ارتفاع جديد بالكيلو.. أسعار الفراخ البيضاء والبيض الإثنين 21 أكتوبر 2024 في بورصة الدواجن    وزير الزراعة: توجيهات جديدة لتسهيل إجراءات التصالح في مخالفات البناء    حرق جثمان السنوار ونثر الرماد في البحر، قناة إسرائيلية تكشف مصير جثة قائد حماس (صور)    استهدفت إسرائيل فروعها في لبنان.. ما هي مؤسسة القرض الحسن التابعة لحزب الله؟    الاحتلال الإسرائيلى يقتحم مدينة نابلس بالضفة الغربية من اتجاه حاجز الطور    عاجل - مصير جثمان يحيى السنوار.. دفن "سري" أم ورقة ضغط بيد الاحتلال؟    وجيه أحمد: التكنولوجيا أنقذت الزمالك أمام بيراميدز    أول تعليق لمصطفى شوبير بعد فوز الأهلي على سيراميكا كليوباترا (صور)    حسام البدري: إمام عاشور لا يستحق أكثر من 10/2 أمام سيراميكا    المندوه: السوبر الإفريقي أعاد الزمالك لمكانه الطبيعي.. وصور الجماهير مع الفريق استثناء    تحذير مهم بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين.. والأرصاد تنصح: «شيلوا الصيفى»    إصابة 10 أشخاص.. ماذا حدث في طريق صلاح سالم؟    حادث سير ينهي حياة طالب في سوهاج    ناهد رشدي وأشرف عبدالغفور يتصدران بوسترات «نقطة سوده» (صور)    6 أطعمة تزيد من خطر الإصابة ب التهاب المفاصل وتفاقم الألم.. ما هي؟    «العشاء الأخير» و«يمين في أول شمال» و«الشك» يحصدون جوائز مهرجان المهن التمثيلية    إغلاق بلدية صيدا ومقر الشرطة بعد التهديدات الإسرائيلية    هيئة الدواء تحذر من هشاشة العظام    أحمد عبدالحليم: صعود الأهلي والزمالك لنهائي السوبر "منطقي"    نقيب الصحفيين يعلن انعقاد جلسات عامة لمناقشة تطوير لائحة القيد الأسبوع المقبل    «هعمل موسيقى باسمي».. عمرو مصطفى يكشف عن خطته الفنية المقبلة    الاثنين.. مكتبة الإسكندرية تُنظم معرض «كنوز تابوزيريس ماجنا»    حزب الله يستهدف كريات شمونة برشقة صاروخية    قودي وذا كونسلتانتس: دراسة تكشف عن صعود النساء في المناصب القيادية بمصر    مزارع الشاي في «لونج وو» الصينية مزار سياحي وتجاري.. صور    كيف تعاملت الدولة مع جرائم سرقة خدمات الإنترنت.. القانون يجب    واحة الجارة.. حكاية أشخاص عادوا إلى الحياه بعد اعتمادهم على التعامل بالمقايضة    هل كثرة اللقم تدفع النقم؟.. واعظة الأوقاف توضح 9 حقائق    تصادم قطار بضائع بسيارة نقل في دمياط- صور    للمرة الرابعة تواليا.. إنتر يواصل الفوز على روما ولاوتارو يدخل التاريخ    خبير استراتيجي: مصر تتخذ إجراءاتها لتأمين حدودها بشكل كامل    تصادم قطار بضائع بسيارة نقل ثقيل بدمياط وإصابة سائق التريلا    حبس المتهمين بإلقاء جثة طفل رضيع بجوار مدرسة في حلوان    ملخص مباراة برشلونة ضد إشبيلية 5-1 في الدوري الإسباني    دراما المتحدة تحصد جوائز رمضان للإبداع.. مسلسل الحشاشين الحصان الرابح.. وجودر يحصد أكثر من جائزة.. ولحظة غضب أفضل مسلسل 15 حلقة.. والحضور يقفون دقيقة حدادا على روح المنتجين الأربعة    النيابة تصرح بدفن جثة طفل سقط من الطابق الثالث بعقار في منشأة القناطر    مباراة الترسانة مع أسوان بدوري المحترفين.. الموعد والقنوات الناقلة    ضبط المتهم بقتل شخص فى عين شمس.. اعرف التفاصيل    النيابة العامة تأمر بإخلاء سبيل مساعدة الفنانة هالة صدقي    نائب محافظ قنا يشهد احتفالية مبادرة "شباب يُدير شباب" بمركز إبداع مصر الرقمية    عمرو أديب بعد حديث الرئيس عن برنامج الإصلاح مع صندوق النقد: «لم نسمع كلاما بهذه القوة من قبل»    نجم الأهلي السابق: هدف أوباما في الزمالك تسلل    حظك اليوم برج الدلو الاثنين 21 أكتوبر 2024.. استمتع بخدمة الآخرين    عمر خيرت يمتع