ذكرت الولاياتالمتحدة، أمس الأربعاء، أن الحكومة المصرية يجب أن تفعل المزيد لتلبية مطالب المحتجين بتغيير سياسي، في تصعيد واضح للهجتها إزاء واحدة من أهم حلفائها في الشرق الأوسط. وقال روبرت جيبز، المتحدث باسم البيت الأبيض، إن واشنطن تنتظر خطوات "حقيقية وملموسة" لتسريع الانتقال، بعد أن أشار أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري إلى أن واشنطن تحاول فيما يبدو فرض إرادتها على القاهرة. وقال جيبز، "ليس من الغريب أن يرى المرء ما يحدث في شوارع القاهرة بالنظر إلى تقاعس الحكومة (المصرية) عن اتخاذ خطوات للوفاء بمطالبهم." وعقد وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، اجتماعات في البيت الأبيض، حيث تدرس واشنطن وحليفتها الرئيسية الأخرى تأثير الأزمة السياسية في مصر على الاستقرار في الشرق الأوسط. وطرح جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي، الثلاثاء الماضي، الخطوات التي يتعين على مصر اتخاذها للتعامل مع احتجاجات لم يسبق لها مثيل ضد الرئيس حسني مبارك، وطلب من حكومته صراحة وقف مضايقات المحتجين، والإبطال الفوري للعمل بقانون الطوارئ، الذي يسمح بالاعتقال دون اتهام. وتهدف هذه المطالب على ما يبدو إلى زيادة الضغط على نائب الرئيس المصري عمر سليمان، المدير السابق للمخابرات، والذي يتفاوض مع شخصيات من المعارضة تطالب بتنحي مبارك فورا. وقال بن رودز، نائب مستشار الأمن القومي للصحفيين في اتصال هاتفي: تغير الكثير في مصر في غضون الأسبوع الماضي وحده، نعتقد أنها لا يمكن أن تعود أبدا إلى ما كانت عليه. وقال أبو الغيط خلال مقابلة مع برنامج تبثه شبكة (بي. بي. إس) الأمريكية، إن نصيحة بايدن لم تكن مفيدة على الإطلاق، وأنه مندهش لمطلب نائب الرئيس الأمريكي إنهاء حالة الطوارئ. وأضاف "عندما قرأتها هذا الصباح اندهشت حقا، لأن الآن ونحن نتحدث لدينا 17 ألف سجين طليق في الشوارع، خرجوا من السجون التي دمرت، كيف يمكنك أن تطلب نوعا من إلغاء قانون الطوارئ بينما نحن في وقت شدة." وتابع قائلا: امنحني وقتا يسمح لي السيطرة من أجل استقرار البلاد واستقرار الدولة، وبعدها سننظر في الأمر. وقال جيبز إن حكومة مبارك فقدت الصلة بالواقع على ما يبدو. وأضاف، "اعتقد أنه من الواضح أن الحكومة المصرية سيتعين عليها اتخاذ بعض الخطوات الحقيقية والملموسة، كي تلبي ما يطالب الشعب المصري به الحكومة التي تمثله." وقال البيت الأبيض، إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ناقش الوضع في مصر، أمس الأربعاء، مع العاهل السعودي الملك عبد الله، وأكد التزام الولاياتالمتحدة بالأمن في المنطقة. وتكافح إدارة أوباما على ما يبدو لصياغة رسالتها إلى مصر، حيث أثارت الاحتجاجات المخاوف من التشدد الإسلامي الذي قد يهدد اتفاقية السلام مع إسرائيل، التي وقعتها القاهرة في عام 1979، ودورها في جهود السلام في الشرق الأوسط. وتشمل أهمية مصر الإستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة الدور المصري كحارس لقناة السويس، وهي ممر مهم لشحنات النفط إلى الغرب، فضلا عن قدرتها على أن تمثل ثقلا مقابلا لنفوذ إيران في المنطقة. لكن إسرائيل وهي من أكبر المستفيدين من المساعدات الأمريكية تشكل عاملا أيضا، وقال مسؤولون إسرائيليون إن الاضطرابات في مصر ربما تستلزم من إسرائيل أن تعزز قوتها. وأجرى وزير الدفاع الإسرائيلي باراك الذي يقوم بأول زيارة لواشنطن منذ اندلاع الأزمة في مصر محادثات مع نظيره الأمريكي روبرت جيتس، ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، وتوماس دونيلون مستشار أوباما للأمن القومي. وذكر البيت الأبيض في بيان في أعقاب المحادثات أن المسؤولين الأمريكيين أكدوا التزام واشنطن "الذي لا يمكن زعزعته بأمن إسرائيل، بما في ذلك استمرار المساندة للجيش الإسرائيلي، والتعاون غير المسبوق في مجال الأمن بين حكومتينا." وتأمل واشنطن من خلال دعوتها إلى انتقال منظم للسلطة في مصر أن تكون المساعدات العسكرية التي تقدمها إلى مصر سنويا، والتي بلغت نحو 1.3 مليار دولار العام الماضي عاملا مهما لدعم الاستقرار، لكن فكرة وضع شروط لهذه المساعدات كانت من الموضوعات الرئيسية في مجلس النواب أمس. وقال هاوارد برمان أكبر عضو ديمقراطي في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، إن المساعدات ينبغي أن تستمر "ما دام الجيش يلعب دورا بناء في تحقيق انتقال إلى الديمقراطية." وأشارت نتائج استطلاع جديد للرأي أجرته رويترز ولسبوس إلى أن غالبية الأمريكيين يعتقدون أن بلادهم يجب أن تكون حذرة في تأييد الديمقراطية في الشرق الأوسط، لأن الانتخابات قد تدفع بحكومات إسلامية مناهضة للولايات المتحدة إلى السلطة.