مرت الساعات التى أعقبت بيان التنحى، مساء أمس الأول، وكأن مصر تستقبل أيام عيد.. تبادل الملايين التهانى واكتست الوجوه بملامح السعادة وامتلأت العيون بدموع الفرح، وانطلقت الزغاريد وصيحات الفرح التى سمع دويها من شمال مصر إلى جنوبها.. المصريون تعانقوا وتشابكوا الأيدى وتعاهدوا فيما بينهم على بدء عهد جديد بمذاق الحرية والمحبة والتسامح والبناء. فى القليوبية، اكتست الشوارع برايات النصر وتحولت إلى كرنفالات شعبية، ورقص الأهالى على أنغام الأغانى الوطنية، وتزامن ذلك مع تردد أنباء ترددت عن توجه المحافظ عدلى حسين إلى مكتبه، صباح أمس، لجمع متعلقاته ونقلها إلى منزله بالقاهرة، وتمكن بعض الشباب العاقل من منع اشتباك المتظاهرين مع رجال شرطة النجدة، فضلا عن إحباط محاولة لاقتحام مبنى أمن الدولة ببنها، وأوضحوا لهم أنها مبان ملك للشعب وليست للنظام. وفى الغربية، تبادل الأهالى التهنئة وبدت الوجوه متفائلة وسعيدة، وقضى الآلاف ليلتهم فى الشوارع يغنون ويهتفون احتفالا بسقوط النظام، ووجه الأهالى الشكر والتحية لرجال القوات المسلحة لدورهم العظيم فى التضامن مع الشعب ضد النظام. وفى الدقهلية، تجمع شباب 6 أبريل وشباب القوى السياسية، صباح أمس، عقب الاحتفالات الصاخبة بتنحى مبارك، والتى وصفها البعض ب«الهيستيرية»، أمام مبنى المحافظة والنصب التذكارى لشهداء 6 أكتوبر لإعادة تنسيق الميدان وجمع المخلفات وإزالة الملصقات، وعادت الحياة تدريجيا إلى طبيعتها بشكل كبير، وحمل العاملون، صباح أمس، وهم فى طريقهم إلى عملهم الأعلام المصرية. وفى جنوبسيناء، دبت الدماء مجددا فى أنحاء المحافظة، أعقاب تعرضها لشلل تام لمدة 18 يوما، وأعلن الموظفون المضربون استئناف أعمالهم مجددا، وتعليق الإضرابات بصفة مؤقتة استجابة لنداء القوات المسلحة، وإيمانا بأن مطالبهم فى طريقها للحل. وعادت حركة السير إلى الطريق الدولى بين مدينة شرم الشيخ والقاهرة، بعد تعرضه لإغلاق قبل يومين من قبل متظاهرين احتجاجا على سوء أوضاعهم، وانسحبت حالة الهدوء إلى ميناء نويبع البحرى وتحركت عبارات الجسر العربى بين ميناءى نويبع والعقبة بعد شلل لنحو 15يوما، واستأنف كل من ميناء ومطار شرم الشيخ الدولى رحلاتهما، وبدأ تسيير الرحلات بصورة أفضل من سابقتها. وفى المنيا، سهر الآلاف من أبناء المحافظة، مساء أمس الأول، ينشدون ابتهاجا برحيل مبارك، وأطلقوا الأعيرة النارية فى الهواء، وسط انسحاب شبه تام لرجال الأمن الذين أخلوا الشوارع والميادين لفرحة الشعب، واللافت هو توافد آلاف الشباب، صباح أمس، على مكاتب البريد طلبا لفرص العمل التى أعلنها وزير المالية، ومن جانبه يقول محمد رمضان أحمد، ليسانس آداب: «أنا خريج عام 96 وعمرى 38 عاما، ولم أحصل حتى الآن على فرصة عمل، أما الآن فقد انتهت المحسوبية والوساطة وفرصتى أنا وغيرى باتت أكبر فى العثور على فرص جديدة». وفى سوهاج، فتحت المحال والأسواق التجارية أبوابها وانتظمت حركة البيع والشراء، فضلا عن استئناف حركة السرفيس بشوارع المدينة ومراكزها، وشهدت حركة العمل بالمصالح الحكومية انضباطا