هل خطرت على بالك فكرة فرد الشعر بمادة الكيراتين؟ يجوز. ربما رأيت النتيجة واضحة على شعر إحدى صاحباتك، أو ربما عرض عليك مصفف الشعر الخاص بك خوض التجربة مؤكدا «أنك لن تندمى!» وقد تكون أيضا إحدى المقربات لك قد همست فى أذنك: «إنه تحفة رائع! يفرد الشعر ويغذيه ويمنع تساقطه ولا سحر ولا شعوذة». لكن قبل أن تقبلى على التجربة التى تجعل من «البوصة عروسة» يجب ألا تكونى فأرا للتجارب. فالسؤال واجب عن أى شىء سيقتحم الجسم والشعر. مادة الكيراتين أصبحت اليوم حديث النساء فى صالونات تصفيف الشعر والنوادى والتجمعات النسائية، حتى على المنتديات الإلكترونية تتبادل البنات نتائج التجربة. فهى اليوم أحدث صيحة لفرد الشعر فى مصر. موضة بدأت تنتشر فى الأوساط الراقية لاسيما أن سعر الخدمة قد يبدأ من 1000 جنيه ويصل إلى أكثر من 350 جنيها حسب طبيعة الشعر وطوله ونعومته ويدخل فى ذلك مدى شهرة صالون الحلاقة. وصفة سحرية أتت إلينا من البرازيل حيث الجو الاستوائى الحار والرطب. لذا فمادة الكيراتين «الطبيعية فى الأساس» تستخدم كطبقة تغطى الشعر وتساعده على الصمود إزاء تلك العوامل الجوية المؤثرة، لكن المنتج قد تم تطويره واستخدامه كوسيلة لفرد الشعر وإعطائه شكلا طبيعيا وبراقا، أفضل من وصفات الفرد التقليدية المعروفة «بالبرماننت». ما هى إذن هذه الخلطة السحرية التى تلين الشعر وتصنع المعجزات! مادة الكيراتين كما تؤكد الدكتورة هبة درويش، أستاذة الكيمياء الحيوية بكلية الصيدلة جامعة القاهرة، تعتبر من عائلة البروتينات الليفية. وهى مادة صلبة وعديمة الذوبان موجودة لدى الزواحف والطيور والبرمائيات والثدييات وتدخل بشكل أساسى فى تكوين الشعر والصوف والمخالب والجلد ومينا الأسنان ولا يضاهيها فى الصلابة بين المواد الحيوية سوى الكيتين. والكيراتين فى حد ذاته لا يشكل مشكلة على الإطلاق فهو مكون طبيعى موجود فى الجسم إلا أن المشكلة تكمن لدى بعض الشركات المنتجة التى تضيف إليه مادة الفورمالدهايد، وهى أحد مشتقات مادة الفورمالين التى تستخدم عادة فى التحنيط. وقد حذرت دراسة منشورة فى مجلة Allure magazine الأمريكية والمنشورة على الموقع الإلكترونى www.hubpages.com من خطورة استخدام الفورمالين بتركيز عال. وصرحت المجلة بأن الحد المسموح لاستخدامه فى مستحضرات التجميل والمصرح به من قبل إدارة التغذية والعقاقير الأمريكية لا يتجاوز 0،2 %. وكشفت المجلة أن النسبة الموجودة فى معظم منتجات الكيراتين المستخدم لفرد الشعر تتجاوز ال2% أى أكثر من 10 مرات من التركيز المسموح به، طبقا للمعايير التى وضعتها Cosmetic ingredient review expert panel هذه المجموعة تضم كوكبة من العلماء والأطباء الأمريكيين الذين يعكفون على سلامة صناعة مواد التجميل. وجود مادة الفورمالدهايد الذى يستخدم لفرد الشعر قد يشكل خطورة على الجهاز التنفسى خاصة، وقد يتسبب فى الإصابة بسرطانات الجيوب الأنفية والجهاز التنفسى، حسب دراسات الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية. هذا فى حين أصدرت رابطة مصففى الشعر بالبرازيل بيانا منشورا على شبكة الإنترنت يحذر من استخدام مادة الكيراتين الممزوجة بالفورمالين لفرد الشعر. أما فى مصر وعدد من البلاد العربية فغياب الرقابة الدقيقة على المنتجات يزيد الأمر سوءا إذ قد يصل تركيز الفورمالين لأكثر من 10 % خصوصا إذا أراد المصفف أن يزيد من قدرة المسحوق على الفرد. ويعتبر فرد الشعر بهذه الطريقة بيزنس يحقق ربحية عالية جدا حيث يتراوح سعر الزجاجة بين 100 و500 دولار وهى تكفى لحوالى 8 زبائن أى أن هامش