شهدت الساعات الأخيرة عدة مدن في الجزائر نزول شباب إلى الشارع، احتجاجا على غلاء المعيشة، وقلة المساكن والبطالة في هذا البلد الغني بالبترول. وليل أمس الأربعاء، واليوم الخميس اندلعت إعمال شغب في حي باب الواد الشعبي، في العاصمة الجزائرية، حيث تظاهر عشرات الشبان ورشقوا مركز الشرطة المحلي بالحجارة، كما خربوا واحرقوا متجر وكيل سيارات "رينو"، حيث دمروا حوالي 10 سيارات، حسب ما أفاد مصور فرانس برس. وكالعادة أحرقوا إطارات قديمة لقطع الطريق أمام التعزيزات الأمنية، وفي الوقت نفسه نزل شبان إلى الضاحية الغربية للجزائر العاصمة، احتجاجا على ارتفاع الأسعار. ومساء الإثنين، قطع آلاف الشبان طرقات في تيبازا (70 كلم غرب العاصمة الجزائر)، احتجاجا على ظروف العيش الصعبة. وكان التوتر واضحا الأربعاء في مدينة وهران (430 كلم غرب الجزائر)، بعد أن أحرق عشرات الشبان إطارات وقطعوا الطرقات بجذوع أشجار، وألقوا مقذوفات على سيارات. وكتبت صحيفة "وهران"، اليوم الخميس، أن شبانا اقتحموا مستودعا وسرقوا منه أكياسا من الطحين، في وقت تشهد فيه أسعار الخبز ارتفاعا، وتلوح في الأفق أزمة قمح. وتسعى الحكومة إلى طمأنة الناس، في حين تشهد الجزائر تظاهرات، منذ أسبوع، احتجاجا على ظروف العيش الصعبة. والأربعاء أكد وزير التجارة، مصطفى بن بادة، أن "الدولة ستستمر في دعم السلع الأساسية". ومنذ أشهر تشهد كل المناطق في الجزائر تظاهرات، احتجاجا على عدم توفر مساكن اجتماعية وتفشي الفساد، وفي الوقت نفسه تهدم مدن الصفيح غير المشروعة. وأشارت الصحف في الأسابيع الماضية إلى سلسلة حوادث، وقعت في هذه الأحياء، وسقط خلالها جرحى. وقبل بدء ولايته الثالثة في 2009 تعهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ببناء مليون شقة لتحل مكان المساكن التي دمرها الزلزال في 2003، وبسبب زيادة عدد سكان البلاد 3 أضعاف (35.6 مليون نسمة)، منذ الاستقلال في 1962. وتم تسليم 10 آلاف مسكن هذه السنة في الجزائر. وبحسب صندوق النقد الدولي، فان 75% من الجزائريين، اليوم، هم دون الثلاثين من العمر، وأكثر من 20% من الشباب عاطلون عن العمل. وهذا الوضع يدفع بهم إلى الهجرة إلى أوروبا، ولعدم حصولهم على تأشيرات دخول يجازفون بحياتهم، ويحاولون الوصول إلى أوروبا على متن زوارق قديمة، وكل شهر تفشل محاولات العشرات منهم، لكن ليس هناك إحصاءات دقيقة حول هذه الهجرة. واليوم الخميس دق محمد صائب ميزت -الاختصاصي في العلوم الاجتماعية كبير الباحثين في مركز بحوث الاقتصاد التطبيقي من أجل التنمية- ناقوس الخطر، وصرح لفرانس برس "أخشى من تدهور الأوضاع"، في حين تعيش البلاد في ظل نظام طوارئ مفروض، منذ العقد الأسود المناهض للإسلاميين في تسعينيات القرن الماضي. ويوافقه زميله ناصر جابي الرأي، مؤكدا أنه يمكن لهذه الإحداث "أن تتأزم أكثر"، حتى وإن "أصبحت أعمال الشغب رياضة وطنية في الجزائر". وقال ميزت، "هناك عدوى عندما نقارن هذه الأحداث مع ما يحصل في تونس"، حيث أوقعت تظاهرات 4 قتلى منذ ديسمبر، "حتى وإن لم تكن الأوضاع شبيهة تماما"، وأضاف، "هناك حرية أكبر هنا، والجزائر دولة غنية بالمحروقات". الفيديو نقلا عن "بي. بي. سي العربية"