كانت عقارب الساعة تقترب من الحادية عشرة مساء، ليلة 31 ديسمبر، الألعاب النارية والصواريخ انطلقت من فنادق وملاهى وسط القاهرة لتضىء سماء المدينة احتفالا بقدوم العام الجديد، بينما على بعد خطوات بدت الصورة مختلفة تماما. فى غرفة العمليات بمستشفى الجلاء للولادة، كان الفريق الطبى المكون من 12 شخصا على أهبة الاستعداد لاستقبال ضيف جديد. ورغم أن المستشفى الذى يعد صرحا للتوليد فى الشرق الأوسط يستقبل يوميا قرابة 40 حالة، إلا أن ليلة رأس السنة ليست كغيرها من الليالى. شعرت السيدة هداية (37 سنة) بآلام المخاض بعد 6 سنوات جربت خلالها كل أنواع العلاج حتى نجحت عملية التلقيح الصناعى. كانت فرصتها الأخيرة للإنجاب بعد تجربتين سابقتين لم يكتب لهما النجاح. رغم مرور 37 عاما على التحاق الدكتور محمد إكرام استشارى التوليد بالمستشفى ظل هذا اليوم من رأس السنة محفورا فى ذاكرته بحكم ما كان يحمله من مفاجآت، فالسيدة هداية رزقت بطفل ثالث لم يكن فى الحسبان ولم يظهر فى الأشعة التليفزيونية التى أجرتها. كان الدكتور يقود فريق عمله العام الماضى، ليلة رأس السنة، فى جو من التوتر: «اعتدنا الإيقاع السريع والمشحون بحكم طبيعة المكان كمستشفى للطوارئ، لكن ليلة رأس السنة تشهد عادة ضغطا إضافيا، لأن معظم الأطباء يغلقون عيادتهم الخاصة للاحتفال بالمناسبة وكذلك العديد من المستشفيات الخاصة يكونون فى عطلة بدورهم»، لذا يزداد استقبال حالات الولادة بنسبة تتراوح بين 10 % و20%، وفقا لإحصاءات مستشفى الجلاء. يضيف الطبيب: «نستقبل فى ذلك اليوم مولودين كل ساعة تقريبا، ونعمل بأعلى طاقة، فعادة يكون عدد أطباء الطوارئ 15 طبيبا بمعدل طبيب نساء وتوليد لكل سيدتين». توضح فاطمة رئيسة الممرضات بالمستشفى نفسه أنه فى السنوات الأخيرة جرت العادة أن تقدم القنوات الفضائية هدية نقدية لأهالى مواليد أول العام، وتقول: «فهذه القنوات تحتفل على طريقتها بالمولود رقم 1 فى يوم 1 يناير»، فهو رقم واحد ضمن 4320 طفلا يولدون يوميا ومليونى طفل سنويا، طبقا لأرقام الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء الذى يقدر الزيادة السكانية بمعدل 1.8% سنويا. و فى ظل ارتفاع تكاليف الولادة من أطباء ومستشفى وعقيقة وسبوع وخلافه فقد ظل شكرى يكرر على مسامع زوجته: «اتستجدعى! لا تضعى المولود قبل مرتب الشهر»! وبالفعل أثبتت زوجته معدنها الأصيل لأنها انتظرت حتى يحصل على أرباح آخر العام ووضعت فى آخر أيام السنة. يروى شكرى: «رافقت زوجتى للقسم الاقتصادى بمستشفى الجلاء ثم توجهت للمؤسسة التى أعمل بها حيث تسهر خزنتها يوم 31 ديسمبر، فلم يكن فى جيبى سوى عشرة جنيهات. وكان قدوم ابنتى فى العام الجديد فألا حسنا وحصلت على تقدير ممتاز ومكافأة فى نهاية العام». تضيف فاطمة الممرضة أن الكثير من السيدات اللاتى يلدن فى يوم رأس السنة حتى ولو قبيل منتصف الليل بساعات يفضلن تقييد أطفالهن يوم 1 يناير تفاؤلا بالعام الجديد وحرصا على أن يكسب الأولاد سنة فى المدارس والحياة، فالبعض أيضا يعتقد أن الميلاد فى أول العام من حسن الطالع تيمنا بالمشاهير الذين ولدوا فى مثل هذا اليوم، ومنهم: أم كلثوم (1898)، (والكاتب إحسان عبدالقدوس ( 1919) والعالم فاروق الباز (1938. فى المعتقل : عام جديد مثل عام مضى فى الورشة : الأجندة... سفيرة النوايا الحسنة