ملحوظا، بما فيها المصالح التى سبق أن أعلنت العصيان المدنى. وفى أسيوط، عادت الحياة إلى طبيعتها، فيما خرج الآلاف، أمس، فى كل شوارع المدينة تعبيرا عن فرحتهم بسقوط النظام ورموزه، وانتظم غالبية الموظفين فى أعمالهم إلى جانب العمال الذين أعلنوا الاعتصام قبل أيام فى شركات المياه والكهرباء والاتصالات والجامعة ومجمع المحاكم والمصالح الخدمية، وأشار عبدالنبى محمد، موظف بمديرية الصحة، «عقد وكلاء الوزارة اجتماعات مع الموظفين لحثهم على الانتظام فى العمل، وطلبوا منا الانتظام فى العمل وبدء عهد جديد من أجل إصلاح ما أفسده النظام القديم». وفى أسوان، خرجت احتفالات عارمة بعد قرار التنحى، وأطلق الأهالى الرصاص الحى فى الهواء وانطلق نحو 10 آلاف من أبناء المدينة إلى الشوارع ووزعوا الحلوى فيما بينهم. وفى مدينة إدفو.. احتفل الأهالى بتشييع جنازة رمزية لنعش الرئيس مبارك وتجولوا به فى الشوارع. وعلى الجانب الآخر شيع الآلاف بمدينة كوم أمبو، أمس، جثمان أول وآخر شهيد للثورة يدعى عمر محمد بغدادى، 23 سنة، توفى برصاص الشرطة فى مظاهرات الفرحة بتنحى الرئيس مبارك، وكان عدد من الشباب حاولوا اقتحام أقسام الشرطة عقب إعلان تنحى الرئيس مبارك، ووقعت اشتباكات بين الجانبين استخدمت فيها القنابل المسيلة للدموع والرصاص الحى مما أسفر عن وفاة شهيد بطلق نارى فى بطنه. وفى الوادى الجديد، سادت حالة من الهدوء الشوارع، صباح أمس، عقب ليلة طويلة قضوها فى الشوارع حاملين الأعلام المصرية وصورا للرئيس جمال عبدالناصر، وشكل الشباب والفتيات حلقات بميدان البساتين، وسط ترديد الهتافات المعبرة عن الفرحة بسقوط النظام، وانتهت تماما حالة الاعتصامات والاحتجاجات التى اجتاحت المدينة قبل أيام، وفى سياق متصل أغلق الحزب الوطنى أبوابه وأزيلت صور مبارك واللافتات المؤيدة له. وفى مرسى مطروح، خلت المنازل من الأهالى، وخرجت أعداد تقدر بعشرات الآلاف إلى الشوارع، واحتشدوا بوسط المدينة رافعين أعلام مصر وهم يرددون هتاف «الشعب خلاص أسقط النظام». وفى الأقصر، «عادت مصر للحياة وبعثت من جديد» هكذا قال أبناء المدينة الذين خرجوا للشارع مبتهجين بسقوط النظام، وانتشرت لافتات على الحوائط والجدران مدون عليها «سقط الديكتاتور وأعوانه»، وأخرى «مصر حرة والطاغية بره»، فيما شارك السائحون أهالى المدينة فرحتهم بالانتصار، وفى اليوم التالى اتجه الغالبية إلى أعمالهم فرحين ومعلنين عن بدء عهد جديد، وأبدى العاملون بالسياحة شعورهم بالفخر، مؤكدين أنه لم يعد شاغلهم الآن تناقص أعداد السائحين، متوقعين عودة الأمور أفضل مما كانت. وفى الفيوم، بدأت المحال التجارية تستعيد نشاطها من جديد بعد إغلاقها لأيام خشية من تكرار أعمال السرقة، وتوجه الموظفون إلى المصالح الحكومية، ونشطت حركة البناء والتشييد بشكل ملحوظ فيما ظهرت سيارات الشرطة لأول مرة بشكل ملحوظ وسط المدينة. شارك فى الاعداد نعمان سمير ومحمد عبده وحمادة الشوادفى وماهر عبدالصبور وعمرو بحر وحسن صالح وميشيل عبدالله وعلاء شبل وإسلام رضوان وحماد بعزق وأحمد سباق وأحمد أبوالحجاج