لا أشكك لحظة واحدة فى إمكانيات ونزاهة القضاء المصرى، بل أشهد له بالنزاهة والقوة والقدرة على الضرب بيد من حديد على الفاسدين والخونة وكل من سولت له نفسه سلب ونهب أموال الشعب المصرى طيلة هذه السنوات.. لكنى مثل غيرى أبيت الليل وأستيقظ فى النهار متخوفا من قدرة الفسدة والمفسدين فى الالتفاف والهروب من المساءلة القانونية رغم كل ما اقترفوه من آثام.. فى ظل بطء الإجراءات واقتصارها على شخصيات بعينها ووجود أضعاف هؤلاء أحرارا بعيدا عن يد العدالة. صحيح أن النائب العام يمنع من السفر ويجمد أرصدة ويلاحق المتهمين فى قضايا الفساد.. لكن خوفى نابع من وجود فلول النظام البائد.. فكيف نطمئن أن العدالة ستأخذ مجراها وهم لا يزالون فى مناصبهم فى (البنوك والهيئات الاستثمارية والشركات والأندية الكبيرة والاتحادات الرياضية).. وما الضامن أن هؤلاء لم يبددوا الوثائق والمستندات وكل من له صلة بإدانتهم.. وهل الفساد المستشرى فى كل أجزاء الجسد المصرى بهيئاته ومؤسساته يتحمل التمهل والتروى.. وهل سينتظر المتورطون فى الفساد من يأتى إليهم ويقبض عليهم أو يمنعهم من السفر. كل ظنى أن هؤلاء يسابقون الزمن ويحاولون شغل الرأى العام فى قضايا فرعية من أجل الالتفاف والإفلات من يد العدالة.. وهناك منهم من أغلق عليه باب مكتبه وأحرق ما يدينه من وثائق وآخرون استخدموا مفرمة الورق طيلة الليالى الماضية فى فرم ما تبقى من أصول تضع رقابهم تحت سيف العدالة.. فلماذا لم يتم إبعاد كل هؤلاء عن مناصبهم وما الفائدة من بقائهم وما الضرر من إبعادهم فهم معروفون للجميع ولا أدرى سببا واحدا لحالة الصمت حول هؤلاء. هذا ما أردت أن أقوله فى أول لقاء يجمعنى بقراء «الشروق» بعد ثورة 25 يناير لكنى أزيد عليه بموقف المؤسسة الرياضية وعلى الأخص الكروية منها لأنى واثق تمام الثقة أن هذا القطاع يحمل فى طياته فسادا ربما يفوق فسادا أشد من أى قطاع آخر ولِمَ لا وقد استخدم عدد كبير من رواد هذا الوسط (إلا ما رحم ربى) كل الطرق فى تحقيق المكاسب والتربح غير المشروع.. بل ومنهم من زاوج بين النشاط الكروى وأجهزة الدولة الأخرى واستخدم جسر الشهرة بالوجود المزدوج على رأس أندية ومؤسسات كبيرة بعينها ولم يعد هناك فرق بين ميزانية هذه ولا تلك.. أضف إلى ذلك استخدام النفوذ فى قضايا، أراضى الغردقة ومرسى علم التى حصل عليها هؤلاء برخص التراب مستغلين العلاقات الأسرية بين مسئولين كرويين وتنفيذيين.. بل ومنهم من تم دفن قضاياهم فى أدراج النائب العام من قبل وبدلا من إدانتهم ماتت تلك القضايا منذ سنوات ولم نعد نسمع عنها شيئا. واعتقد أنه آن الأوان لكى تفتح ملفات تلك القضايا من جديد وإدانة كل من له يد فيها.. وإذا كان القائم على ملفات الفساد يتعامل مع كل قضايا الفساد فى كل مؤسسات الدولة بشدة فمن الواجب الآن أن يكون فظا غليظ القلب مع الفساد الرياضى والكروى.. وننتظر منه الكثير فى هذا الشأن.. كما ننتظر من أولى الأمر، أن يوقفوا زحف الملايين فى أسعار اللاعبين والمدربين والتى يقف خلفها أندية جماهيرية كبيرة وأندية شركات فى وقت يعتصر فيه الفقر نصف سكان الوطن وأصبح المواطن البسيط الذى يكد ويتعب آناء الليل وأطراف النهار من أجل حفنة من الجنيهات يقارن بين دخله ودخول من يلعبون ويتلاعبون بالملايين.. فكيف نرضى بجهاز فنى يتقاضى مليون جنيه شهريا فى بلد يتقاضى فيه خريج الجامعه 150 جنيها.. وكيف يمكن للمشجع المصرى أن يساند منتخب وطنه وهو يسمع أن جملة رواتب خمسة أفراد فى الجهاز الفنى تتخطى حاجز المليون جنيه.. وكيف يتابع هذا المواطن مباراة كرة وهو لا يملك ثمن تذكرة الدخول إليها فى وقت حصل فيه اللاعبون على 3 ملايين جنيه مكافأة الخروج من تصفيات كأس العالم أمام الجزائر.. إن هذه تذكرة لمن كان له قلب وأراد أن يكون من المصلحين.