قبل شهرين، انتخبت إيران رئيسة لمنظمة الدول المصدرة للنفط أوبيك، وذلك للمرة الأولى منذ نشوء الثورة الإسلامية فى إيران. وبالإضافة إلى ما يمثله هذا الانتخاب من نجاح للدبلوماسية الإيرانية، فإن تولى إيران رئاسة منظمة الأوبيك سيمنح أحمدى نجاد أداة جديدة لتهديد الدول الغربية. بالاستناد إلى الأرقام الرسمية لمنظمة أوبيك، فإن الدول الأعضاء فيها كانت فى سنة 2009 تملك نحو 80 فى المائة من الاحتياط النفطى فى العالم. أما إيران فتملك نحو 130 مليار برميل من النفط الخام، مما يشكل نحو 13 فى المائة من احتياط النفط العالمى. وعلى الرغم من أن السعودية وفنزويلا تملكان احتياطا نفطيا أكبر، فإن وصول إيران إلى رئاسة الأوبيك سيمنحها القدرة على التحكم بأسعار النفط فى العالم. إن الدول الخمس زائد واحد التى تجلس فى مواجهة إيران إلى طاولة المفاوضات المتعلقة بالموضوع النووى الإيرانى، هى من بين أكبر الدول المستهلكة للنفط. ولهذا السبب فإن العقوبات المفروضة على إيران لم تشمل حتى اليوم مقاطعة النفط الإيرانى. فكل إنسان عاقل يعرف أن مثل هذا الحظر سيؤدى إلى صعود أسعار النفط فى العالم. لذا تجد الدول الخمس زائد واحد نفسها واقعة بين المطرقة والسندان، ففرض الحظر على النفط من إيران لن يلحق الضرر بإيران وحدها، وإنما سيزعزع الاستقرار الاقتصادى لهذه الدول. وقد سبق أن أعلن الإيرانيون أكثر من مرة أنهم سيلجأون إلى استخدام سلاح النفط، فى حال لم يبق لديهم خيار آخر. وفى إمكان إيران التنسيق مع الدول الأعضاء فى أوبيك استخدام الاحتياط النفطى من أجل رفع أسعار النفط فى سنة 2011، وسيسهل ترؤسها منظمة الأوبيك هذا الأمر. وسيكون فى إمكان إيران التأثير فى سعر صرف الدولار واليورو، بواسطة أسعار بيع برميل النفط. كما علينا ألا ننسى تهديدات إيران بإغلاق مضائق هرمز فى وقت الطوارئ. ينبغى علينا ألا ننسى أن عائدات إيران من النفط والغاز توازى نحو 55.6 مليار دولار، مما يشكل نحو 60 فى المائة من مداخيل الدولة. من هنا فإذا قررت إيران تقويض سوق النفط العالمى، فإنها ستقوض أيضا الاقتصاد الإيرانى. من هنا يمكن القول إن سلاح النفط سلاح ذو حدين. إن تولى إيران رئاسة منظمة أوبيك سيشكل أداة دفاع إضافية عن مشروعها النووى. ولكن يمكن اللجوء إلى وسائل كثيرة من أجل مواجهة التهديدات الإيرانية. مثلا يمكن إحياء منظمة الدول العربية المصدرة للنفط المنافسة لأوبيك. فإذا كانت دول الخليج العربى وعلى رأسها السعودية ترغب فعلا فى وقف المشروع النووى الإيرانى، فإن عليها أن تكون مستعدة للتضحية من أجل ذلك. إن فى إمكان منظمة الدول العربية المصدرة للنفط التى أنشئت من أجل استخدام سلام النفط فى الصراع العربى الإسرائيلى أن تعلن أن إيران هى العدو الجديد، وأن تتعهد فى وقت الأزمة السياسية مع إيران زيادة صادراتها للنفط من أجل منع التبدلات الكبيرة فى أسعار النفط. إن سنة 2011 هى سنة حاسمة بالنسبة للمشروع النووى الإيرانى. ويجب على الدول الغربية أن تبذل كل ما فى وسعها من أجل وقف السعى الإيرانى الحثيث من أجل الحصول على السلاح النووى. من المحتمل أن يؤدى الصدام الجبهوى مع إيران إلى إلحاق الضرر بالاقتصاد الغربى فى المدى القصير، ولكنه سيحافظ على الاستقرار فى الشرق الأوسط فى المدى البعيد.