بعد غياب عن السينما، عاد السيناريست محمود أبوزيد وهو من قدم من قبل أفلاما صارت من كلاسيكيات السينما مثل العار والكيف وغيرهما، لكن قبل أن نبدأ معه الحوار عن عودته وتقييمه لها فى فيلم بون سواريه طلب منا أن نقرأ السيناريو الذى كتبه وأن نقارنه بالفيلم الذى يعرض الآن لنعرف الفارق وهو ما عبر عنه بأن السينما ماتت من وجهة نظره وهكذا كانت بداية حواره مع «الشروق» بداية ساخنة، فتح فيها قلبه وعبر عن أحزانه. ● ما الذى حدث وتغير فى الواقع السينمائى ليجعلك تتحدث عن وفاة السينما فعليا؟ الكثير والكثير من الأشياء بداية من الحرية التى كانت ممنوحة لنا ككتاب سيناريو فقديما كانت بعض السيناريوهات تتجاوز ال200 صفحة ولكن حاليا المنتجين يطالبون السيناريست بألا يزيد عدد الصفحات عن 90 صفحة ولو كان المنتج متساهلا فسيطلب 100 صفحة فقط بحجة اقتصاديات السوق وأنا اسميها اقتصاديات «السوء» سيناريو «بون سواريه» مثلا أنا كتبته منذ 10 سنوات وألح محمد السبكى كثيرا من أجل ان يشتريه وفوجئت به ينفذه بمقاييس السوق الجديدة وحشر رقص وغناء لم اكتبهما بهذه الطريقة. ● هل معنى هذا ان كل الرقصات التى فى الفيلم غير موجودة فى السيناريو؟ موجودة فى السيناريو ولضرورة درامية لكن ليس بالطريقة التى قدموها بها فشخصياتى كما كتبتها هى لفتاة خريجة حقوق واختها خريجة دار العلوم وأخرى نرجسية تركت دراستها بكلية التجارة وتزوجت وفشلت فيه وهو ما ظهر فى الفيلم لا أنكر هذا ولكنهم أظهروها بطريقة سطحية وهو ما ظهر فى أداء الممثلين وطريقة الإخراج بالرغم من أنه كان يجب إظهار العمق أكثر من هذا بكثير وعموما أنا أقول ما قاله نجيب محفوظ عندما انتقده البعض على ما ظهر فى الثلاثية وقال لهم حاسبونى على الرواية التى كتبتها وأنا هنا اطالبكم بالحكم على السيناريو الذى كتبته وهو ما لن يتحقق لى بالطبع فلن أستطيع توزيع نسخة من السيناريو على كل مشاهد فما كتبته عبارة عن قضية اجتماعية أخلاقية قد تحدث لأى شخص. ● تؤكد انك كتبته منذ 10 سنوات.. فلماذا لم تحاول تقديمه طوال هذه الفترة؟ ومن قال إن هذا لم يحدث بالفعل حاولت إنتاجه ثلاث مرات وفشلت فى إنتاجه ليس بسبب النقود ولكن بسبب التوزيع وكانت بطلاته وقتها كل من يسرا وإلهام شاهين وهالة صدقى وبدلا من أن تلومونى لوموا نكبة السينما وأنا من هنا أؤكد لكم انسوا ان نقدم افلاما تعيش لفترات طويلة مثل «شىء من الخوف» وتاريخ السينما المصرية قد توقف تماما ونحن حاليا نقلد السينما الغربية تقليدا ساذجا منزوع المنطق وانا لو كنت من انتج هذا الفيلم لكان قد احتل موقعه ضمن كلاسيكيات السينما المصرية وأنا اؤكد السينما المصرية لا تعانى من غياب كتاب السيناريو أو الممثلين بل تعانى من التوزيع وانا اتذكر ان رئيس الوزراء الراحل دكتور كمال الجنزورى اجتمع بنا وكنا 12 فردا من بيننا ساويرس ومحمد فريد خميس وكانت مشكلتنا وقتها هى عدد دور العرض ووعدنا بتوفير دور العرض وقاموا بعمل شاشات المولات. ● لا أدرى ما هو سبب اعتراضك على هذا وخصوصا انها اجواء موجودة طوال الوقت؟ لا ليست كما كانت فى السابق فهم باعوا دور العرض للشركة العربية وللثلاثى الذين احتكروا السوق ولم تعد هناك صناعة فهم يعطون افضل المواعيد لأفلامهم التى ينتجونها وهو عكس ما كان يحدث فى السابق عندما كانت السينما حقيقة كنا ننتج ونعرضها فى دور العرض ومن يحقق الايراد المحدد للبقاء فى السينما يبقى وهكذا لم تعد لدينا سينما والكل يبحث عن النقود فقط ولكن بلا اقتصاديات سينما حقيقة. ● إذن أنت غاضب من السبكى؟ لا أنا لا ألوم من ينتج حاليا والفيلم عبارة عن فيلم كوميدى تجارى بمنطق السوق الحالى. ● ولكن البعض يؤكد أن الفيلم قدم جرعة مجانية من العرى؟ اتفق معك أن مشاهد السيقان العارية زادت عن الحد وخصوصا من غادة عبدالرازق التى بالغت بعض الشىء وخصوصا أنها تريد إظهار جمالها وهو ما قامت به بالفعل بلا رابط ولا ظابط ولكن السينما مرآة المجتمع وهذا ما آل إليه حال السينما المصرية ومن حقك أن تصيبك الصدمة بعد مشاهدتك للفيلم ولن أخفى عليك أننى أنا شخصيا اصابتنى الصدمة عندما شاهدته وقررت أننى لن أقدم سينما نهائيا إلا من إنتاجى وبعد أن تصلحوا نظام السينما وهو ما لن تنجحوا فيه فهى حالة بلد كامل وأمس شاهدت الدكتور أحمد عكاشة وهو يتذمر من بيع أراضى مستشفى العباسية فلماذا نهد بدلا من ان نقوم بالتطوير ولكننا بعنا كل شىء بداية من الارض ونهاية بالغاز وانا اتعجب كيف سيعيش الشباب القادم وهو فقط من سيبكى على حال مصر وقديما كنا نقدم موضوعات بجوار الكوميديا لكنهم الان يوحدون الموضوعات والايرادات الخاصة بالسينما ستقل تدريجيا عاما بعد عام وفى خلال عامين لن توجد سينما مصرية. ● هل هذا يعنى أنك ستتخذ موقفا من الفيلم أو من الإنتاج؟ لا وماذا افعل؟ هل أقاضيهم لن افعل هذا بالطبع وانا اقول لهم أنتم أديتم دوركم المناسب فى الزمن المناسب وللعلم هذا هو الفيلم الوحيد الذى قدمته ولم أحضر تصويره. ● هل طلبت حضور التصوير ولم يسمحوا لك؟ لا انا قررت عدم الحضور ورفعت شعار بيدى لا بيد عمرو وقديما كان المنتج صاحب قضية وفكر وهم سينمائى اما الان فنحن فى زمن يرفع شعار «لايمنى عالفكة «وهذه هى اقتصاديات السوق التى أضاعت السينما وانا قدمت فى فيلم «الكيف» بطلى كانت مهنته «آلاتى» وهو الشخص الذى يأخذ فقط ولا يعطى وحاليا الجميع تحولوا «لآلاتية» فلا تلوموا فن السينما ولوموا الصناع ولو كان شكسبير يكتب فى أيامنا هذه لأصابته لوثة عقلية. فتخيل ان يلح السبكى فى الحصول على السيناريو ويؤكد لى أن المخرج هو على بدرخان وهو ما جعلنى أوافق وكان هناك فريق تمثيل مختلف تماما ولن اخبرك بأسمائهم وحتى اسم الفيلم تم تغييره وحتى الاغنيات على عكس ما كنت أقوم به دائما من كتابة أغانى أفلامى لم يحدث هذا فى الفيلم وانا فوجئت بالفيلم مثلى كالمشاهدين تماما وخلاصة قولى إن الفيلم هو توليفة محمد السبكى ومسئوليته تماما. ● إذن فأنت اكتفيت فقط بمجرد القول إن السبكى هو صاحب الفيلم الحقيقى؟ وماذا سأفعل والعجيب أن البعض يبلغنى أنه يحقق إيرادات ولو كان هذا حقيقيا سيتم تقليده وستجد أفلاما بعناوين مثل «جود نايت» وهو لو حقق إيرادات سيصير من أفضل الأفلام لأن المقياس لم يعد فى القيمة ولا فى الفكر المهم النقود ونحن حاليا فى زمن يرفع شعار أنا قلته من قبل فى أحد أفلامى «إدينى فى الهايف وأنا أحبك يا فننس» وهذه هى القاعدة حاليا.