«اختلف فى الشكل واتفق فى المبدأ إقصاء المعارضين والمخالفين فى الرأى» هكذا عبر مراقبون عن الحالة، التى جمعت بين ثنائية الإخوان، فالجماعة التى تعد القوى السياسية المعارضة الأكبر للنظام الحاكم خرجت من انتخابات الشعب الأخيرة بدون أى مقاعد نتيجة لعمليات «التزوير الواسعة»، التى تعرضت لها من قبل النظام الحاكم، الذى لم يقبل وجود مخالفين له فى برلمان 2011 عام الانتخابات الرئاسية، بحسب تصريحات عدد كبير من قيادات الجماعة. ويرى المراقبون أن الطريقة التى تعامل بها النظام مع الجماعة فى الانتخابات الأخيرة هى نفس الطريقة، التى تعاملت بها الجماعة مع أعضائها المعارضين فى الانتخابات الداخلية التى أجريت لانتخاب مرشد ثامن ومكتب إرشاد جديد. وكانت الجماعة قد تعرضت لواحدة من أكبر الأزمات التى مرت بها على مدار تاريخها، الذى امتد لأكثر من 80 عاما بدأت أحداثها بإعلان نائب المرشد السابق محمد حبيب استقالته من مناصبه داخل الجماعة، عقب بدء مرشد الجماعة السابق مهدى عاكف فى إجراءات انتخاب المرشد الجديد بالشكل الذى اعتبره حبيب «باطلا». منعت تلك الانتخابات التى أثارت جدلا غير مسبوق خروج حبيب المعروف بميوله الإصلاحية من الوصول لمنصب المرشد أو حتى عضوية مكتب الإرشاد، ولحق به عبدالمنعم أبوالفتوح زعيم التيار الإصلاحى، وسيطر التيار المحافظ على مفاصل التنظيم. ولم يقتصر الأمر على خروج أبوالفتوح وحبيب فى انتخابات شكك بعض قيادات الجماعة فى نزاهتها، حيث تبعهما القيادى إبراهيم الزعفرانى، الذى فقد عضويته بمجلس شورى الجماعة، عقب تقدمه بطعن على انتخابات مكتب الإرشاد فى سابقة لم تحدث من قبل، ولم يبت مكتب الإرشاد فى الطعن الذى أوجز فيه الزعفرانى أسباب بطلان انتخابات مكتب الإرشاد, يأتى هذا فى الوقت التى تتحدث فيه الجماعة عن عدم احترام النظام لأحكام القضاء وتجاهله لمعارضيه، ووصل الأمر إلى أن المرشد السابق مهدى عاكف استخف بطعن الزعفرانى، وقال متهكما: «اللى مش عاجبه يشتكى فى القضاء الإدارى». وما حدث مع الزعفرانى حدث مع المهندس حامد الدفراوى عندما طعن على عضوية 5 من أعضاء مكتب الإرشاد، وقال المرشد بعد تسلمه المذكرة: «أنا لا أرد على مذكرات وإنما أدرسها وأستفيد منها»، ليتحول الدفراوى بعدها إلى قيادى «مارق» داخل الجماعة ويتم تصويره لشباب الجماعة الصغار على أنه يحاول هدم الجماعة والإساءة إليها أمام الرأى العام. انضم إلى القيادات المخالفة خالد داود أمير ما عرف بالجماعة الإسلامية الطلابية بالإسكندرية فى السبعينيات وأحد قيادات الإخوان فى المحافظة، والذى يحمل رؤية إصلاحية طرحها للعلن من خلال وسائل الإعلام حولته تلك الرؤية بين عشية وضحاها إلى أحد المغضوب عليهم. داود من جانبه قال إن إقصاء المعارضين ليس توجها عاما داخل الجماعة، لكنه توجه تيار بعينه لم يرق بعد إلى التعامل بشكل مؤسسى مع أعضاء الجماعة، مضيفا: «الأمر فى النهاية سلوكيات أفراد». من جانبه يرى عمار على حسن الباحث فى شئون الحركات الإسلامية أن جماعة الإخوان والحزب الوطنى وجهان لعملة واحدة، فكلاهما شمولى ومستبد ولا يأخذ بالرأى الآخر. وأضاف حسن أن الجماعة بدعوى الحفاظ على التنظيم تمارس الاستبداد الداخلى وإقصاء القيادات المعارضة، التى تحمل آراء مختلفة عن توجهات قيادة الجماعة، مشيرا إلى الاستبداد الداخلى فى الجماعة يزيد كلما تعرضت الجماعة للضغط الخارجى من قبل النظام. إلا أن حسن أوضح أن ما قامت به الجماعة من عمليات إقصاء لقيادات مثل الزعفرانى وحبيب والدفراوى لا يجب أن تتخذ ذريعة لتبرير تصرفات النظام ضد الجماعة والمعارضة بشكل عام، لأنه لا يمكن المقارنة بين تصرفات جماعة أو تنظيم وبين تصرفات نظام سياسى، لأن فى النهاية تصرفات الجماعة تقع نتائجها عليها وحدها، أما تصرفات النظام فيتحمل تبعاتها المجتمع بالكامل. ورفض عضو مكتب الإرشاد سعد الحسينى فكرة إقصاء الجماعة لمعارضيها، وقال: «حالة نائب المرشد السابق محمد حبيب لم تكن إقصاء بل عدم توفيق فى انتخابات نزيهة»، مشيرا إلى أن اعتراض حبيب كان على الإجراءات وليست النتيجة، موضحا أن هناك لجنة نظرت هذا الاعتراض وأقرت بعدم صحته. وأكد أن حبيب ما زال عضوا فى مجلس شورى الجماعة، ويتم استشارته فى جميع القرارات التى يتم اتخاذها، أما الطعن الذى قدمه الزعفرانى فقد تم عرضه وقتها على مكتب الإرشاد وتم رفضه بالإجماع، مضيفا أن الزعفرانى أيضا خرج فى إطار انتخابات حرة ونزيهة. وفيما يخص حالتى كل من داود و الدفراوى قال الحسينى إنهما بعيدان عن التنظيم منذ 10 سنوات وليس لهم علاقة تنظيمية بالجماعة، وبالتالى لا يعتبران أعضاء به حتى يتم إقصاؤهما.