من الأمية ورفع مستوى الوعي والمعرفة. ومن أجل ذلك كان محو الأمية وسيلة هامة للوصول إلى المواطنة الصالحة وتنمية الصفات الخلقية التي يحتاج إليها المواطنون في أي مجتمع ديمقراطي, وتحقيق تحسن في الحياة الاجتماعية, فمحو أمية شخص, يساعد على تقبل الأفكار الجديدة والثقة بالنفس، وممارسة حقوقه السياسية وتحقيق تقدم في العلاقات الإجتماعية. وفي الوقت الذي نجد فيه أن معدلات الأمية على مستوى العالم قد انخفضت ويشمل ذلك أيضا العديد من البلدان النامية. نجد أنه في الجانب الآخر في البلدان العربية أن هذا المعدل مازال مرتفعا بل أنه يزيد مع الزمن! وللأسف تحتل مصر المرتبة الأولى في معدل ارتفاع الأمية و وتحتل المرتبة السابعة بين أسوا عشر دول على مستوى العالم من حيث ارتفاع نسبة الأمية وذلك حسب تقرير اليونسكو 2010 لمتابعة أهداف التعليم للجميع. وتبلغ نسبة الأمية في مصر حسب التقارير الى 45% من نسبة عدد السكان! وقد أعتبرت لجنة الأممالمتحدة للسكان في بداية الخمسينات أن "الأمي" هو الذي لايستطيع أن يقرأ عبارة مكتوبة بلغة من اللغات. أما منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة "اليونسكو" فقد أعتبرت الشخص "الأمي" هو الذي لايستطيع أن يقرأ أو يكتب أو يمارس مختلف الأنشطة التي تتطلب معرفة القراءة والكتابة والحساب! ولكن في ظل التطور في مجال العلم والتكنولوجيا ظهر تعريف جديد أيضا للأمية حيث أعتبر الشخص الذي لايجيد التعامل مع الكمبيوتر هو شخص "أمي". وبذلك أصبح هناك أمية عدم معرفة القراءة والكتابة بجانب الأمية التقنية والتي يقصد بها غياب المهارات الأساسية للتعامل مع الأجهزة والتقنيات الحديثة وفي مقدمتها الكمبيوتر. وبدون شك أن هذا مؤشر ينذر بالخطر.. لأن إذا كان من أهم الشروط التي يجب توافرها للتحول نحو الديمقراطية هو القضاء على الأمية، اذن ماهو الحل في هذه المشكلة؟ أعتقد اننا بحاجه لوزير مختص فقط للقضاء على مشكلة الأمية في مصر, لأن البناء المتين يقوم على أساس متين. والعلم يرفع بيوتاً لا عماد لها والجهل يهدم بيت العز والكرم!