اعترف الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن بلاده لا تستطيع فرض قيمها على الدول الأخرى ، مشددا في الوقت نفسه على أن قيما مثل الديمقراطية أو دولة القانون تعتبر عالمية. وأكد أوباما الذي يغادر الولاياتالمتحدة مساء الثلاثاء – بتوقيت القاهرة – في طريقه إلى منطقة الشرق الأوسط في جولة تقوده إلى مصر والسعودية قبل أن ينتقل إلى أوروبا أنه يتعين على الولاياتالمتحدة أن تعطي المثال على ذلك بإغلاقها أولا مركز الاعتقال في جوانتانامو. وقال الرئيس الأمريكي في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي." : "إن الخطر كما أعتقد هو أنه عندما تعتقد الولاياتالمتحدة أو أي دولة أخرى أن بإمكاننا فرض هذه القيم على دولة أخرى تملك تاريخا مختلفا وثقافة مختلفة". لكنه شدد على أن "الديمقراطية ودولة القانون وحرية التعبير وحرية المعتقد ليست مجرد مباديء غربية يتوجب إملاؤها على هذه الدول ، بل هي بالأحرى كما أعتقد مباديء عالمية يمكن تبنيها وإدماجها في الهوية الوطنية". وأكد الرئيس الأمريكي أنه "سيشجع" الدول التي سيتوجه إليها على نشر هذه القيم ، لكنه استطرد قائلا : "أعتقد بأن الأمر الذي بإمكاننا أن نفعله بالدرجة الأولى هو إعطاء المثال الجيد ، لذلك فإن إغلاق جوانتانامو مهم من وجهة نظري مهما كانت صعوبته". وكان أوباما قد تعهد بإغلاق معسكر جوانتانامو في كوبا بحلول 22 يناير 2010 ، لكن مشروعه اصطدم بتحفظ المعارضة الأمريكية لفكرة نقل المعتقلين السابقين إلى الولاياتالمتحدة ، وكذلك تحفظ دول أخرى لفكرة استقبالهم على أراضيها. وفيما يتعلق بعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط ، أعرب أوباما عن رغبته في إعادة جدية لمفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية إلى مسارها. وأضاف في أول حديث لوسيلة إعلام بريطانية منذ توليه منصبه أن الولاياتالمتحدة : "ستتمكن من إعادة المفاوضات بجدية إلى مسارها" ، مضيفا أنه "ليس من مصلحة الفلسطينيين وحدهم أن تكون لهم دولة ، لكن للإسرائيليين أيضا مصلحة في أن يستقر الوضع .. وللولايات المتحدة مصلحة في أن نرى دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن". وردا على سؤال عن رفض الحكومة الإسرائيلية تجميد الاستيطان دعا أوباما إلى التحلي بالصبر وقال : "الدبلوماسية عمل يتطلب النفس الطويل دائما .. والنتائج لا تأتي أبدا سريعا" ، موضحا أنه يطبق المبدأ نفسه على إيران. وأضاف الرئيس الأمريكي : "ما قلته هو أنه من مصلحة العالم أن تتخلى إيران عن طموحاتها في امتلاك السلاح النووي" ، معتبرا أن أفضل طريقة للتوصل إلى ذلك هي استخدام "الدبلوماسية المباشرة". وقال : "لا أريد أن أحدد جدولا زمنيا مصطنعا ، لكننا نريد التأكد من أننا سنتمكن قبل نهاية العام من رؤية تطور جاد لعملية تتيح المضي قدما". وفي الوقت نفسه ، أدلى أوباما بمقابلة أخرى مع الإذاعة الأمريكية العامة "ناشونال بابليك راديو" قال فيها إنه من الضروري اعتماد بعض الحزم حيال إسرائيل بشأن قيام دولة فلسطينية والاستيطان في الأراضي الفلسطينية. وبرر أوباما هذا الحزم بأن الاتجاه العام في المنطقة "سلبي للغاية" بالنسبة للمصالح الأمريكية والإسرائيلية ، وأشار إلى الدعوات التي تطلق باستمرار في المنطقة لإزالة إسرائيل من الوجود من قبل منظمات متطرفة أو مسئولين كالرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. وعندما سألته الإذاعة عن شعور لدى كثيرين في الشرق الأوسط بانحياز الولاياتالمتحدة إلى إسرائيل بشكل شبه أعمى ، قال أوباما إن "الولاياتالمتحدة تقيم علاقة مميزة مع إسرائيل .. لا شك في ذلك". وأضاف "عندما قلنا ذلك ، وهو أيضا صحيح ، أردنا أن نقول إنه عندما نكون أصدقاء يعني أيضا أن نكون صادقين .. وأعتقد بأننا مررنا في أوقات لم نكن صادقين بما في الكفاية حول واقع أن الاتجاه الحالي والمسار الحالي في المنطقة بالغ السلبية ، ليس فقط بالنسبة للمصالح الإسرائيلية ، وإنما أيضا للمصالح الأمريكية". وأضاف أوباما : "قلت صراحة للإسرائيليين في السر والعلن إن تجميد الاستيطان بما فيه النمو الطبيعي جزء من هذه الالتزامات" ، مشيرا بذلك إلى أنه يرفض حجة النمو الديموجرافي لتبرير توسيع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية ، أما بالنسبة للفلسطينيين فإنه يتعين عليهم - كما قال - تحسين الوضع الأمني ومحاربة الاستفزازات المعادية للإسرائيليين لكي تكف إسرائيل عن الشعور بأنها مهددة. وجاءت تصريحات أوباما في الوقت الذي أعلن فيه وزير إسرائيلي يوم الثلاثاء أن الدولة العبرية تريد من الرئيس الأمريكي أن يلتزم بالتفاهمات التي أبرمها معها سلفه جورج بوش فيما يتعلق بالاستيطان. وقال جلعاد أردان وزير البيئة المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو متحدثا للإذاعة العامة الإسرائيلية : "حين يطلب الرئيس الأمريكي تجميد الاستيطان بما في ذلك في دور حضانة للأطفال (في المستوطنات) ، فهو يبتعد عن التفاهمات التي أبرمتها إسرائيل مع سلفه بوش". وتابع قائلا : "في 2004 ، أفاد بوش في رسالة أنه يمكن مواصلة أعمال البناء في مجمعات الاستيطان الكبرى في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) ، وقامت إسرائيل فيما بعد بناء على هذا النص بإخلاء عشرين مستوطنة في قطاع غزة" عام 2005. ومن جانب آخر وصف الرئيس الأمريكي الرئيس حسني مبارك بأنه يمثل «قوة للاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط» ، وقال فى مقابلته مع هيئة الإذاعة البريطانية ردا على سؤال: هل تعتبر الرئيس المصرى مستبدا؟ : "لا أميل إلى إطلاق التوصيفات على الأشخاص، أنا لم ألتقِ مبارك، فقط تحدثت إليه عبر الهاتف، وهو حليف قوى للولايات المتحدة على كثير من الجبهات،هو لديه سلام دائم مع إسرائيل، وهو أمر صعب للغاية فى هذه المنطقة، لذا أعتقد أنه قوة استقرار وخير فى المنطقة".