الربح يزيد على 500%. من المهندسين لمدينة نصر فى صالونات التصفيف القاهرية بدأت هذه البدعة تسرى مثل النار فى الهشيم. بعض الكوافيرات يعكفون على إقناع الزبائن بأن الموضوع آمن ولا يوجد خطورة منه مطلقا إلا أن أديب أحد المصفففين اللبنانين وصاحب صالون بالمهندسين يؤكد بحذر: « الموضوع يتوقف على مدى جودة المنتج، فأنا عادة استخدم نوعا غالى الثمن أستورده من البرازيل يكون تركيز الفورمالين فيه أقل أو معدوما حسب طلب الزبونة، فبعضهن يعترضن عندما أستخدم الكيراتين الطبيعى فقط الذى لا يؤدى للفرد بل لمجرد حماية وتليين الشعرة. لكننى فى الواقع متعجب من أن الفورمالين يمثل كل هذه الخطورة خصوصا أنه يدخل فى تركيب الكثير من مستحضرات التجميل والشعر». بعض الصالونات الأخرى تحاول إقناع الزبائن بأنها تستخدم الكيراتين على البارد دون تسخين ودون فورمالين. فسهير. س صاحبة مركز تجميل بمدينة نصر تقول إنها تستخدم الكيراتين كمغذٍ للشعر فقط وتقوم بعمله على مرحلتين الأولى للفرد والثانية للتغذية. هذا بينما تؤكد الدراسات المنشورة أن الكيراتين ليس له أى علاقة بفرد الشعر، فالفورمالين هو الأساس. استهوى بيزنيس الكيراتين بعض ربات البيوت كشهيرة التى بدأت بتطبيق التجربة على نفسها فى أحد الصالونات الكبيرة ثم قررت أن تعمل بهذا المجال. سافرت إلى ماليزيا حيث حصلت على دورة فى كيفية استخدام الكيراتين ثم عادت لتبدأ مشروعها الخاص. فهى تقوم باستيراد المنتج وتقدم خدمة التوصيل للمنازل (شراء المنتج + الفرد الذى يتم عند الزبونة) بسعر أقل من السوق والصالونات. فالسيدة شهيرة تعمل على تقديم هذه الخدمة مقابل 1000 جنيها بل وتقدم أحيانا خصما يصل إلى 10 % للأصدقاء والأقارب! وهى تضيف: «المشروع بدأ منذ عامين ولم يشتك أحد من مرض أو أعراض مرض». هناك صالونات أخرى تقدم نفس الخدمة لكن بشرط إخطار الزبونة بمدى خطورته. فصالون صبايا الذى تملكه النجمة المعتزلة حنان ترك يطرح هذه الحقيقة على الزبائن «لكن إذا أصرت الزبونة على عمله نستحضر لها من يقوم بهذه المهمة، على أن يتم الموضوع على مسئوليتها الخاصة» وهو إجراء بدأ بالفعل اتخاذه من قبل بعض الصالونات فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث ينتشر استخدام المنتج لا سيما بين الملونين. المشكلة هى أن الضرر لا يصيب الزبونة وحدها ولكنه يصيب فى المقام الأول المصفف نفسه ومساعديه وكل المتواجدين، حيث تنطلق رائحة الدخان بالمكان ويستخدم غالبا المصفف والعميلة كمامة خاصة. على هذا النحو يتم تقليل أضرار أبخرة الفورمالين المتصاعدة من جراء استخدام المجفف الكهربائى، كما يتم أحيانا استخدام وسائل التهوية كالمراوح والشفاطات القوية. وعلى الرغم من أن هذه الإجراءات قد تقلل من احتمالات الإصابة لكنها لا تمنعها بالكامل. فبين رغبة النساء فى أن يظهرن جميلات وحرص الصالونات على تلك الدجاجة التى تبيض ذهبا تبقى كلمة أخيرة للأطباء. حتى عام 2004، كان هناك جدل حول مادة الفورمالين، وأخيرا تم إدراجها من قبل المعهد الوطنى للأورام بأمريكا ضمن قائمة المواد التى تسبب سرطانات البلعوم، خلف الأذن، الجهاز التنفسى لكن بشرط التعرض له بكميات مكثفة لفترة طويلة. ويزداد احتمال الإصابة مع المدخنين. لكن للحصول على نتائج أكثر دقة، أعتقد انه آن الأوان لإجراء تجارب معملية للتعرف على نسبة إصابة السيدات التى أجريت لهن تجربة الكيراتين حتى تكون الأمور واضحة قبل أن نهاجم منتجا أو نشجع استخدامه كما صرح الدكتور لؤى الشرقاوى أستاذ الأنف والأذن والحنجرة بكلية الطب جامعة القاهرة.
