لا يخجل بعض السفهاء، من ترديد مقولة إن ثورة 25 يناير هى صناعة أمريكية، كما لا يخجل بعض الأغبياء وهم يكررون وراءهم هذه المقولة بصورة أو بأخرى، دون التفكير ولو «فيمتو ثانية» كى يحاولوا اختبار صحة ما يلوكونه كالببغاوات. كل الإعلام العربى الرسمى حاول ولايزال تصوير أن كل الثورات والانتفاضات العربية هى محض مؤامرة أمريكية إسرائيلية، الاستثناء الوحيد كان الإعلام البحرينى الذى ينسب ما يحدث هناك إلى «مؤامرة إيرانية». هذا الاعلام الرسمى فاشل ومرتزق لأنه الأكثر دراية أن النظم التى يدافع عنها عملت لصالح أمريكا و إسرائيل «برخصة رسمية». يعلم الجميع أن فرنسا ومعها الغرب هى الأكثر تضررا من سقوط نظام زين العابدين بن على فى تونس، وروجوا لنموذجه المعادى للعروبة وللإسلام باعتباره رائد العلمنة. ويعلم الجميع أن أكثر دولة حزنت ولاتزال على سقوط مبارك كانت إسرائيل لأنه «كنزها الاستراتيجى» على حد تعبير قاتل الأسرى المصريين بنيامين بن أليعازر. بعد إسرائيل تأتى أمريكا حزنا على مبارك لأن نظامه «أمم أو أمرك» المنطقة بالكامل لصالح مخططاتها. حتى النظام السورى الذى يعيش الآن أيامه الأخيرة، ويدعى زورا أنه مقاوم، يعلم الجميع أنه الخيار الأفضل لتل أبيب لأنه ببساطة لم يطلق رصاصة واحدة ضدها منذ حرب 1973، وبالتالى فإن سقوطه لن يفرح إسرائيل.. نفس الأمر ينطبق على «النظام العبثى المناهض لكل منطق» فى ليبيا. استمرار مثل هذه النظم وكل من على شاكلتها، هو السبب الوحيد الذى يجعل إسرائيل تزدهر بل و«تتفرعن وتعربد» فى كل المنطقة. الذى يزعج إسرائيل أن تتحرر البلدان العربية من طواغيتها وتشرع الشعوب فى ممارسة الديمقراطية وبالتالى تبدأ فى التعلم والعمران والتنمية.. ثم التقدم. لو حدث ذلك فإن انتصارنا على إسرائيل وتحرر كل فلسطين.. لن يكون إلا مسألة وقت. إذا كان الأمر كذلك، فما الذى يدفع أمريكا إلى نسج مؤامرة كى تخلع هذه النظم التى كانت عميلة سواء رسميا أو ضمنيا؟! يقولون لك إن هذه المنظمة أو تلك تلقت أموالا، أو تلقت تدريبات فى أمريكا أو إسرائيل وأحيانا فى قطر أو حتى بورما من أجل إسقاط الحكومات. حتى لو حدث ذلك.. فهل النتيجة أن هذا الإنجاز العظيم منذ يوم 25 يناير، كان مؤامرة أمريكية حركتنا بالريموت كنترول؟!. الذين يقولون ذلك أو يصدقونه يوجهون أكبر إهانة للشعب المصرى ولأى شعب عربى ثار ضد الظلم والطغيان، وفى نفس الوقت هم ينسبون شرفا لأمريكا ولغيرها لا تستحقه. فى مصر كان هناك استبداد وهوان وموات.. ثار الشعب وكسر حاجز خوفه، فكيف نسلب من هذا الشعب أفضل ما صنع؟!. الإدارة الأمريكية ظلت متذبذبة ومتأرجحة، طوال أيام الثورة، لكن بعض الأذكياء فيها وعندما أدركوا أن الشعب سيزيح مبارك لا محالة، تنحوا جانبا حتى سقط النظام، وهكذا فعلت أوروبا. وهكذا يفعلون الآن مع ليبيا ومع سوريا وسيفعلون مع أى دولة أخرى.. هم عمليون براجماتيون نفعيون يؤيدون من ينفذ ويحمى مصالحهم حتى لو كان الشيطان، ويرمونه مثل ورقة الكلينيكس فى أقرب صندوق قمامة عندما يستنفد أغراضه، وهو ما فعلوه مع بن على ومع مبارك وسيفعلونه مع كل الطغاة الذين سيسقطون قريبا إن شاء الله. هل أدركتم الآن من هو فعلا عميل أمريكا وإسرائيل؟!