بين الصورة النمطية لأفلام القارة السمراء التى تقتصر على مشاهد الغابة والأفيال، وضعف الامكانيات المادية تواجه السينما الافريقية مأزقا كبيرا للخروج إلى العالمية بالتعبير عن واقع سكان القارة السمراء، وفى ندوة «السينما الافريقية»، التى عقدت على هامش فاعليات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته ال34، تم طرح كل تلك القضايا على مائدة النقاش بين عدد من صناع الفن السابع. بدأت المنتجة إسعاد يونس كلامها بالتأكيد على أهمية القيمة الإنسانية التى تعد هى المحدد الحقيقى إلى من يوجه الفيلم، وقالت «أفريقيا بما تحمله من أصول لأشياء كثيرة تعد هى المهد الحقيقى لكل القيم الإنسانية، وليس بالضرورى من أجل صناعة فيلم عن افريقيا أن أظهر الفيل والغابة والقبيلة وغيرها من الأشياء النمطية، كما أنه لابد من رفع الحدود الوهمية فى السينما والتى تقول بوجود فيلم هندى وآخر أفريقى ومثيله أمريكى وكذلك مصرى». أما ميشيل أودروجو المفوض العام لمهرجان فسباكو فى بوركينا فاسو، فقد فاجأ الجميع بتوجيه الشكر للمستعمر الذى احتل فى وقت ما البلدان الأفريقية قائلا «شكرا للمستعمر لأنه جاء وفى حقائبه قيم كثيرة من أهمها السينما، التى تبناها الأفارقة فيما بعد، وساعدتهم على محاربته بل تحرير السينما الأفريقية فيما بعد». وعاد ميشيل ليوجه اللوم إلى القادة الأفارقة، موضحا «القادة فى افريقيا لم يأخذوا فى حسبانهم الثقافة التى هى بمثابة الخيط الأول فى التنمية، مركزين فقط على الزراعة والصناعة.. وللأسف لا يوجد فى قارة أفريقيا سوى 6 دول فقط هى من توفر تمويلا للسينما وهى مصر والمغرب والجزائر ونيجيريا وجنوب أفريقيا وبوركينا فاسو». وأضاف «فى أى دولة أخرى عندما يتقدم مخرج ما لصناعة فيلم يواجه مشكلات جمة.. كل ذلك يستوجب حشد الاتجاهات السياسية لصنع سينما أفريقية حقيقية، والحل أيضا فى الإنتاج المشترك، ففى مهرجان مراكش المقام حاليا سيتم عرض 5 أفلام افريقية أنتجت بالإشتراك مع المغرب». وحول الإنتاج المشترك بين عدة دول أفريقية للنهوض بصناعة السينما، اتفق فيكتور أوخاى مع سابقه على أهمية الإنتاج المشترك و لكنه استطرد قائلا «للأسف الحكومات لن تقبل هذا النوع، وعلى الرغم من تلك الصعوبات إلا أنه يوجد إنتاج مشترك بين نيجيريا وغانا». وفى قضية الانتاج المشترك أيضا، كشف ميشيل أودروجو عن وجود عدة محاولات سابقة فى هذا الشأن ولكنها فشلت جميعا، وقال «فى فترة الستينيات قدم ممثلو صناعة السينما فى أفريقيا مقترحا لإنشاء صندوق لتمويل السينما ولم يصلوا لشىء، وهناك تجربة أخرى فى غرب أفريقيا عبارة عن هيكل أو اتحاد هدفه حشد الموارد وصنع إنتاجا مشتركا بين أعضائه، ولكن هذا الهيكل للأسف لم تتم إدارته بشكل صحيح وجيد لأنه كان مجرد إدارى وليس مؤهلا لذلك.. وكل تلك المحاولات تؤكد ضرورة الاختيار الصحيح للشخص المناسب الذى يدير المسألة ويكون على دراية ثقافية خاصة بأفريقيا». أما المخرج التونسى إبراهيم لطيف، فرأى أنه لا توجد فى أفريقيا صناعة سينما من الأساس، ولكن توجد أفلام أفريقية تعكس العادات والتقاليد.. بل ذهب لطيف لأبعد من ذلك حيث انتقد تكرار الأفارقة فى كل محفل يذهبون إليه سؤال «ما معنى السينما الأفريقية؟» وهو السؤال الذى يتكرر منذ 22 عاما، وأكد أنه لابد من وجود إرادة سياسية ولابد أن ينظم الأفارقة أنفسهم ذاتيا ليتغلبوا على معوقاتهم السينمائية. وفيما يتعلق بموقع السينما الأفريقية من التقدم التكنولوجى، أكد المخرج الأفريقى فايث ايذاكبير أن المخرجين الأفارقة لديهم جميع التقنيات التكنولوجية المتاحة لأى شخص فى العالم واستشهد بفيلمه «ALGERIES MURDERS» الذى صنعه بنفس التقنيات التكنولوجية المتوافرة عالميا، ولكنه عاد ليؤكد على أهمية الإنتاج الذى يعد العائق الاساسى أمام السينما الأفريقية.