أثار مقترح لوزير التربية والتعليم د. أحمد زكى بدر بإضافة مادة التربية القومية قبل أيام التساؤلات حول محتوى هذه المادة التى بين أيدى بعض الطلاب الآن، ولماذا هى مادة مهملة على الرغم من أهميتها فى معالجة مشكلات العنف وعدم الانتماء بين النشء. يعود بنا د. سعيد إسماعيل على أستاذ مناهج الدراسات الاجتماعية بتربية عين شمس إلى جذور مادة التربية الوطنية موضحا أن أول من قرر هذه المادة على طلاب المدارس هو على ماهر باشا عام 1925 وزير التعليم وقتها، عقب ثورة 1919 واستقلال مصر عن الدولة العثمانية فى 1922، وكان لابد من تعزيز فكرة الوطن لدى التلاميذ، وقال ماهر وقتها لابد للمصريين أن يتلقوا قدرا مشتركا من ثقافة المواطنة، وسميت (التربية الوطنية)، وقبلها أشار رفاعة الطهطاوى فى أحد كتبه إلى أهمية وجود مثل هذه المادة، ليأتى على باشا مبارك فى 1867 ليضمن قانون التعليم أن يدرس بالمدارس كل المصريين من الأغنياء والفقراء والمسلمين والأقباط. إلا أن هذه المادة تحولت إلى (التربية القومية) بمجىء ثورة يوليو 1952، على اعتبار أن مصر جزء من الوطن العربى، لكنها تحولت الى مادة دعائية سياسية بحسب تعبير د. إسماعيل، تركزت حول إنجازات الزعيم عبدالناصر، ولم تخرج عما كانت تحمله كتبه أو ما يكتب فى الصحف، فاستهان بها الطلاب، ويعلق د. إسماعيل: «كنت أخجل وأنا أدرسها للطلاب لأن الناس كانت زهقانة من الكلام ده». ويوضح حسن مصطفى مدرس الفلسفة بمدرسة الطبرى شيراتون بمصر الجديدة أن مادة (التربية الوطنية) التى يدرسها الطلاب فى الصف الأول الثانوى لا تختلف فى موضوعاتها عن مادة (التربية القومية) التى يدرسها طلاب الصف الثالث الثانوى، فتحتوى كلتاهما على بعض الموضوعات التاريخية مثل مكافحة الوطن للاستعمار، وقصص كفاح بعض الشخصيات مثل بنت الشاطئ، والفرق بين المادتين هو الاسم فقط، ولهما نفس الدرجة ولا تضاف للمجموع. ويقترح قاسم عبدالعليم مدرس التاريخ بمدرسة الخيديوية الثانوية بنين بالسيدة زينب إضافة درجات مادة التربية القومية للمجموع، وتطوير مضمونها ليدعم الشعور بالانتماء للوطن ويحمى الشباب من الأفكار الطائفية. أما د. يحيى عطية سليمان رئيس قسم المناهج بكلية التربية بجامعة عين شمس ورئيس الجمعية التربوية للدراسات الاجتماعية فاقترح ضرورة أن تتضمن المادة أنشطة يمارسها الطلاب، لينتقل من المعرفة إلى السلوك، منتقدا احتواءها على الأحداث التاريخية التى تشعر الطلاب بأن محتوى هذه المادة مكرر. بينما لفتت د. عايدة أبوغريب أستاذ مناهج الدراسات الإجتماعية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية إلى أن الأهم من محتوى مادة التربية القومية هو كيفية تدريسها، ففى الدول الأجنبية يقوم الطلاب بدراسة مادة تسمى «التربية بالمواطنة» ويقوم الطلاب من خلالها باختيار موضوع أو مشكلة معينه لدراستها تحت إشراف المعلم وتجميع المعلومات الكافية عن هذه المشكلة ويقوم الطلاب بالنزول لأماكن الأحداث ومقابلة المسئولين عن هذه المشكلة، ويعرض الطلاب من خلال ندوة حلولهم واقتراحاتهم لحل هذه المشكلة فى المستقبل، فيكون هذا هو الأسلوب الأمثل لتدريس المواطنة. ودعا د. سعيد إسماعيل على إلى فك الاشتباك بين التربية الوطنية التى تركز على (اليوم وغدا) ومادة التاريخ التى تركز على (ما حدث بالامس) باعتبار أن لكل منهما وظيفة تختلف عن الأخرى، لافتا إلى ما نراه الآن يدل على أنه لا توجد تربية وطنية حقيقية بالمدارس، ولو أنها احتوت على علم حقيقى لأصبحت مادة محترمة وأساسية فى تقييم الطلاب وتحتسب ضمن مجموع الدرجات، والمفروض أن تحتوى على ما يسمى بعلم التربية المدنية، فيدرس الطلاب من خلالها ما يتصل بالوطن ونظامه المدنى، والبرلمان والأحزاب والنظام الجمهورى، وحقوق المواطن وواجباته بصرف النظر عن ديانته، وتبدأ من مراحل التعليم الأولى وليس فى المرحلة الثانوية، لتكون أقرب للثقافة القانونية، ويعلق د. إسماعيل: «كان د. فتحى سرور مقتنعا بأن تحتوى هذه المادة على هذه الثقافة القانونية أيام كان وزيرا للتربية والتعليم فى الثمانينات، لكنه قال لى أخشى أن يقال أنى أضفت هذا المحتوى لأنى قانونى».