رئيس أكاديمية الشرطة يوجه رسالة للخريجين: "اجعلوا مصر أمانة في أعناقكم"    عميد "تمريض الإسكندرية" تتفقد قاعات المحاضرات لاستقبال الطلاب الجدد    استقرار نسبي في سوق العملات: الدولار يتراوح بين 48.28 و48.62 جنيه مصري    جهود محلية ناصر ببني سويف في ملفات النظافة والتعديات ومتابعة مستوى الخدمات    حسن نصر الله وحزب الله.. تاريخ المواجهة مع إسرائيل    روسيا: الدفاعات الجوية تسقط 125 طائرة مسيرة أوكرانية فوق عدة مناطق روسية    سلطنة عمان تدعو لوقف القتال في المنطقة ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع    شريف عبد الفضيل يكشف أسباب هزيمة الأهلي أمام الزمالك    تحرير 170 محضرًا لمخالفات بالأسواق والمخابز في بني سويف    إصابة 14 شخصا في انقلاب سيارة ميكروباص بقنا    الفنانة شيرين ضيفة برنامج "واحد من الناس" مع عمرو الليثي.. الإثنين    على هامش معرض كتاب "الصحفيين".. غدًا عرض فيلم "الطير المسافر.. بليغ عاشق النغم"    الصحة تنظم برنامجا تأهيليا لأطباء الصدرية بالتعاون مع الجمعية المصرية للشعب الهوائية    بث مباشر.. السيسي يشهد حفل تخرج دفعة جديدة من طلبة أكاديمية الشرطة    الأول على كلية الشرطة 2024: الانضباط مفتاح النجاح    ملازم تحت الاختبار: التحاق شقيقي الأكبر بأكاديمية الشرطة شجعني لاتخاذ الخطوة    استشهاد 3 فلسطينيين في قصف إسرائيلي شمال ووسط قطاع غزة    "أكسيوس": إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال زعيم حزب الله    الطماطم ب25 جنيهاً.. أسعار الخضروات في الشرقية اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    مباريات اليوم: «ديربي» ريال مدريد وأتلتيكو.. قمة اليونايتد وتوتنهام.. ظهور جديد لمرموش    «جهات التحقيق تدخلت».. شوبير يكشف تطورات جديدة بشأن «سحر مؤمن زكريا»    كلاكيت تانى مرة أهلى وزمالك بالسوبر الإفريقى.. قمة السوبر الإفريقى حملت «المتعة والإثارة» فى ثوب مصرى خالص    ننشر حركة تداول السفن والحاويات والبضائع العامة في ميناء دمياط    "الحوار الوطنى" يستعرض آليات تحويل الدعم العينى لنقدى.. فيديو    إنفوجراف| حالة الطقس المتوقعة غدًا الإثنين 30 سبتمبر    ضبط شاب يصور الفتيات داخل حمام كافيه شهير بطنطا    إصابة 14 شخصا في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بقنا    وزير الداخلية يوافق على استبعاد صومالي وأوزباكستاني خارج البلاد    تعرف على الحالة المرورية بشوارع القاهرة والجيزة اليوم    المشدد 10 سنوات لعامل لحيازته مخدرى الحشيش والهيروين بالإسكندرية    وزير الإسكان يؤكد مواصلة حملات إزالة مخالفات البناء والإشغالات بعدة مدن جديدة    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة المصرية في بداية التعاملات    فاتن حمامة وحليم .. ملوك الرومانسية فى مهرجان الإسكندرية السينمائى    وفاة الحاجة فردوس شقيقة أحمد عمر هاشم.. وتشييع الجنازة ظهر اليوم من الزقازيق    إجابات علي جمعة على أسئلة الأطفال الصعبة.. «فين ربنا؟»    