جمهور مهرجان الموسيقى العربية فى حفل كامل العدد    سعر الذهب اليوم الإثنين بعد آخر ارتفاع.. مفاجآت عيار 21 الآن «بيع وشراء» في الصاغة    وفود السائحين تستقل القطارات من محطة صعيد مصر.. الانبهار سيد الموقف    وزير الزراعة: توجيهات مشددة بتسهيل إجراءات التصالح في مخالفات البناء    قوى النواب تنتهي من مناقشة مواد الإصدار و"التعريفات" بمشروع قانون العمل    «شوفلك واحدة غيرها».. أمين الفتوى ينصح شابا يشكو من معاملة خطيبته لوالدته    جاهزون للدفاع عن البلد.. قائد الوحدات الخاصة البحرية يكشف عن أسبوع الجحيم|شاهد    هبة قطب تطالب بنشر الثقافة الجنسية من الحضانة لهذا السبب    مدير مستشفى عين شمس: القضاء على الملاريا في مصر إنجاز عظيم    الانشغال بالعبادة والسعي للزيادة.. أمين الفتوى يوضح أهم علامات قبول الطاعة    مجلس جامعة الفيوم يوافق على 60 رسالة ماجستير ودكتوراه بالدراسات العليا    أستاذ تفسير: الفقراء يمرون سريعا من الحساب قبل الأغنياء    جامعة الزقازيق تعقد ورشة عمل حول كيفية التقدم لبرنامج «رواد وعلماء مصر»    ماذا يحدث فى الكنيسة القبطية؟    هل يجوز ذكر اسم الشخص في الدعاء أثناء الصلاة؟.. دار الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس متواطئ
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 06 - 2011

رأيته فى الصورة وقد ذبلت عيناه، وزاغت نظراته، وكبلت يداه، وانحنى ظهره. لم يشبه فى كثير أو قليل الرجل الذى كنت أعرفه باسم شتراوس كان، حين كان يلمع كنجم فى سماء المجتمع السياسى الفرنسى، ثم كرئيس لصندوق النقد الدولى. كانت صورته التى نشرتها الصحف الأمريكية ونقلتها صحف أوروبا صورة صادمة، ولكن حافلة بالمغزى، ومثيرة لإيحاءات شتى.
•••
ما قيل فى نيويورك فى تحليل الحادث وأصدائه يختلف جذريا عما قيل ويقال فى باريس ومدن أوروبية أخرى. أما جوهر الاختلاف فى التحليل فمرتبط بجوهر الاختلاف بين الثقافة الأنجلوسكسونية والثقافة «اللاتينية»، ففى الولايات المتحدة كما فى بريطانيا لا ينفصل الخاص عن العام فى حياة وسلوكيات رجل السياسة.
بينما فى فرنسا وإيطاليا، يسود الاعتقاد بأن الحياة الشخصية للقادة السياسيين ملك خاص لهم ولا يجوز انتهاكها! رأينا كيف تعامل الإيطاليون مع رئيس وزرائهم بعد نشر صور السهرات الليلية التى يقيمها فى قصوره ومنتجعاته ونشر تصريحات تدينه بالكذب وبخاصة خلال التحقيق فى علاقته بفتاة قاصر ادعى كذبا أنها من عائلة الرئيس المصرى حسنى مبارك. حينذاك اعتبرت غالبية الايطاليين أن ما يفعله سيلفيو بيرلسكونى إنما هو شأن خاص واعتبر بيرلسكونى هذا الموقف من جانب الشعب دليل على أنه يمارس ما يمارسه أو يحلم بممارسته المواطن الإيطالى العادى.
•••
من ناحية أخرى، بدا واضحا خلال أزمة رئيس الصندوق الدولى اتساع شقة الاختلاف بين مفهوم العدالة فى الثقافتين، لذلك لم يكن مفاجئا لنا أن يشعر الرأى العام الأوروبى بالصدمة للطريقة التى اعتقل بها رجال الأمن الداخلى فى الولايات المتحدة السيد شتراوس.
ففى الثقافة الأمريكية، وخلافا للمبادئ والأفكار التى ينبنى عليها مفهوم العدالة فى القانون الأمريكى، تعامل الشرطة المشتبه فيه كمتهم مدان حتى قبل أن تبدأ تحقيقات النيابة معه. يحدث الشىء نفسه فى دولنا العربية والإسلامية حيث تؤمن قطاعاتنا الأمنية بمبدأ أن المشتبه به مدان إلى أن يثبت التحقيق براءته، هذه المعاملة لا يستسيغها العقل القانونى ولا تنسجم مع مفاهيم العدالة فى فرنسا. لذلك كانت الصدمة التى أصابت الرأى العام حين شاهد أحد قادته السياسيين يساق بإهانة بدت متعمدة وبمعاملة كانت بالفعل غير إنسانية.
