أعلنت مطرانية كركوك، اليوم الثلاثاء، عن إلغاء كل مراسم عيد الميلاد، واقتصارها على القداس، والصلاة، والدعاء، حدادًا على ضحايا كنيسة "سيدة النجاة"، أحد أكبر الكنائس في العاصمة العراقية بغداد. وكان مسلحون على صلة بتنظيم القاعدة، قد احتجزوا، مطلع نوفمبر الماضي، أكثر من 100 عراقي رهائن داخل كنيسة "سيدة النجاة"، أثناء قداس الأحد الماضي، وأدَّى مداهمة قوات الأمن العراقية للكنيسة لتحريرهم إلى مصرع وإصابة العشرات. وقال رئيس أساقفة الكلدان في كركوك، لويس ساكو- في تصريح صحفي- إنه لأول مرة بعد عام 2003 تقوم الكنيسة بأداء قداس العيد في الصباح بدلاً من المساء، في كنائس كركوك، وأن المسيحيين سيدعون في صلاتهم هذا العام، مثل كل عام، أن تعم حالة الأمن والأمان في العراق، وأن يتجاوز الظروف التي يمر بها حاليًّا، للحفاظ على وحدة أراضيه. واعتبر أن العراق غير مؤهل لتطبيق التجربة الديمقراطية، وممارسة الحرية بعقلية حضارية، لأنه يعيش حاليًّا حالةً من الصراع السياسي على السلطة بين كل الأطراف، مشيرًا إلى أن المسيحيين أصبحوا- رغًما عنهم- جزءًا من هذا الصراع، وعلى الرغم من أن الوضع في مدينة كركوك يشهد هدوءًا نسبيًّا، لكن تحدث بين فترة وأخرى بعض المحاولات لاستهداف أطيافها، ومن بينها المسيحيون. وأوضح أن عمليات استهداف المسيحيين ارتفعت بشكل ملحوظ بعد عام 2003، إذ تم تسجيل مقتل أكثر من 803 مسيحيين في مختلف محافظات العراق، وحدثت أكبر أعمال العنف ضدهم في مدينة الموصل، خصوصًا عام 2008، حين تم خطف وقتل رئيس أساقفة الموصل، وتهجير وفرار مئات الأسر من المدينة باتجاه محافظات أكثر أمنًا، ومن بينها محافظات إقليم كردستان العراق. وكشف أن نحو 300 ألف من مسيحيي العراق رحلوا إلى الخارج، بحًثا عن الأمن والمستقبل الأفضل منذ حرب الخليج الأولى، وحتى العام الحالي، والمؤشر تصاعد بعد أحداث كنيسة "سيدة النجاة"، فقد هجرت أكثر من 500 أسرة مسيحية من بغداد والموصل باتجاه أربيل، ومناطق سهل نينوي، فيما يبلغ عدد المسيحيين المهجرين إلى السليمانية 106 أسر. يشار إلى أن أعداد المسيحيين في العراق تراجعت بعد الغزو الأمريكي عام 2003، بحسب إحصاءات غير رسمية من 1.5 مليون إلى نصف المليون، بسبب هجرة عدد كبير منهم إلى خارج العراق، وتعرض العديد للهجمات في عموم مناطق العراق، خصوصًا في نينوي، وبغداد، وكركوك. وشكَّل المسيحيون نسبة 3.1% من السكان في العراق، وفق إحصاء أجري عام 1947، وبلغ عددهم في الثمانينيات بين مليون ومليوني نسمة، وانخفضت هذه النسبة، بسبب الهجرة، خلال فترة التسعينيات، وما أعقبها من حروب، وأوضاع اقتصادية، وسياسية متردية.