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    استدعاء «التربي» صاحب واقعة العثور على سحر مؤمن زكريا    قرود أفريقية خضراء وخفافيش الفاكهة.. ماذا تعرف عن فيروس ماربورج؟    طبيبة تكشف أفضل الأطعمة للوقاية من الأمراض في الخريف    مسئول أمريكي كبير يرجح قيام إسرائيل بتوغل بري محدود في لبنان    ريهام عبدالغفور تنشر صورة تجمعها بوالدها وتطلب من متابعيها الدعاء له    المندوه: ركلة جزاء الأهلي في السوبر الإفريقي «غير صحيحة»    محمد طارق: السوبر المصري هدف الزمالك المقبل..وشيكابالا الأكثر تتويجا بالألقاب    مصر تسترد قطعا أثرية من أمريكا    داعية إسلامي يضع حلًا دينيًا للتعامل مع ارتفاع الأسعار (فيديو)    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: «احترم نفسك أنت في حضرة نادي العظماء».. تعليق ناري من عمرو أديب بعد فوز الزمالك على الأهلي.. أحمد موسى عن مناورات الجيش بالذخيرة الحية: «اللى يفت من حدودنا يموت»    نشوي مصطفي تكشف عن مهنتها قبل دخولها المجال الفني    أمير عزمي: بنتايك مفاجأة الزمالك..والجمهور كلمة السر في التتويج بالسوبر الإفريقي    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    بعد اغتيال نصر الله.. كيف تكون تحركات يحيى السنوار في غزة؟    لافروف يرفض الدعوات المنادية بوضع بداية جديدة للعلاقات الدولية    احذر من إرهاق نفسك في الأحداث الاجتماعية.. برج القوس اليوم 28 سبتمبر    «التنمية المحلية»: انطلاق الأسبوع التاسع من الخطة التدريبية الجديدة    ورود وهتافات لزيزو وعمر جابر ومنسي فى استقبال لاعبى الزمالك بالمطار بعد حسم السوبر الأفريقي    رؤساء الجامعات يوجهون الطلاب بالمشاركة في الأنشطة لتنمية مهاراتهم    باحثة تحذر من تناول أدوية التنحيف    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بين 25 يناير ويوليو 52
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 04 - 2011

كثيرة هى القضايا المطروحة التى تحتاج إلى نقاشات معمقة. وكثيرة هى التساؤلات التى تحتاج إلى إجابات مقنعة. فبعد 25 يناير انشغلنا بكثير من الأمور. أمور يبدو لى أن هناك من يحاول عمدا أن يشغلنا بها، مما ينتج عنه تحويل النظر عن القضايا الحقيقية. لذا نجد أن هناك ما يشبه الاتفاق العام بأن هناك حالة اقرب إلى السيولة تمر بها مصر.
فالكل فى حالة ترقب بالرغم من الحيوية التى أطلقتها 25 يناير. بيد أن عدم الحسم فى الكثير من الأمور يعمق من حالة القلق ويعلى سقف المطالب عند البعض ويدفع بالإحباط عند البعض الآخر. النتيجة هو أن القضايا الرئيسية لا نكاد نقترب منها قضايا من عينة أى دولة نريد؟ أو أى نموذج تنموى نريد؟ على أى حال، نؤجل الحديث حول هذا الموضوع، ونركز على حالة السيولة التى نشهدها.
وأظن أنه من المفيد فى اللحظات التى تتسم بالسيولة بحسب الكثيرين أن نتذكر بعضا من خبراتنا التاريخية للاسترشاد بها أو بعض من الخبرات المقارنة للاهتداء بها.. ومن لحظات التحول المتعددة التى عبرت بمصر سوف أختار اللحظة التى تلت يوليو 52 مقارنة بما أعقب 25 يناير.
