اتخذ مجلس الوزراء الأردني، اليوم الخميس، سلسلة إجراءات إضافية لترشيد استهلاك الطاقة، عقب توقف ضخ الغاز الطبيعي المصري للمملكة، أمس الأربعاء، عقب تعرض خط الغاز العربي بمدينة العريش لعمل تخريبي، على أن تبدأ تلك الإجراءات بمؤسسات الدولة والمرافق العامة، وتحث المواطنين على التعاون في ترشيد استهلاك الطاقة. وبحث المجلس -في جلسة استثنائية عقدها برئاسة الدكتور معروف البخيت، رئيس الوزراء الأردني- تداعيات نقص إمدادات الطاقة، نتيجة توقف إمداد الغاز الطبيعي من مصر، حيث استمع إلى شرح قدمه وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني، الدكتور خالد طوقان، حول الأعباء المترتبة على استبدال الوقود الثقيل بمادة الغاز في إنتاج الطاقة الكهربائية، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار النفط العالمية. الإجراءات الإضافية وبحث المجلس بناء على المعلومات والوقائع المستجدة الإجراءات المطلوب اتخاذها، للتعامل مع الأثر المالي لهذه المستجدات على خزينة الدولة، بالإضافة إلى بحث سبل إيجاد مصادر بديلة بالسرعة الممكنة، لتعزيز الاحتياطي المتوفر لدى المملكة من الوقود الثقيل والمشتقات النفطية الأخرى ولمدد أطول، والبدء بإجراء اتصالات مع الدول الشقيقة والصديقة لتزويد المملكة بالكميات المطلوبة. كما قرر مجلس الوزراء إجراءات إضافية لترشيد استهلاك الطاقة، تشمل إطفاء الإنارة الداخلية والخارجية لمؤسسات الدولة ليلا، ووقف استخدام المكيفات في مؤسسات الدولة حتى إشعار آخر، وتخفيض استهلاك السيارات الحكومية من الوقود بمقدار 25 لترا من استهلاك كل سيارة شهريا، إلى جانب إيقاف استخدام السخانات الكهربائية في مؤسسات الدولة. كما تضمنت الإجراءات إطفاءً جزئيا لإنارات الشوارع داخل المدن، وإطفاء كليا لإنارات الطرق الخارجية بعد الساعة العاشرة مساء، مع السماح باستخدام جزئي لمادة الفحم البترولي في القطاع الصناعي، ودعوة المحال والشركات التجارية لإطفاء لوحات الإعلانات المضاءة كهربائيا بعد الساعة العاشرة مساء. التفجير الأول وكان تفجير في أنابيب الغاز الذي يزود الأردن من مصر قد أدى إلى توقف إمدادات الغاز إلى المملكة، والتي بلغت قبل توقف الضخ 150 مليون قدم مكعب يوميا، وهي المرة الثانية التي يتعرض فيها خط الغاز لتفجير، حيث كانت المرة الأولى في 5 فبراير الماضي، وأدت أيضا إلى توقف ضخ الغاز للأردن، وعاد مرة أخرى منتصف الشهر الماضي قبل أن يتوقف أمس الأربعاء نتيجة الانفجار الثاني للخط. وأعاد الاعتداء الذي وقع على خط الغاز الطبيعي في مدينة العريش، أمس الأربعاء، محطات توليد الكهرباء في الأردن إلى الاعتماد على الوقود البديل، وهو زيت الوقود والديزل. وتؤكد الحكومة الأردنية توفر احتياطي مناسب في محطات توليد الكهرباء من زيت الوقود الثقيل والديزل، يكفي لتشغيل محطات التوليد لمدة لا تقل عن أسبوعين. وأوضح أن العمل يجري حاليا بالتنسيق مع شركة مصفاة البترول الأردنية وشركة الكهرباء الوطنية، لضمان توفير الكميات اللازمة للاستمرار بتشغيل المحطات، لحين معرفة وضع الغاز الطبيعي والفترة المتوقعة للتوقف، بالإضافة إلى العمل على رفع كميات الكهرباء المستوردة من مصر عبر خط الربط الكهربائي. ومن المتوقع أن يرفع تحول محطات توليد الكهرباء العاملة في الأردن إلى الوقود البديل تكلفة توليد الكهرباء، ما يزيد الأعباء المادية على شركة الكهرباء الوطنية التي عانت العام الماضي من خسائر تقدر بحوالي 160 مليون دينار، وسط تقديرات بأن التكلفة الإضافية لتضرر خط الغاز المصري تقدر يوميا بحوالي ثلاثة