شهدت لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب مناقشات ساخنة واعتراضات وخلافات بين أعضاء المجلس والوزراء الأربعة الذين حضروا اللجنة، وأيضا خلافات بين الوزراء وبعضهم البعض حول مخصصات موازنات وزارات الصحة والزراعة والرى. ووسط الهجوم الذى شنه عدد من النواب لتدنى ميزانيتى الصحة والزراعة. لم يجد الدكتور يوسف بطرس غالى أمامه سوى التعليق بقوله: «32 وزارة كل وزارة فيهم عاوزة زيادة 3 أو 4 مليارات فى ميزانيتها». وطالب النواب بألا تقل موازنة الصحة عن 7٪ من الموازنة العامة مع رفع أجور الأطباء والإسراع فى تقديم قانون التأمين الصحى الجديد مع مراعاة محدودى الدخل، بينما طلب أحمد عز من النواب الثورة على نظام العلاج على نفقة الدولة لأنه لا يليق بأى دولة محترمة. العلاج على نفقة الدولة وقال الدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة: إن ميزانية العلاج على نفقة الدولة المدرجة فى الموازنة الجديدة فيها عجز يصل إلى 400 مليون جنيه، وأن وزارة الصحة لن تستطيع الوفاء بالتزاماتها بالنسبة للعلاج فى ظل هذا العجز، وأكد أنه يتم تعديل نظام العلاج على نفقة الدولة، بحيث لا يتم تحديد قيمة العلاج فى القرار وأن تشمل القرارات علامات مائية حتى لا يتم تزويرها. وأوضح أن وزارة الصحة تعمل على محورين، الأول متوسط الأجل، عن طريق الانتهاء من قانون التأمين الصحى الجديد، والمحور الثانى ترشيد استخدام الموارد وليس تقليل عدد المستفيدين. وعرض الوزير لبنود الموازنة فى الأبواب الأول والرابع والسادس، حيث تم زيادة ميزانية الإسعاف ب15 مليونا لتصل إلى 55 مليونا و809 آلاف، ومتوقع أن يعمل خلال العام القادم 2000 سيارة إسعاف، إلا أن الوزير أشار فى الوقت نفسه إلى تدنى ميزانية الصيانة والمقدرة بنحو 25 مليون جنيه، قائلا: طلبنا 100 مليون جنيه للحفاظ على الصيانة وقطع الغيار، إلا أن وزارة المالية وافقت على توفير 75 مليونا فقط. أما الخطة الاستثمارية للصحة فتحتاج إلى 219 مليارا منها 212 مليارا مخصصات من الموازنة والباقى يتم تغطيته عن طريق المنح والقروض بعيدا عن الموازنة، وطالب الجبلى بأن يكون الجزء الأكبر من الموازنة الاستثمارية عن طريق بنك الاستثمار القومى. وأكد الجبلى من ناحية أخرى أنه لن يستطيع زيادة أجور الأطباء والعاملين بالصحة بنسبة 100٪ خلال هذا العام، لأن المبالغ المخصصة للأجور وهى 600 مليون جنيه لن تكفى لهذه الزيادة، كما طلب الوزير استقطاع أموال من مخصصات وحدات الرعاية الأساسية ونقلها إلى الرعاية العاجلة والإسعاف، مشيرا إلى أن القوات المسلحة قد اشترت لوزارة الصحة 3 طائرات إسعاف سيتم توزيعها على الصعيد والبحر الأحمر. وعلق أحمد عز رئيس اللجنة مشيدا بأداء وزارة الصحة فيما يتعلق بالإسعاف ووحدات الرعاية الصحية، قائلا للجبلى: «الرعاية الصحية والإسعاف فى ميزان حسناتك يا سيادة الوزير»، فرد عليه الجبلى «البركة فى د. يوسف وزير المالية.. فى ميزان حسناته هو». كما أوضح الوزير أن المبالغ المخصصة لمديريات الشئون الصحية فى المحافظات وهى حوالى 900 مليون جنيه لا تكفى للخدمات الصحية والعلاج والأدوية. من ناحية أخرى، هاجم الدكتور حمدى السيد رئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب ميزانية الصحة، مؤكدا أنها لا تكفى للإنفاق على الصحة، خصوصا فى ظل انتشار الفقر فى مصر، مطالبا بزيادتها لتمثل 7٪ من موازنة الدولة، وقال إن العلاج على نفقة الدولة اختفى فى ظل الظروف الحالية فمعظم الخدمات الصحية يدفعها المواطنون من جيوبهم الخاصة، واعترض أيضا على عدم زيادة أجور الأطباء فى الموازنة القادمة. قائلا: إن وزارة المالية كانت قد وافقت على نظر هذا الموضوع تدريجيا خلال 3 سنوات. وقال النائب صالح العيسوى: إن وزير المالية أصبح «محتاس» بسبب المبالغ المطلوب إضافتها فى الميزانية الجديدة للصحة، فرد عليه أحمد عز قائلا: «وزير المالية لا يحتاس». من جانبه، قال الدكتور بطرس غالى وزير المالية: إن الدراسات الاكتوارية الخاصة بقانون التأمين الصحى يتم دراستها مع وزير الصحة منذ أكثر من سنة، وأكد ضرورة التروى لأن 60٪ من الدول التى أدخلت نظام التأمين الصحى