شبه الصمت الذي التزم به الزعماء العرب تجاه الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي من السلطة معبر للغاية، ولكن العواصم العربية لزمت الهدوء إلى حد كبير بعد أن أذهلها على ما يبدو الانفجار المزلزل للاحتجاجات في تونس. وقال هنري ويلكنسون من مؤسسة جانوسيان سيكيورتي الاستشارية "الأمر الذي سيقلق حكومات كثيرة في المنطقة هو أن الأزمة كانت عفوية ولم تكن منظمة"، وأضاف "الأحداث في تونس أظهرت خطر تأثير الكبت: إذا انتهجت نظام القمع العنيف دون معالجة أسباب السخط يمكن أن يؤدي أي شرخ في النظام إلى انفجار". وأعربت الممملكة العربية السعودية التي سمحت ل"بن علي" باللجوء إليها عن دعمها للتونسيين من أجل تجاوز هذه "المرحلة الصعبة". وفي مصر قالت وزارة الخارجية إنها تحترم خيارات الشعب التونسي "وتثق في حكمة الإخوة التونسيين على ضبط الوضع وتفادي سقوط تونس في الفوضى". وقال السودان إنه رحب بالتغيير السياسي في تونس، مستخدما لغة مماثلة بشأن احترام إرادة الشعب التونسي. وفي العراق تفادى علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة التعليق على القلاقل في تونس، وقال إن هذه مسألة داخلية تخص الشعب التونسي، والعراق لا يتدخل في شؤون الدول الأخرى، ويحترم خيار الشعوب في المنطقة. وربما يعكس تحفظ الزعماء العرب بشأن تونس تخوفهم، مثلما قال المحلل كميل الطويل، من أن ما حدث في تونس أثبت أن بإمكان الشعوب إسقاط نظام حكم في العالم العربي بالخروج إلى الشوارع والتظاهر، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أنهم سيكونون متأهبين إذا ما رأت شعوبهم تكرار ثورة تونس. وقال ريتشارد دالتون وهو سفير بريطاني سابق في ليبيا وإيران إن "حكاما مستبدين آخرين لن يتورعوا عن قمع العنف الذي أظهره التونسيون". وأضاف أن البعض، مثل الزعيم الليبي معمر القذافي، سيخلص إلى أنه ما زال على صواب في عدم تقديم شبر واحد سواء للإسلاميين أو لمجرد الإصلاحيين. وأن أفضل ما يخدم بقاء النظام هو مقاومة أي ضغوط غربية من أجل التغيير. وغالبا ما يبرر الحكام العرب القمع بالإشارة إلى أن البديل لذلك هو رؤية إسلاميين راديكاليين يمسكون بالسلطة، ولكن تونس لم تقدم دعما واضحا يذكر لهذه الحجة. وقال المحامي والمحلل السياسي الجزائري سعد جبار، إن نظام بن علي بالغ في استخدام مسألة الإسلاميين محاولا تخويف الناس من القاعدة والناس رأوا الوضع من خلال ذلك. وقال المحلل جيوف بورتر، مشيرا إلى تحركات ليبيا والجزائر لخفض أسعار المواد الغذائية بالتخلي عن عائدات الضرائب، إن "تونس كانت ببساطة تملك أوراقا أقل تلعب بها، هذا البلد لم يكن يملك الاستعانة بموارد الهيدروكروبون للقضاء على المشكلات". وحتى الدول ذات الموارد الضعيفة مثل الأردن حاولت إحباط القلاقل من خلال اتخاذ إجراءات مماثلة يمكنها تحملها بصعوبة.