ملايين دينار، تتحملها شركة الكهرباء الوطنية المملوكة بالكامل للحكومة الأردنية (الدولار الأمريكي يعادل 0709 دينار أردني). وواجه الأردن منذ بداية العام 2010 نقصا في كميات الغاز الطبيعي المستوردة من مصر، حيث أدى نقص الكميات إلى زيادة الاعتماد على الوقود البديل (زيت الوقود والديزل)، وارتفاع تكاليف إنتاج الطاقة الكهربائية اللازمة لتلبية احتياجات النظام الكهربائي، حيث بلغت الكميات الموردة إلى الأردن العام الماضي ما نسبته حوالي 70% من إجمالي الكميات المتفق عليها بين الطرفين، في حين تقلصت هذه الكميات إلى حوالي 50% بعد الاعتداء الأول على خط الغاز في مدينة العريش في 5 فبراير الماضي. وتقضي اتفاقية تزويد الأردن بالغاز الطبيعي، الموقعة بين مصر والأردن في 2001 ولمدة 15 عاما، بتوريد 240 مليون قدم مكعب يوميا للمملكة (2.4 مليار متر مكعب سنويا)، وهذه الكمية تكفي لإنتاج بين 60- 65% من احتياجات المملكة من الكهرباء والنسبة المتبقية يتم إنتاجها بواسطة الوقود الثقيل، وهناك تقديرات أخرى تقول إنها تغطي 80% من احتياجات الأردن من الكهرباء. وكان البلدان قد اتفقا في يوليو 2010 على كميات إضافية، بحيث يرتفع الحجم إلى 300 مليون قدم مكعب يوميا (3.3 مليار متر مكعب سنويا)، إلا أنه لم يتم بعد توقيع الاتفاقية. الخيارات الأردنية لاستيراد الغاز الطبيعي وفيما يتعلق بالخيارات الأخرى المتاحة أمام الأردن لاستيراد الغاز الطبيعي يرى المراقبون والخبراء أن المشاريع المتعلقة بالطاقة مشاريع إقليمية، وتتطلب بنى تحتية وخطوطا وشبكات دولية، أي أن الكثير من الخيارات المطروحة تندرج ضمن المشاريع طويلة المدى، فيما أن هناك خط غاز يصل بين الأردن ومصر، وهو من أفضل الوسائل المتوفرة للنقل، وأقلها كلفة، وهو ما جعل من التوجه نحو استيراد الغاز المصري الخيار الأكثر ملاءمة للأردن. ومن الخيارات الأخرى المقترحة أمام الأردن للتغلب على مشكلة نقص الطاقة، استيراد الغاز الطبيعي من الجزائر، على أن يتم الاستيراد على شكل غاز مسال يعاد التعامل معه لاحقا، إلا أن هذا النوع من المشاريع يحتاج إلى بنية تحتية واستثمارات هائلة جدا، فضلا عن أن هناك خيارا طُرح، ويتضمن التوجه لاستيراد الغاز من أذربيجان، والتي أبدت استعدادها لتزويد الأردن بالغاز، غير أن هذا المشروع يصبح خيارا متاحا في حال وصل في شبكة الخطوط مع تركيا وهو غير متوافر. كما بحثت الحكومة الأردنية أيضا الكثير من الخيارات المتاحة لاستيراد الغاز الطبيعي، ومن ضمنها استيراده من العراق، ولكن هذا الخيار يظل مرهونا باستقرار الأوضاع الأمنية، بالإضافة إلى الحاجة إلى خط نقل غاز يربط دول محددة، ومن المشاريع الأخرى التي طرحت مؤخرا التفاهم الأردني- القطري لتزويد المملكة بالغاز، والذي يتطلب تنفيذه حزمة إجراءات فنية في ميناء العقبة، وتجهيز البنية التحتية اللازمة لعملية استيراد الغاز القطري. ويرى مسؤولون أردنيون أن جميع الخيارات من الدول العربية المطروحة تحتاج إلى بنية تحتية مجهزة وكلف مالية هائلة، الأمر الذي وضع خيارات أخرى للبحث، ومنها استئجار سفن تستخدم كمخزن للغاز، وما زالت دراسات لهذا الخيار قائمة من الجهات المعنية. ويستورد الأردن نحو 96% من إجمالي الطاقة المستهلكة، وقدرت التكلفة الإجمالية للطاقة في عام 2009 بنحو 1916 مليون دينار لتشكل 12% من الناتج المحلي الإجمالي. وتشير إحصاءات رسمية إلى أن معدل النمو السنوي المتوقع للطلب على الطاقة الأولية في الفترة 2008 و2020 يبلغ 5.5%، فيما يبلغ معدل النمو السنوي المتوقع للطلب على الطاقة الكهربائية حوالي 7.4%.