يوليو 52 25 يناير: أوجه التشابه
بداية اخترنا هذه اللحظة التاريخية ليس لأنها أفضل من ثورة 1919. فنحن ننظر لتاريخنا الوطنى كحلقات تاريخية متواصلة لكل منها إنجازاتها وإخفاقاتها، إلا أن هناك بعض من ملامح التشابه التى يمكن أن نقارن بينها بين يوليو 52 و25 يناير. ملامح التشابه بين التاريخين يمكن إجمالها فى الآتى:
● اشتداد المسألة الاجتماعية: فى حالة يوليو 52 كانت الهيمنة على المقدرات الاقتصادية فى مصر لكبار ملاك الأرض المصريين وللمصالح الأجنبية المسيطرة على مؤسسات المال والتجارة من بنوك وشركات، كما كان المجتمع الريفى ينقسم بحدة إلى 0.5% من الملاك يمثلون أكثر من ثلث الأراضى الزراعية، وفى مواجهتهم أحد عشر مليونا من الفلاحين المعدمين. وفى حالة 25 يناير نجد السياسات النيوليبرالية وقد أدت إلى توزيع غير عادل للثروة بالإضافة إلى النزوع الريعى.
● تنامى المسألة الشبابية: فى حالة يوليو 52 بدأ صعود فئات شبابية من أبناء الطبقة الوسطى تسعى إلى أن يكون لها مكان فى الحياة السياسية، فلم تجد فى الأحزاب القائمة موقعا لها، وهو أمر منطقى فلا الانتماء الاجتماعى ولا المكانة أو السن يؤهل هؤلاء الشباب فى احتلال أى موقع فى الكيانات السياسية الموجودة، فباتوا خارج النخبة السياسية. وفى 25 يناير وجدنا أن المحرك الرئيسى لها هو الشباب الذين لم ندرك أنهم صاروا يمثلون أكثر من 65% من إجمالى سكان مصر وأنهم يمثلون كتلة ضاغطة.
● حضور الجيش كمؤسسة وطنية ترمز لانصهار المصريين: كانت تمثل طليعة التغيير فى يوليو 52 وتؤكد أنها حاضنة للتغيير فى 25 يناير.
● وجود أيديولوجية دينية تعبئ الناس.
● قوى سياسية واجتماعية بازغة تريد أن تعبر عن نفسها.
مما سبق نجد أن الحراك من أجل التغيير كان طبيعيا وموضوعيا ومشروعا، هذا عن أوجه الاتفاق فماذا عن أوجه الاختلاف؟
يوليو 52 25 يناير: أوجه الاختلاف
أظن أن الاختلاف يكمن فى الرؤية والتوجه والانحياز والاختيار. فلقد استطاعت يوليو 52 فى غضون ثلاثة أيام من قيامها إخراج الملك، وخلال شهور تمكنت من إخراج الإنجليز وتحقيق الاستقلال الوطنى. وخلال شهور أن تعلن قانون الإصلاح الزراعى تلبية لاحتياجات اجتماعية ملحة ومعالجة للمسألة الاجتماعية الآخذة فى الاحتداد آنذاك.
أما الآن فنحن مستغرقون فى الإجراءات والتفصيلات الصغيرة. فلا أحد يقول لنا عن رؤيته مثلا للخيار الاقتصادى الذى على مصر اتباعه. فليس من المعقول أن تستمر نفس السياسات التى أدت بنا إلى ما نحن عليه. ولا يقول لنا أحد أى شىء عن السياسات الاجتماعية التى يجب اتباعها وفق الجديد فى العالم.
لقد مس التغيير فى يوليو 52 البنية الاجتماعية والاقتصادية. تغييرا طال أوضاعا:
● مؤسسية كانت مستقرة لسنوات خاصة فى «علاقات الإنتاج بسبب الإصلاح الزراعى (1952)، وتأميم قناة السويس (1956)، والمشاريع الأنجلو فرنسية (1957)وتأميم المشاريع المصرية الكبيرة (1961 1964)».
