كما أعادت الثورة الروح للحياة السياسية اعادتها للفيلم التسجيلى الذى كان مهمة ثقيلة على قلب السينمائيين وكانت مهرجاناتنا السينمائية تبحث عنه كمن يبحث عن إبرة فى كومة قش، لكن مع اندلاع الثورة وكما كان ميدان التحرير قبلة للباحثين عن الحرية والتغيير اصبح قبلة الحياة لهذا الفن الذى كاد يحتضر فخرجت عشرات الأفلام لأسماء كثيرة بحثا عن تسجيل فنى للاحداث وخرجت عشرات اخرى من الهواة لتؤكد موهبتها وبين هؤلاء وهؤلاء عاد الفيلم التسجيلى للشارع بعيدا عن نمطية الطرح الذى كان يقدم أعمالا بعيدة عن الناس بتقديم سيرة القصور والمساجد والكنائس فقط لفترات طويلة.. «الشروق» تابعت عودة الفيلم التسجيلى وفرحة السينمائيين بنجاته فى هذا التحقيق. المخرج فؤاد التهامى رئيس جماعة السينمائيين التسجيليين سعيد بعودة الروح للسينما التسجيلية وان كان ينتظر جهدا أكبر ويقول: الثورة أنعشت السينما التسجيلية كما انعشت اشياء كثيرة فى البلد، والفيلم التسجيلى دائما كنت أقول إنه يحتاج إلى تضحية كبيرة من صانعه لأن الإعلام الرسمى يتعامل مع نوعية واحدة من الأفلام تلك التى كانت تبحث فى ذكريات القصور وغيرها لكن الثورة والكاميرا الديجيتال الصغيرة التى لا تحتاج إلى تصاريح أمنية تقود الفكرة جعلت هناك رغبة كبيرة فى تقديم أفلام تسجيلية عن الثورة وفى رأيى أن أغلب هذه الأفلام تنتمى إلى الأفلام الإخبارية أكثر من أى شىء وهى الأفلام التى ترصد وتسجل حدثا كبيرا مثل الثورة ولكنها ليست أفلاما ذات معان كبيرة وتناقش القضايا الكبيرة وهى التى تحتاج الى جهد مختلف فى البناء والتحضير وتحتاج إلى وقت أكبر. فؤاد التهامى أكد أن الجماعة سوف تستقبل هذه الأفلام وتقوم بعمل حلقات نقدية لمناقشتها مع صناعها الذين اكد انه فخور بهم وبأنه سوف يدعمهم من أجل خلق جيل جديد من السينمائيين. حرية «الشعب يريد» هو عنوان الفيلم التسجيلى الذى يقوم بإخراجه المخرج أحمد رشوان فى 50 دقيقة وهو ما يقول عنه: الفيلم يأخذ شكل اليوميات وفى جزئه الأخير يطرح رؤيتى عن الثورة واستمرارها والحقيقة اننى قررت أن أقدم فيلما تسجيليا الآن لأنى شعرت أننى أريد أن أوثق هذه المرحلة وفقا لرؤيتى الخاصة والحقيقة أن للثورة فضلا عظيما فى إعادة الروح لأشياء كثيرة فكما عادت الناس لتقرأ الصحف وعادت الى المناقشات السياسية لا تستطيع أن تفصل السينما التسجيلية عن الواقع فكان من الطبيعى أن تعود الأفلام التسجيلية وأنا أرى أن التوثيق الآن مهم كما أن تقديم أفلام وثائقية بعد فترة مهم أيضا وربما اقدم فيلما مختلفا بعد عام. رشوان الذى قدم عددا من الأفلام المستقلة وقدم فيلما روائيا طويلا هو ليلة سقوط بغداد واثق من استمرارية صحوة الفيلم التسجيلى فيقول: أعتقد أن الأمور اختلفت الآن وهذا ايضا بفضل الثورة واعتقد أن المجال أصبح مفتوحا أمام الجميع لتقديم أعمال تسجيلية بحرية وعمق بعد أن زال الخوف وبعد أن أصبحت التكنولوجيا فى متناول الجميع وبعد أن أصبح هناك اهتمام كبير بالتكنولوجيا والوسائط الإلكترونية وأنا أعتقد أن القنوات الفضائية الكثيرة الجديدة سوف تفتح الباب أمام الفيلم التسجيلى إضافة إلى المهرجانات التى سوف ترحب بالفيلم التسجيلى الجرىء والمهم وهى اشياء سوف تشجع استمرار الحركة التسجيلية الجديدة. عرض عام الناقد محمد عبدالفتاح يرى أن الثورة أعطت قبلة الحياة للفيلم التسجيلى وعلى السينمائيين أن يستغلوا ذلك ويقول: مشكلة الفيلم التسجيلى سواء كان قصيرا أو طويلا أن الناس لا تتذوق جمالياته بسهولة خاصة أنه لا يعرض عرضا جماعيا فى دور العرض وكان أصحابه يجعلون عرضه نخبويا بدعوة عدد من أصدقائهم فى مكان محدود ليشاهدوه إضافة إلى عناصر التغييب التى كرهت الناس فى الفيلم التسجيلى الذى كان يعرض أفلام القصور والآثار والتى ربما كانت تصيب الناس بالملل، والحقيقة أن ميدان التحرير كان فرصة مهمة لعودة الروح للفيلم التسجيلى فالبعض أراد أن يسجل الحدث وفقا لرؤيته والبعض أراد أن يوثق الحدث العظيم والبعض أيضا أراد أن يثبت وجوده فى الميدان فزادت الأفلام التسجيلية خاصة بعد أن انتشرت الكاميرات الصغيرة والكاميرات الديجتال وهى فرصة طيبة جدا لعودة الفيلم التسجيلى إلى مكانه الطبيعى والحقيقة أن الثورة هى السبب فى ذلك. ويضيف عبدالفتاح: أتمنى أن تتعامل الرقابة مع هذه الأفلام بوعى مختلف يتيح استمرارها وأتمنى أيضا أن يضغط السينمائيون لعرضها عرضا عاما فهذه الأفلام هى التى سوف تعيد اكتشاف المصرى من جديد وأعتقد لأنها سوف تكون فرصة جيدة لربط الفيلم التسجيلى بالواقع.