قرأ الأوروبيون أن الأمريكيين حبسوه انعزاليا فى زنزانة مخصصة للمشتبه فيهم من المصابين بأمراض خبيثة وأنهم نقلوه إلى مكتب الادعاء مقيدا بالأصفاد بعد أن أبلغوا وسائل الإعلام ودعوها لتصويره فى أحط الأوضاع. قرأوا أيضا أن أمريكيين تصرفوا بهمجية حين سربوا إلى أجهزة الإعلام تفاصيل سقطاته السابقة فى فرنسا وفى مقر عمله فى واشنطن.
•••
نحن كشرقيين متهمون فى الغرب بأننا من عشاق نظرية المؤامرة. وقد ذاع هذا الصيت إلى حد أن كثيرا من المثقفين العرب والإسلاميين صاروا يرددون الاتهام فى تحليلاتهم وكتاباتهم. يقولون إن العرب لا يريدون السلام مع إسرائيل لأنهم يؤمنون بأن إسرائيل والغرب خططوا لتنفيذ مؤامرة عالمية ضد نهوض العرب والمسلمين، وأننا نستسهل إلقاء المسئولية على المؤامرة الخارجية لنتفادى تحمل وزر الهزائم المتلاحقة، ونسمعهم هذه الأيام ينسجون ويدعون إلى التمثل بالغربيين الذين يرفضون نظرية المؤامرة ويعتبرونها دليل تخلف حضارى.
فى الأسبوع الماضى خرجت صحف فرنسية عديدة وتقارير من مراكز بحثية تزف إلى الرأى العام الفرنسى اقتناعها أن وراء اعتقال شتراوس كان مؤامرة سياسية. أحد هذه المراكز أجرى استطلاعا للرأى فاكتشف أن 57٪ من الشعب الفرنسى يعتقد أن شتراوس كان ضحية مؤامرة. وكتبت مجلة اكسبريس تقول إن 90٪ من تعليقات وإسهامات قرائها تعتبر أن القضية بأسرها دبرتها وأخرجتها مؤامرة.
•••
وعلى كل حال. لم تكن المرة الأولى التى يقف فيها المجتمع الفرنسى محتجا على انتهاك خصوصية رجل دولة أو سياسة فى فرنسا، إلا أن المثير فى الموضوع هو أن أكثر التعليقات التى تناولت القضية ربطتها بنيكولا ساركوزى رئيس الجمهورية، فى إشارات واضحة إلى أنه لعب دورا فى التخطيط لها وإثارتها، باعتبار أن رئيس الصندوق الدولى كان يستعد لإعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية فى يونيو 2012 منافسا لساركوزى.
كانت فرصة ذهبية ليقوم الإعلام الفرنسى بممارسة هوايته المفضلة، وهى انتقاد رئيس الجمهورية وإعادة فتح ملفات تسىء إلى هيبته وسمعته فى وقت تدنت فيه شعبيته إلى حدود لم تعرفها من قبل الحياة السياسية الفرنسية. ولم يكن من قبيل المصادفة أن تخرج للأسواق ثلاثة كتب تحكى سيرة ساركوزى، وكلها، بهذه المناسبة، تحاول معرفة الأسباب التى تدفع ساركوزى إلى بث الكراهية ضد الآخرين، حتى جلبها على نفسه.
كتب مؤلف لواحد من هذه الكتب يقول إن ساركوزى يشبه العروس الورقية أو القطنية التى يستخدمها السحرة والمشعوذون يغزونها بالدبابيس لإلحاق الضرر والألم بالخصوم والأعداء.
وكتب فرانز أوليفييه جليسبير Glesbert فى كتابه الصادر بعنوان «سيدى الرئيس» واصفا الرئيس بالقزم المتوحش القاطن فى قصر الإليزيه. وكتب آخرون عن النقص فى «فرنسية» الرئيس، وهو القادم من «لا مكان» ، ووصفه كاتب آخر بأنه «طاغية صغير يعشق المال وصحبة الأغنياء»، ومعروف برغبته الشديدة الاستفادة لمصلحته الشخصية من ولع بعض الصحفيين والكتاب بممارسة السياسة والصحافة فى وقت واحد، وهى العلاقة التى يطلقون عليها فى فرنسا «التواطؤ غير المقبول». وهى العلاقة الشائعة فى جميع المجتمعات العربية.
•••
لم أعرف شخصا اقترب من ساركوزى إلا وقال فيه رأيا قويا. فللرئيس الفرنسى تصرفات تجبر الآخرين على أن يتخذوا منها مواقف وآراء حاسمة. قرأت لكوشنير، وهو أحد السياسيين الذين اقتربوا من ساركوزى مدة غير قصيرة، عبارة يلخص فيها رأيه فى شخصية وأخلاق ساركوزى، قال «هذا الرجل له قناعات متعددة.. أم نقول هذا الرجل له قناعات متعاقبة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.