الشامل فشلت مثلما فشلت شركات توظيف الأموال، فلا يمكن أن تتسرع وتحدد قيمة الاشتراك فى قانون التأمين الصحى ثم نكتشف بعد 3 أو 4 سنوات أن قيمة العلاج أغلى بكثير لذلك يجب أن نحسبها صح. وأعطى مثالا بقانون التأمينات والمعاشات المنظور حاليا أمام البرلمان قائلا: قانون التأمينات مثلا استغرقت دراساته 3 سنوات لذلك يجب أولا أن نحسب كيفية الحصول على الموارد عن طريق الاشتراكات وبعض المواد الخاصة، وكشف عن قرب الانتهاء من الدراسات الاكتوارية الخاصة بالقانون. موضحا أن نص مشروع القانون فى حد ذاته مش قضية حيث يشمل 23 مادة. من جانبه، دعا أحمد عز النواب إلى الثورة على نظام العلاج على نفقة الدولة. قائلا إن هذا النظام خاطئ ولا أعتقد أن هناك دولة فى العالم يذهب فيها المواطن إلى مكان واحد للحصول على العلاج المجانى. وعلق وزير الصحة مطالبا بسرعة إعداد الدراسات، مع تضمين مشروع القانون نصا يحكم موضوع الاشتراكات بحيث يسمح بتعديلها كل 5 سنوات. من ناحية أخرى، طلب أحمد عز من وزير المالية النظر فى اقتراحات لجنة الصحة بمجلس الشعب لفرض ضريبة نسبتها 10٪ على السجائر والتبغ، ولم يمانع وزير المالية لكنه أشار ألى أنه لا يمكن خلال العام المقبل تنفيذ هذا الموضوع، كما طالب عدد من النواب فرض ضرائب على الخمور إلا أن رئيس لجنة الخطة حذرهم قائلا «سيبكم من الخمور دلوقت». وقال وزير المالية: إن الاقتصاد لا يحتمل أى ضريبة إضافية لأن فرض أى رسوم أو ضرائب سوف يؤثر على الاقتصاد، وأشار غالى إلى أن الضرائب على الخمور 300٪ وأن ارتفاع قيمتها تسبب فى دخول غالبيتها عن طريقة التهريب، واقترح أن يتم تخفيض الجمارك على الخمور مقابل زيادة الضريبة عليها. وقال وزير الصحة: إن استهلاك السجائر خلال هذا العام ارتفع على الرغم من حملات وزارة الصحة ضد التدخين. من ناحية أخرى، علق أمين أباظة وزير الزراعة على موازنة الزراعة خلال العام المقبل قائلا «أطلب من وزير المالية أن ينظر لنا بعين العطف» وأكد أن جميع وزارات الزراعة على مستوى العالم لها اهتمامات ثلاثة محددة. وهى عمل الأبحاث الزراعية الجديدة لتحسين الإنتاج وإيجاد حلول لمشكلات المزارعين ثم إرشاد المزارعين والرقابة على الحاصلات ومستلزمات الغذاء. لكن تم إضافة أدوار أخرى على وزارة الزراعة ومن المفترض أن تكون للمجتمع ككل مثلا تحديد أسعار بعض الحاصلات أو حماية محصول القطن وخلافه، بالإضافة إلى استصلاح الأراضى. وفجر مفاجأة أمام اللجنة عندما قال: إن خلال الثلاثين عاما الماضية تم صرف حوالى 20 مليار جنيه على 14 مشروعا لاستصلاح مليونىّ فدان إلا أن جميع هذه المشروعات قد فشلت. فمثلا مشروع أراضى شباب الخريجين تم إنفاق 7 مليارات عليه بينما لم تتجاوز عوائدها 1.2 مليار جنيه مطالبا باستبدال هذه المشروعات بتوصيل المرافق للقطاع الخاص. وعرض الدكتور سعد نصار مساعد وزير الزراعة لمطالب وزارة الزراعة من اعتمادات للموازنة القادمة. وقال: إن وزارة الزراعة طلبت فى الخطة الاستثمارية توفير 1.4 مليار جنيه فى الموازنة منها 942 مليونا من الخزانة العامة للدولة إلا أنه تم اعتماد 672 مليون جنيه منها 179 مليونا من الخزانة العامة والباقى عن طريق التمويل الذاتى. فاضطرت وزارة الزراعة لتخفيض احتياجاتها، مشيرا إلى أنها تحتاج 278 مليون جنيه فوق الموازنة المقررة. من ناحية أخرى، قال الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الرى: إن وزارته من دون إيرادات لأن الإيرادات تأخذها جهات أخرى تقوم بعمل البنية الأساسية، وأضاف أن لدينا رواتب وأعمال صيانة ضرورية لنتمكن من القيام بهذه الواجبات، لافتا إلى أنه عندما تخصص أراضى الرى بالانتفاع تقوم وزارة المالية بتحصيل هذه الأموال قائلا «نحن محرومون من أى موارد حتى مواردنا الذاتية»، ونعانى من تسرب شديد للمهندسين بسبب ضعف الرواتب وتدهور الترع والمصارف بسبب ضعف الاعتمادات، كما أن لدينا واجبا قوميا فى التعاون مع دول حوض النيل يستلزم توفير ميزانيات استثمارية. لذا نطلب توفير الحد الأدنى وراجعنا المطلوب الذى تم تخفيضه بنسبة 30٪ ونحتاج 99 مليون جنيه عن المخصص، وهو أمر حتمى بالإضافة إلى المخصص، وهو 4.126 مليار جنيه.