أكدت مصادر طبية في مستشفى بمدينة القصرين، شمال غرب تونس، أن 10 أشخاص على الأقل قتلوا، اليوم الاثنين، وأُصيب نحو 10 آخرين على نحو خطير، عندما أطلقت قوات الأمن الرصاص بشكل عشوائي على محتجين في المدينة التي تشهد لليوم الثالث على التوالي مواجهات دامية بين السكان وقوات مكافحة الشغب على خلفية تفشي البطالة وغلاء المعيشة. وقد ألقى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي باللوم على "أطراف خارجية. وعصابات ملثمة. وأياد لم تتورع عن توريط التلاميذ والشباب العاقل" في الاضطرابات التي تشهدها عدة مدن في البلاد، واصفًا ما يجري في بلاده بأنه "عمل إرهابي". وقال الرئيس التونسي، اليوم الاثنين، في خطاب متلفز وجهه إلى الأمة: إن هذه الأيادي "استغلت بدون أخلاق" بعض الأحداث التي "أسفنا لها جميعًا". وأكد الرئيس التونسي أن بلاده "مواردها ذكاء أبنائه وبناته التي راهنا عليها دوما"، وأضاف أن التشغيل يتصدر أولويات البلاد. وأضاف أن هذه الأحداث هي أعمال "قلة من المناوئين" الذين يسيئهم ما تحقق لتونس من نجاح وتقدم. وقال الرئيس التونسي: إن السياسة الاقتصادية تعطي أولوية للتوظيف، وأن البطالة ليست مشكلة حصرية تعاني منها تونس، بل بلاد عدة. واستطرد: إن الجميع "يعلم ما بذلناه من جهود لخلق فرص عمل لتشغيل الشباب الذين تتكاثر أعدادهم". وقرر الرئيس التونسي عقد ندوة وطنية الشهر المقبل، يشارك فيها ممثلون عن المجالس الدستورية وهيئات الأحزاب في البلاد لتقديم الاقتراحات والتصورات لخلق مزيد من فرص التشغيل. وتعهد بن علي بمضاعفة طاقة التشغيل، وبتعيين الخريجين العاطلين عن العمل منذ سنتين، كما قرر إعفاء مشاريع جديدة للتشغيل من الضريبة على الأرباح لمدة عشر سنوات تشجيعًا لها. ودعا نواب الشعب إلى تكثيف حضورهم واتصالاتهم المستمرة بالمواطنين، لمعرفة المشاكل التي يعانون منها لإبلاغها للجهات المسؤولة للسعي إلى حلها. وشكر الرئيس التونسي الزعيم الليبي معمر القذافي على مبادرته، لتسهيل انتقال التونسيين بين البلدين، مثلهم في ذلك مثل الليبيين. وقال إن برامج الحكومة خلال الفترة الحالية "وما اعتمدناه من برامج إضافية" تصب جميعا لحل مشكلة البطالة. وتابع: "نقول لكل من يغرر بالشباب، ويدفع بهم إلى الشغب والفوضى، إن القانون سيكون هو الفيصل". وقال الرئيس التونسي: إن هذه الأحداث لا يمكن أن "تفل من عزمنا، بل يجب أن تستخلص منها الأطراف كافة العبرة والعظة، وأن تواصل مسيرتها بكل حماس لأن عزة تونس أمانة في أعناقنا جميعا". وتشهد عدة مدن تونسية منذ النصف الثاني من ديسمبر 2010 اضطرابات واحتجاجات اجتماعية على خلفية البطالة وغلاء الأسعار. وانطلقت شرارة الاحتجاجات والاضطرابات يوم 18 ديسمبر 2010 من مدينة سيدي بوزيد (265 كلم جنوب العاصمة تونس) غداة إقدام بائع متجول على الانتحار بإحراق نفسه، احتجاجًا على تعرضه للصفع والبصق على الوجه من قبل شرطية (امرأة) تشاجر معها بعد أن منعته من بيع الخضراوات والفاكهة دون ترخيص من البلدية، ولرفض المحافظة قبوله لتقديم شكوى ضد الشرطية. وسكب الشاب -الذي يدعى محمد البوعزيزي (26 عاما)- البنزين على جسمه، وأضرم النار في نفسه أمام مقر محافظة سيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر 2010. وقد فجرت هذه الحادثة موجة احتجاجات اجتماعية في عدة أنحاء من البلاد.