تجول عدد من المتظاهرين والمعتقلين السابقين أمس الأول فى مبنى أمن الدولة بالفسطاط بعد أن اقتحمت مدرعة تابعة للجيش الباب الرئيسى وسمحت لهم بالدخول ليجدوا غرف الحجز الموجودة فى الطابق الأول خالية من المعتقلين، وتلك الغرف تم تشطيبها بالكامل بالسيراميك الحوائط والأرضيات، وأكد المعتقلون أن هذا هدفه تعذيبى وليس ترفيهيا حيث كان يترك المعتقل فى الشتاء نائما فى هذه الغرف بدون غطاء ويساعد السيراميك على زيادة الصقيع الذى يكسر عظامه، وتبين خلال الجولة أن المكاتب المجاورة لغرف الحجز ومكاتب الضباط بالطابق الثانى تم تفريغها تماما من أية وثيقة تدين ممارسات جهاز أمن الدولة. وتجول ضباط الجيش بصحبة المعتقلين السابقين الذين كانوا قد ألقى القبض عليهم فى هذا المكان، وجلس المعتقلون على مكاتب جلاديهم وشرحوا لضباط الجيش كيف كان يتم تعليقهم فى غرف الحجز وعلى أبواب مكاتب ضباط أمن الدولة وصعقهم بالكهرباء وضربهم بالكرابيج ليعترفوا بأشياء لم يقترفوها، وأكدوا أن التعذيب كان يتم أحيانا لا لشىء إلا كنوع من كسر النفس وتلذذ رجال أمن الدولة. ورافقت «الشروق» المتجولين بمقر أمن الدولة بالفسطاط وكان بجوار كل مكتب من مكاتب ضباط أمن الدولة بالمقر مفرمة أوراق وبها آثار لأوراق تم فرمها، إلا أنه لم يوجد بالمكان مخلفات الفرم. وأكد عدد من أهالى منطقة الخيالة المجاورة للمقر أنه وقت أن كانت الأحداث مشتدة فى مقر جهاز أمن الدولة بمدينة نصر بعد سيطرة المتظاهرين عليه، حضرت ثلاث سيارات تابعة للشرطة ليلا ودخلت مقر أمن الدولة بالفسطاط وخرجت سريعا ويعتقد أنها حملت أوراقا وملفات من المقر ونقلتها إلى مكان مجهول. وأوضح الأهالى أنهم بعدما رأوا هذا المشهد جاءوا وتجمهروا أمام المقر وأخذوا يصيحون ليخرج عليهم أحد، إلا أنه لم يجب عليهم أى شخص فانصرفوا بعد تأكدهم من فرار ضباط أمن الدولة، ولكن الأهالى ظلوا يراقبون الحركة حول الجهاز حتى لا يعود ضباط أمن الدولة ويحاولون إحراقه كما حدث فى مقار أخرى. وقبل أن تقوم قوات الجيش أمس الأول باقتحام مقر أمن الدولة بالفسطاط نشبت مشادات بين أهالى المنطقة والمحتجين والمعتقلين الذين جاءوا لدخول المقر، حيث اعتقد الأهالى أن المحتجين تابعون لأمن الدولة ويريدون حرق المقر، إلا أن الأمر لم يهدأ إلا بعد أن أكد المحتجون للأهالى أنهم لا يمكن أن يحرقوا المقر بل جاءوا للحفاظ عليه لأنه بنى من مال الشعب ويريدون إعادته إلى الشعب والتحفظ على ما به من أوراق ومعرفة ما إذا كان به معتقلون من عدمه. وساعدت سرعة استجابة القوات المسلحة لرغبة المحتجين واقتحام المقر والسماح للمواطنين بالتجول داخله فى تهدئة الموقف سريعا وهتف الناس للجيش وأكدوا أن القوات المسلحة تقف فى صف الشعب وتشعر بمعاناته من النظام السابق على مدى 30 سنة. وحصلت «الشروق» على بعض الأوراق التى يعتقد أن ضباط أمن الدولة تركوها متعمدين داخل المقر، وأهمها كشكول مدون به قائمة المرشدين من الأهالى والذين كانوا يعملون مع الجهاز، ومعظمهم عمال وأصحاب ورش للرخام فى منطقة البساتين، ومدونة بالكشكول أسماؤهم وعناوينهم وأرقام هواتفهم وأيضا حالتهم الجنائية. كما وجدت أوراق بها حصر لجميع الكنائس والأديرة الموجودة فى دائرة المقر وعددها أكثر من 35 كنيسة وديرا كما وجدت قائمة بأكثر من 15 كنيسة غير مرخصة، وأيضا وجد حصر مسبق بأعداد الأقباط الذين كان يتوقع حضورهم فى كل كنيسة باحتفالات قداس عيد الميلاد الماضى، وأيضا قائمة بأسماء القساوسة وخدم الكنائس الذين كانوا يتعاملون مع الجهاز. ومن بين الأوراق أيضا خطابات من أئمة المساجد وخطبائها يطلبون التعاون مع ضباط أمن الدولة ويؤكدون ولاءهم للجهاز وأنهم لا يخرجون عن الإطار المحدد لهم فى الخطب كما لا يسمحون بأى نشاط بالمساجد إلا بعد استئذان الجهاز، وأيضا وجدت خطابات من مشايخ طرق وموظفين بالأوقاف يطلبون من الجهاز السماح لهم بإقامة موالد وليال دينية. ووجدت أيضا صور التقطها ضباط الجهاز للقاءات عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية ببعض قادة حماس وأعضاء من جماعة الإخوان المسلمين بمصر، وأيضا صورة للقاء إسماعيل هنية رئيس حكومة حماس المقالة مع أعضاء اتحاد الأطباء العرب برئاسة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، ووجدت أيضا أوراق خاصة بمرضى فلسطينيين حصلوا على منح للعلاج فى مستشفى قصر العينى بالقاهرة. وخلال الجولة بمقر أمن الدولة بالفسطاط اتضح أن مكاتب الضباط ورئيس المقر فى الطابق الثانى أشبه بغرف فى أجنحة فنادق 5 نجوم، وملحق بكل مكتب غرفة نوم بها سرير وثلاجة وتليفزيون ودولاب به ملابس فاخرة، وتصميم المقر أشبه بقصر ملكى من الداخل، ووجد فى كل مكتب للضباط مكتبة بها كتب فكر ودين، وأكد المعتقلين السابقون أن الضباط صادروا تلك الكتب من المعتلقين ولم يشتروها، كما وجدت أجندات ونتائج وخطابات تهان بكميات كبيرة مقدمة من أعضاء فى مجلس الشورى ورؤساء لجان به إلى ضباط الجهاز الذين تركوها ملقاة على الأرض قبل هروبهم من المكان.