بعد سقوط الرئيس المصري حسني مبارك، حليف الولاياتالمتحدة، لم يعد حكام دول الخليج من حلفاء واشنطن يشعرون أنهم بمأمن من الاضطرابات الشعبية، ولن يتجاوزوا هذه الأزمة إلا إذا قدموا تنازلات إلى شعوبهم. وربما تضطر حكومات الخليج من السعودية عملاقة النفط إلى البحرين ذات الأغلبية الشيعية وسلطنة عمان الهادئة لإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية، حتى لا تصل الاضطرابات إلى حدودها، لكنها لن تتردد في اللجوء إلى القوة لكبح جماح المعارضة إذا اقتضى الأمر، للاحتفاظ بسيطرتها على السلطة. وقال مصطفى العاني المحلل الأمني بمركز الخليج للأبحاث في دبي، "لا أظن أن أي نظام يتمتع بالحصانة، أعتقد أن هذا نوع من المرض لن يعرف حدودا، لا تستطيع أن توقف الحرية والديمقراطية." وأضاف، "أعتقد أنه في الخليج سيكون هناك ضغط كبير من أجل الإصلاح والمزيد من الشفافية والمحاسبة"، مضيفا، أن المطالب ستتركز على هذا أكثر من المطالبة بتغيير النظام. وكانت ثروة دول الخليج، وهي السعودية، والكويت، والبحرين، والإمارات، وقطر، وعمان، وهي ثروة هائلة من النفط والغاز قد غذت طفرة تنموية، وأسهمت في عيش كثيرين في رخاء في الوقت الذي تكافح فيه دول عربية أخرى رفع مستوى المعيشة. ويقول محللون، إن الثروة مكنت حكام دول الخليج من عقد صفقة ذهبية، إذ يعملون على أن تعيش شعوبهم في ترف نسبي مقابل ضمان السكون السياسي الذي يهدف إلى تجنب قيام ثورة كتلك التي أطاحت بمبارك يوم الجمعة. وقال الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي، "مصر محور العالم العربي في الخليج لا توجد مشكلة خطيرة بين الحكام والمحكومين، لكن لديهم مشكلات تتعلق بالإصلاحات، وبالتالي ستجري ممارسة ضغوط." ومن بين الدول العربية التي ستواجه أكبر المطالب بالإصلاح السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، والدولة العربية الأكثر ثراء، ولا يتوفر لقطاعات كبيرة من أبناء المملكة الشبان الذين يجيدون التعامل مع الإنترنت التعليم الجيد وفرص العمل. لكن محللين يقولون، إن قيام ثورة على غرار الثورة المصرية ليس مطروحا. وكتب المدون السعودي أحمد العمران في مدونته سعودي جينز، "سألني كثيرون عما إذا كان ما حدث في مصر يمكن أن يحدث في السعودية، الإجابة المختصرة هي لا.. السعودية ودول الخليج الأخرى أكثر استقرارا سياسيا واقتصاديا، هذا لا يعني أنه لا يحدث شيء." وأضاف، في المدونة "الشبان السعوديون باتوا أكثر انخراطا من أي وقت مضى في جهود الإصلاح." وتواجه دول الخليج فقدان حليف تمثل في مبارك، لكن ربما كان أكثر ما هزها مدى السرعة التي قطعت بها واشنطن ما كانت تعتبر علاقة إستراتيجية متينة ومهمة مع رئيس أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان. وقال العاني، "فوجئوا بالسرعة التي نفضت بها الولاياتالمتحدة يدها من نظام صديق، ومدى السرعة التي تخلى بها الاتحاد الأوروبي عنه، ومدى السرعة التي غيرت بها وسائل الإعلام الرسمية توجهها"، وأضاف، "وثيقة التأمين الوحيدة الآن هي إرضاء شعبك." واتخذت دول خليجية خطوات بالفعل لتقليل أخطار الاضطراب، وقامت الدول ببعض هذه الإجراءات قبل أن يتنحى مبارك، وقالت البحرين التي يوجد بها الأسطول الخامس الأمريكي، إنها ستصرف ألف دينار "2650 دولارا" لكل أسرة، وهي أحدث خطوة لاسترضاء الجماهير قبل الاحتجاجات المزمعة يوم الاثنين المقبل. وقال تيودور كاراسيك من مؤسسة أنيجما ومقرها دبي، "نحن في أرض مجهولة الآن" وأضاف، "أعتقد أننا سنرى... المزيد من التنازلات لتهدئة الجماهير، إذا فشل هذا فأعتقد أننا سنشهد نوعا من الإجراءات الصارمة." وكتب برايان أونيل المحلل المتخصص في شؤون اليمن في مدونته، "لن يكون الشرق الأوسط كما كان أبدا... أعتقد أنه لا بد أن يكون صالحا متوترا"، وقال "يمكنك أن تخطط وتقدر لكن التكهنات ستتركك مذهولا ومصدوما من قوة الشعب العنيفة، شكرا يا مصريين لأنكم ذكرتمونا بهذا."