فى الوقت الذى قررت فيه وزارة الداخلية الإفراج عن 1014 من السجناء الذين تنطبق عليهم شروط العفو بمضى نصف مدة العقوبة بمناسبة ذكرى تحرير سيناء، أصبحت سجون مصر فوق صفيح ساخن اليوم بعد اعتراض آلاف من المسجونين على عدم العفو عنهم أسوة بزملائهم، وأعلن أكثر من 40 ألف سجين على مستوى الجمهورية دخولهم فى اعتصام اعتراضا على عدم الإفراج عنهم. بدأت حالة التذمر أمس الأول، وهدد بعض المسجونين بإشعال النار فى متعلقاتهم الشخصية وتدمير السجون من الداخل والاعتداء على الحراس وأخذهم رهائن حتى يخرجوا من السجن مثل زملائهم، مثلما حدث فى سجن القطا الذى شهد أحداث عنف أخيرة بين المساجين وبين الحرس. ووفقا لقرار المجلس العسكرى باعتبار ذكرى تحرير سيناء إحدى مناسبات العفو عن السجناء بمضى نصف المدة والإفراج عن المسجونين، قرر منصور العيسوى وزير الداخلية، الإفراج عن بعض المسجونين بعدما أسفرت اللجان المشكلة من قطاع مصلحة السجون لفحص ملفات نزلاء السجون على مستوى الجمهورية عن انطباق شروط العفو على البعض فتقرر الإفراج عنهم من بوابات السجون مباشرة. وتواصل اللجان عملها بفحص ملفات 4488 من المسجونين المحكوم عليهم بالتزامات مالية تم إعلانهم باستيفاء تلك الالتزامات من خلال تكليف وكلائهم القانونيين وذويهم باعتماد من النيابة العامة حتى يتسنى استكمال باقى إجراءات العفو والإفراج عنهم خلال الفترة القادمة. لكن فى سجن القطا كانت الأجواء أكثر سخونة وعنفا حيث انقطعت التعاملات بين المساجين والضباط فى السجن، ولم يصل الطعام إليهم بعد إشعال النار فى مخازن المواد الغذائية والمخبز. ويحصل المساجين على الطعام عن طريق إلقاء أجولة الأرز والخبز أمام العنابر ليلا ويخرج المساجين لالتقاطها وإعداد الطعام، وتسمع يوميا أصوات طلقات الرصاص داخل السجن لإرهاب المساجين. وفى اتصال تليفونى مع أحد المسجونين بسجن القطا، قال: «نريد الخروج من السجن بأى طريقة بعد الثورة لأن اغلب القضايا التى تم حبس المواطنين فيها اغلبها قضايا «مفبركة» وتم اتهام العديد من المساجين ظلما خصوصا فى قضايا المخدرات التى تكتب فيها محاضر واحدة ويختلف فيها الأشخاص فقط كما أن هناك ظلما شديدا وقعه ضباط المباحث على المسجلين خطرا الذين رفضوا التعاون مع الضباط وتلفيق قضايا لمواطنين ليس لهم ذنب حتى يجمع الضابط عددا من القضايا ويقدمها لوزارة الداخلية ليؤكد فيها أنه يعمل ويقبض على الخارجين عن القانون وهناك آلاف المساجين داخل السجون تم الزج بهم بهذه الطريقة. وأضاف السجين: «هناك مساجين لهم مواعيد معارضة فى الحكم ولم يذهبوا لها وهؤلاء كثيرون وذلك بسبب الأوضاع التى نعيشها فى السجن، حيث إن الحراس يطلقون النار علينا ليلا ويهددوننا بالقتل لفض اعتصامنا داخل السجون وفشلت جميع المفاوضات بيننا وبين الحراس لانعدام الثقة تماما بيننا وبينهم، حيث يتعاملون معنا كالحيوانات حيث يلقون الطعام على باب العنبر وعندما نخرج لأخذه يطلقون علينا النار وهناك مصابون كثيرون فى العنابر بدون علاج بسبب الأوضاع السيئة التى نعيشها فى السجن»، متابعا: «نطالب بلجنة من حقوق الإنسان للتحقيق فى الأوضاع التى نعيشها داخل السجن فلم نحصل على زيارة لأسرنا منذ بداية الثورة ونعيش فى عنابر غير صحية بالمرة وبعضنا لم يجد العلاج والبعض الآخر من المسنين مهدد بالموت داخل السجون». لكن من جانب آخر قال أحد الحراس بالسجن إنه لم يتمكن من دخول العنابر بعد أن أشعل المساجين النار فى مخزن المواد الغذائية وتم تدمير كل الحجرات المجاورة للعنابر، كما أن المساجين يحملون سيوفا تم إعدادها داخل السجن بطريقتهم الخاصة ونخشى الدخول عليهم بعدما اتخذوا من احد المجندين