كابدت الأسواق الخليجية ديونا ومخاوف تنظيمية وجمودا في سوق الطروح العامة الأولية على مدى العامين المنصرمين، وتأخرت عن سائر الأسواق الناشئة، لكنَّ المستثمرين يتوقعون تحسن الأوضاع في 2011. والنبرة المتفائلة أكثر وضوحا في عام من المتوقع على المستوى العالمي أن يكون أفضل للأصول مرتفعة المخاطر مثل الأسهم، إذ تتسارع وتيرة تعافي الاقتصاد العالمي، وتعزز وفرة السيولة أنشطة الاستثمار. وأظهر مسح ل"رويترز" شمل 55 مؤسسة استثمارية في الولاياتالمتحدة وأوروبا واليابان وبريطانيا أن حيازات المستثمرين من الأسهم بلغت أعلى مستوياتها في 10 أشهر في ديسمبر. وتاريخيا تحقق أسواق المنطقة أداء جيدا عندما يزداد الإقبال على المخاطرة بين المستثمرين العالميين. وقال فادي السيد، مدير المحافظ بصندوق (آي.إن.جي أنفستمنت) لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا البالغ حجمه 95 مليون دولار في دبي: "المستثمرون متفائلون للغاية بعام 2011". وظلت المنطقة بعيدة إلى حد كبير عن موجة من الصعود على مدار عامين في الأسواق الناشئة، حيث حققت مؤشرات الأسهم في البرازيل والهند والصين أعلى مستوياتها على الإطلاق، وسارع المستثمرون إلى تكوين مراكز. وبعد تفوق ملحوظ في 2009 تجاوز مؤشر (إم.إس.سي.آي) للأسواق الناشئة مجددا مؤشرات الأسواق العربية الخليجية في 2010 بزيادة نسبتها 16.4%، مقارنة مع زيادة بلغت 13% لمؤشر ستاندرد آند بورز لدول مجلس التعاون الخليجي. وقال نادي برغوتي، رئيس إدارة الأصول ببنك الاستثمار شعاع كابيتال في دبي: "لا شك في أن المنطقة (ككل) تأخرت عن الأسواق الناشئة لكن بعض الأسواق تفوقت مثل قطر والمغرب". وقال المركز المالي الكويتي (المركز) في مذكرة بحثية في الآونة الأخيرة: إن التقييمات والأرباح القوية ستصنف المنطقة كمنطقة ذات عائد جذاب. وقال إم.آر راغو، نائب الرئيس الأول للبحوث في المركز: "ندخل 2011 وسط استقرار كبير. سيكون نمو الأرباح جيدا، ومن المتوقع أن يكون ذلك عاملا في تحسن السوق". وتشمل العوامل الأساسية التي قد تعزز السوق هذا العام احتمال إدراج المؤشرين القطري والإماراتي على مؤشر (إم.إس.سي.آي) للأسواق الناشئة، وإمكانية السماح للمستثمرين الأجانب بدخول السوق السعودي بشكل مباشر. ولا يضم مؤشر الأسواق الناشئة القياسي في الوقت الحالي أي دولة خليجية، ومن شأن إدراج أي منها أن يرغم شركات إدارة الصناديق التي تتبع إستراتيجية خاملة، تتعقب تلك المؤشرات على تخصيص أموال للاستثمار في المنطقة. وقال سليم فرياني، الرئيس التنفيذي لشركة أدفانس لرأس المال الناشئ ومقرها لندن في مقابلة: "من المرجح أن يكون لرفع المؤشرات لتصنيف الدول إلى أسواق ناشئة أثر إيجابي للغاية. قطر والإمارات على رأس القائمة". وأضاف قائلا: "لست واثقا من قدرة قطر حتى على استيعاب كمية الأموال التي ستضخ في أسواقها". كما أن بعض المشاكل التي عانت بسببها أسواق المنطقة قد تبدأ في الانحسار تدريجيا في 2011. ويقول محللون إن السوق العقارية قد تبلغ مداها من الهبوط في 2011 بعدما خسرت أكثر من 50% في أماكن مثل دبي، وقد تستأنف البنوك الإقراض، وإن كان بخطى حذرة. وقال السعيد من آي.إن.جي "نتحدث عن نفس المشاكل منذ 3 سنوات إلى الآن. وتيرة التراجع التي شهدناها في السابق ستكون أقل وستبدأ الأسواق التطلع إلى ما بعد انتهاء تلك المشاكل". وقد يشهد الإقراض المصرفي -الذي تراجع بشدة في دول مثل السعودية والإمارات- انتعاشا تدريجيا مع وصول المخصصات لتغطية خسائر القروض إلى شركات عائلية وكيانات حكومية إلى ذروتها. وقال شهزاد جناب، رئيس إدارة الأصول والاستشارات في ضمان للاستثمار في دبي: "نحتاج إلى أن تضع البنوك حدودا، وأن تعود للإقراض مجددا". ويتوقع محللون ومديرو صناديق استمرار تفضيل المستثمرين لقطر والسعودية، وأن تشهد السوقان مزيدا من الارتفاع في 2011. وحقق مؤشر أسهم قطر- صاحبة أحد أسرع الاقتصادات نموا في العالم- أفضل أداء بين مؤشرات الأسهم الخليجية العام الماضي مع تسجيله مكاسب بلغت حوالي 25%، بينما صعد المؤشر السعودي 8% فقط. ومن المتوقع أن يجتذب فوز قطر بتنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم في 2022 استثمارات إلى البلد، ويكون له تأثير إيجابي على البورصة. وفي السعودية من المتوقع في ظل صعود سعر البترول إلى أكثر من 90 دولارا للبرميل، أن يرتفع الإنفاق الحكومي، وأن يعود ذلك بالنفع على القطاعات الرئيسية بالمملكة. وتعتزم الحكومة السعودية إنفاق 155 مليار دولار في 2011. وقال برغوتي: "الإنفاق المحدد في الميزانية سيكون له أثر إيجابي على السوق السعودية". ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار البترول لصعود أسهم شركات البتروكيماويات، وهو القطاع الرئيسي في السعودية، بينما من المتوقع أن تجنب البنوك -وهي مكون رئيسي آخر في المؤشر السعودي- مخصصات أقل، وتستأنف الإقراض خاصة لمشروعات تدعمها الحكومة. ويقول المستثمرون أيضًا إن السوق الإماراتية قد تحقق مفاجأة بعدما سجلت أسوأ أداء في منطقة الخليج في 2010، إذ هبط مؤشر سوق دبي المالي 10%. وقال جناب: "هناك قدر كبير من التشاؤم في الإمارات، مما جعل الأسواق تتوق إلى أي أنباء طيبة، وأي إعلان إيجابي سيؤدي إلى انطلاق موجة صعود".