● طبقية عميقة: لم يكن الأمر سهلا ويسيرا، بيد أن الوعى بنوعية التغيير المطلوب المتجاوز الإجراءات والتقنيات الذى لا يهدم بناء الدولة المصرية كان متوفرا. وفى كتابه المركب «المجتمع المصرى والجيش»، يشرح أنور عبدالملك بدقة بالغة كيف كانت طبيعة الصراع الداخلى القائم بين رأسمالية قديمة لا تريد أن تشارك فى التنمية والخوف من تزايد الفجوة فى الثروة والدخل بين طرفى المجتمع ما يعنى انقسام المجتمع إلى طبقتين متميزتين: كطبقة أقلية تملك مدخول الإنتاج، وأخرى يزداد عددها باستمرار لن تتمتع إلا بقسط ضئيل من مدخول الإنتاج. واقع الحال إنها كانت عملية «تفكيك للبرجوازية القديمة»، بحسب أنور عبدالملك، خاصة مع إحجام هذه البرجوازية القديمة عن التعاون مع النظام الجديد، وبقيت بمفكريها الاقتصاديين وبإطاراتها الإدارية الكبيرة والمتوسطة، وبرأسمالها الهائل،...و... قوة مستقلة غير منخرطة فى البنية الاقتصادية الجديدة. لذا صدرت مجموعة من «المراسيم الاشتراكية والقرارات الجمهورية التى ستبدل بشكل أساسى توازن القوى الاجتماعية القائم». ويمكن تصنيف هذه المراسيم والقرارات إلى ثلاث مجموعات نوعية من القوانين (يمكن مراجعة كتابات على الجريتلى وحسين خلاف أيضا) وذلك كما يلى:
1- قوانين متعلقة بإعادة توزيع الدخل القومى.
2- قوانين تؤمن هيمنة القطاع العام على المشاريع الخاصة والمؤسسات الاحتكارية.
3- قوانين متتالية للإصلاح الزراعى.
مما سبق بالتحديد يكمن الاختلاف. كيف؟
السيولة سببها الحيرة بين الثوب الجديد والرقعة الجديدة
يبدو لى أننا نريد أن ننجز التغيير دون إحداث تغييرات حقيقية فى البنى الاجتماعية الاقتصادية. وللتبسيط هل سيظل نفس من قادوا قاطرة التنمية تجاوزا هم أنفسهم من يقودون. ولماذا الاستغراق فى قضايا لا تمس الجوهر بالإضافة إلى انتشار خلافات تدخل فى حيز الدينى ولا تعد من الأصول وإنما هى من فروع الفروع.
ومن الأسئلة التى أظنها مشروعة ولا تأتى على جدول أعمال الكثيرين ومن ضمنهم أصحاب الخطاب الدينى كيف نعظم ثروتنا الوطنية وكيف تكون هناك رؤية وسياسة آمنة تضمن توزيع عادل للثروة يشعر به كل المواطنين وبخاصة فى القاعدة. إن السيولة الحالية فيما أظن سببها إننا نريد أن ننجز إنجازات راديكالية بآليات إصلاحية. ولا ندرك أنه لا يمكن استنساخ جديد من القديم. والمسألة فى ظنى إما ثوبا جديدا أو لا.
وأنا هنا أستطيع أن أتفهم أنه لا ينبغى أن يحدث ذلك على حساب تفكيك الدولة بالمعنى الواسع ولا مؤسساتها الوطنية.
بيد أن الأمر يحتاج قدرة عالية من الوعى بضرورة تفكيك القاعدة الاجتماعية أو شبكة المصالح التى أدت بنا إلى ما نحن عليه.
لقد كانت التحولات الراديكالية الجارية فى مصر 52 تمتد إلى عمق البنى الاجتماعية من خلال إحداث تغييرات جذرية اقتصادية ومالية مركبة رافقها تغييرات تشريعية وقانونية ومؤسسية. وكان هناك إدراك بأن هذه التحولات لن يكون مدى تنفيذها السياق المصرى وإنما سوف يتعداه إلى خارجها.وعندئذ تلتقى السياسة والاستراتيجية ويتجدد الرصيد الحضارى المصرى: التاريخ والجغرافيا والثقافة، حيث كل ما سبق يسهم متفاعلا فى أن يكون الرافعة للتحولات النهضوية الاقتصادية والاجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.