رهينة لهم لأنهم يريدون ان يخرجوا جميعا من السجن بأى طريقة دون اتباع التعليمات والإجراءات التى تتم فى هذه الحالات». وقال ضابط، رفض ذكر اسمه إن «سجن القطا يتعرض يوميا لإطلاق النار من الخارج وتجمهر من اهالى المساجين يوميا ويزداد إطلاق النار على السجن ليلا فى الفترة المسائية حتى الصباح رغم وجود قوات الجيش حول السجن ورغم تشديد الحراسة على السجن من الخارج إلا ان الأمر أصبح صعبا بعد تهديد المساجين بإشعال البطاطين وتدمير السجن من الداخل وسط رفض المساجين التفاهم حول كيفية الخروج واتباع الإجراءات القانونية». وشهد أيضا سجن طرة شديد الحراسة حالة من التذمر والاعتصامات داخل السجن والتنديد بعدم خروجهم جميعا فى يوم تحرير سيناء وارتفعت صرخاتهم أمس منذ الصباح ونددوا بأسلوب التعامل معهم وقال أحدهم: لماذا تتعامل الحكومة مع السجناء السياسيين بطريقة أفضل من الجنائيين الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية فى قضايا ملفقة من جهاز الشرطة. وطالب السجناء بالإفراج عنهم بأى طريقة وإعادة محاكمتهم من جديد بعد الثورة حتى تظهر الحقيقة. أما فى سجن أبو زعبل الذى شهد أعنف هجوم فى الانفلات الامنى فقد ازدادت حالات التذمر من المساجين وأصبحت شديدة اللهجة بسبب عدم الإفراج عن بعضهم والذين كانوا ينتظرون أن يشملهم العفو بعد رفضهم الهرب مثل زملائهم وقال احد السجناء اننى وبعض الزملاء رفضنا الهرب وجلسنا فى السجن أياما عديدة دون أن نجد طعاما بعد اقتحام السجن وتدميره وانتظرنا حتى تتأكد الحكومة أننا أسوياء ويتم بعد ذلك الإفراج عنا بالطريقة القانونية ولكن للأسف لم يشملنا العفو والإفراج عنا رغم أننا أحق ممن قضى نصف المدة لان هروبنا كان أسهل من الانتظار لحصولنا على الإفراج. وأضاف السجين فى اتصال هاتفى انه مع زملائه يضربون عن الطعام يوم تحرير سيناء تضامنا مع زملائهم فى السجون وقد وصلت رسائل لهم على أجهزة المحمول بذلك. ومن أبو زعبل الى سجن الفيوم الذى شهد قبل أيام تذمرا جديدا راح ضحيته سجينان وأصيب العشرات بسبب الإفراج الشرطى فقد قضى المساجين فيه ليلة حزينة تخللها فرحة لبعض المسجونين المفرج عنهم حيث قال السجناء إنهم مستمرون فى اعتصامهم حتى يتم سماع صوتهم وإنقاذ باقى المساجين من الحياة البائسة التى يعيشونها وأنهم يعتصمون اليوم أملا فى النظر فى حالتهم والإفراج عن بعضهم. وحول الأحداث التى تشهدها السجون اليوم قال مصدر أمنى إن السجون تتعرض يوميا للضرب بالنار وتشهد العديد من التظاهرات خارج السجن ومن داخله بعد تسرب العديد من أجهزة المحمول وهناك إطلاق نار يتم بصورة عشوائية على السجون وذلك لان جميع المساجين يريدون الخروج من السجن والبعض الآخر يحاول الهرب وقد ضبطنا العديد من الممنوعات بينها أسلحة نارية وطلقات ومخدرات ومئات من أجهزة المحمول وهناك اتفاق بين اهالى المسجونين وبين المسجونين لإحداث مشاكل لاقتحام السجون وقد طلبنا من الاهالى ان ينتظروا قرار القوات المسلحة ولكن لم تعجبهم الإجراءات التى تم على أساسها الإفراج عن المسجونين وهناك 5 الاف يتم الآن تجهيزهم للإفراج عنهم بعد سداد الالتزامات المقررة عليهم. وأضاف المصدران هناك 8 آلاف سجين هارب أغلبهم محكوم عليه بأحكام مشددة يشكلون خطرا على المجتمع ويوميا نسمع عن أعمال بلطجة فى الشوارع وكل ذلك يحتاج الى مشاركة مجتمعية لإنقاذ السجون من اقتحامها وتهريب المساجين منها وأننا قد وضعنا خطة لتشديد الحراسة على كافة السجون لمنع اى أحداث شغب ونحاول بقدر الإمكان تنفيذ برامج الزيارة لاطمئنان كل أسرة على ذويها ونحاول بقدر الإمكان تهدئة أوضاع المسجونين فى ظل الظروف الصعبة التى نعيشها.