فى الوقت الذى تشهد فيه الدورة ال54 لبينالى فينسيا هدوء نسبيا نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية، تتوقع العديد من الدوائر الفنية اهتماما خاصا بالجناح المصرى الدائم بالبينالى فى دورته المزمع افتتاحها فى 4 يونيو المقبل، وبخاصة بعد ثورة 25 يناير. «الجميع سيكون شغوفا بمعرفة ما يحدث فى مصر الآن، وخاصة بعد أن تابع أحداث الثورة على شاشات التليفزيون العالمية»، كما يتوقع د. أشرف رضا لعرض الجناح المصرى فى بينالى فينسيا الفنى القادم، مشيرا إلى هذا الفضول الطبيعى الذى سيجعل الجمهور مهتما بمتابعة المنتج الفنى المصرى بعد أن تابع الأحداث السياسية. وكانت الصحافة العالمية قد وصفت الدورة المقبلة من البينالى بأنها «تهب عليها رياح هادئة»، نتيجة زيادة عدد العارضين وقلة الموارد المالية، حيث تشارك هذا العام 88 دولة مقابل 77 فى دورة 2009، غير أن «رياح» التغيير العربية قد تغلب على المشهد وخاصة مع مساهمة الجناح المصرى بعرض أعمال الفنان أحمد بسيونى، شهيد جمعة الغضب، فضلا عن مشاركة أيضا السعودية والبحرين فى الدورة القادمة. أما عن العمل المصرى المشارك الذى ينتمى إلى فن الفيديو والمكون من مشاريع مختلفة أنجزها الفنان أحمد بسيونى وسيقوم بعرضها فريق عمل يتصدره الفنان شادى النشوقاتى، فقد كان محط إجماع من الفنانين سواء كانوا إداريين أو أكاديميين أو فنانين. فضمت لجنة المعارض بالمجلس الأعلى للثقافة، المنوطة باختيار الأعمال الممثلة لمصر فى الخارج، كل من د. صبرى منصور رئيسا وعضوية د. أشرف رضا والفنانين عادل السيوى وحمدى أبوالمعاطى وناجى فريد. وأجمعت على اختيار أعمال بسيونى لتميزها وتوائمها مع تيمة البينالى فى هذه الدورة وهى «إضاءات» أو ما الذى يضىء الأوطان؟ كما يقول أشرف رضا رئيس قطاع الفنون التشكيلية، مشيرا إلى أن شادى النشوقاتى القوميسير التنفيذى للجناح المصرى، وهو أيضا أستاذ بسيونى ورفيق عمره، قد جمع مشروع أحمد بسيونى الذى أنجزه فى فترة ما قبل الثورة وحتى 28 يناير تاريخ استشهاده وكان عنوانه «30 سنة جرى فى مصر»، بالإضافة إلى مشروعه السابق «30 يوم جرى فى المكان» الذى لاقى نجاحا واستحسانا فى معرض «ليه لأ» الذى عقد بقصر الفنون وجمع العديد من أعمال الفيديو آرت المتميزة. ويوجز رضا قائلا: «لقد تشابهت مفردات هذه الأعمال المبتكرة مع فترة حكم النظام السابق وخاصة إذا ما عرفنا أن أحمد بسيونى ولد فى 1981 وتوفى فى 2011، أى أن عمره توازى مع سنوات حكم النظام السابق». العمل الجماعى انتصار لروح الثورة أما عما يتوقع أن يثيره هذا الاختيار من صراعات داخل الوسط التشكيلى، وخاصة عدم الالتفات لأعمال أخرى فردية مقابل عمل الشاب الراحل المبنى على المنطق الجماعى، يجيب الفنان ناجى فريد بحماس، نافيا أن يكون هناك أى أثر انفعالى عند اختيار عمل لفنان شهيد، حيث يوضح : «أحمد بسيونى رغم عمره القصير هو فنان له تاريخ حصل على جائزة صالون الشباب الكبرى، وكان معيدا بكلية تربية فنية، وفى أثناء ثورة 25 يناير كان يقدم عملا فنيا أدائيا فى الميدان «برفورمانس». ويوضح ناجى فريد أن ما سيقوم به شادى النشوقاتى وفريق العمل معه ليس عمل القوميسير بالمعنى التقليدى لأنه سبق له المشاركة من قبل لكنه عمل تطوعى جماعى يتطلبه عرض الفيديو لما به من تقنيات خاصة ومسئولية تقع على عاتق الفريق». مضيفا أن العمل الذى وقع عليه الاختيار به رؤية لما يشبه الثورة وحاجة التغيير القاهرة، من خلال ست شاشات سيعرض من خلالها الفيديو. وسيكون مرتبطا بالعمل الفنى السابق الذى قدمه أحمد بسيونى بعنوان «30 يوم جرى فى المكان» والذى اعتمد على تجربة الفنان نفسه فى الجرى فى المكان لمدة 30 يوما وقد قام بتوصيل مجسات رقمية شديدة الحساسية فى حذائه وقميصه تعكس أشكالا وألوانا وأصوات على شاشات كبيرة. أى أن العمل يعتمد ليس فقط على التقنية الحديثة والخيال، بل على التجربة الذاتية التى تضع الفن فى تماس مع العلم، وتثير التساؤلات حول الواقع الثابت الراكد، والستاتيكية التى تأكل الروح والتى مهدت إلى الانفجار. سيكون العمل إعادة صياغة وتقديم للفنان الذى فقدناه فى ثورة 25 يناير، وليس عملا فرديا تقليديا، وهذا ما يميز المشاركة فى البينالى، كما يوضح أشرف رضا، «المشاركة تتطلب فريق عمل متجانسا، ونأمل بمشاركتنا هذا العام بالعمل الفنى الجماعى الذى شاركت فيه مصر كلها، والذى يحمل اسم الشهيد أحمد بسيونى، أن يحصل الجناح المصرى وشباب مصر الثوار على أحد جوائز البينالى».