كل فرد يعمل فى مصر يعول فردين آخرين، وفقا لآخر بيانات كابماس، فيما يجعل مصر من أعلى الدول على مستوى العالم فى نسبة الإعالة، كما قال عبد الفتاح الجبالى رئيس الوحدة الاقتصادية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، وعضو المجلس القومى للأجور مرجعا ذلك إلى عوامل ديموجرافية، حيث إن معظم السكان حاليا ينتمون إلى شريحة أقل أو أعلى من سن العمل، ونافيا أن يكون هذا الأمر راجعا لعوامل متعلقة بسوق العمل المصرية. وقدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فى إحصاءات أصدرها أمس واستعرض فيها أوضاع وظروف العمل والعمال فى مصر، متوسط الحد الأدنى للأجور فى عام 2007بنحو 252 جنيها أسبوعيا. بينما يرى الجبالى أن الحد الأدنى للأجور فى مصر متدن للغاية، مضيفا أنه على الرغم من السياسات والإجراءات التى قامت بها الحكومة، إلا أن الحد الأدنى للأجور المدفوعة للعاملين فى القطاع الحكومى، فى حاجة إلى الزيادة، خاصة أن الغالبية العظمى تقع ضمن الشرائح الدنيا من الرواتب، حيث يبلغ أجر أدنى درجات السلم الوظيفى فى الحكومة 340 جنيها شهريا. كان اتحاد العمال قد طالب الحكومة بزيادة الحد الأدنى للأجور، ليصل إلى 1200 جنيه شهريا، «وهناك مناقشات حكومية دائرة منذ فترة حول هذا الموضوع»، كما ذكر الجبالى، الذى يرى أن هذا التوقيت «ليس مناسبا لزيادة الأجور بشكل كبير، فى ظل الأزمات التى يتلقاها المجتمع فى الوقت الحالى واحدة تلو الأخرى»، على حد تعبيره. وأضاف الجبالى أن بند الأجور فى مشروع موازنة العام المالى المقبل (2009/2010) استحوذ على 86 مليار جنيه، مقابل 77 مليار جنيه فى موازنة العام المالى الحالى (2008/2009)، ولكن لا يجب أن يقتصر النظر إلى هذه الزيادة باعتبارها مجرد عنصر من عناصر النفقات فحسب، بل باعتبارها مصدر الدخل الأساسى لقطاع عريض من المجتمع، و«بالتالى فزيادة الأجور، تؤدى إلى رفع القوة الشرائية، وتنشيط الطلب المحلى ودفع النمو»، على حد تعبيره. ومن وجهة نظر الجبالى، تمثل الزيادة فى الأجور أهم الطرق التى تستطيع بها الحكومات ضمان الحد الأدنى من مستويات المعيشة المعقولة لقطاعات لا بأس بها من السكان، خاصة أن الأجور تعد المصدر الرئيسى للإنفاق الاستهلاكى لقطاع عريض من المجتمع. ولا يتوقع الجبالى أن تشهد الأجور فى مصر انخفاضا خلال الفترة المقبلة بسبب الأزمة، مرجعا ذلك إلى طبيعة سوق العمل المصرية «غير المرن». ففى الدول المتقدمة على سبيل المثال سوق العمل تخضع لعوامل العرض والطلب، كما توفر حكومات هذه الدول تعويضات بطالة، وبدلات انتقال، وغير ذلك من التعويضات، وبالتالى قد تشهد انخفاضا فى الأجور خلال الفترة المقبلة، على عكس الوضع فى مصر، حيث «يحكم قانون العمل المصرى سوق العمل، وليس عوامل العرض والطلب»، من وجهة نظر الجبالى. وكانت مصر قد جاءت فى المرتبة الخامسة بعد فنزويلا والأرجنتين والهند وفيتنام من حيث القدرة على زيادة الأجور فى ظل الأزمة، وفقا لاستطلاع للرأى قامت به مؤسسة الأبحاث الدولية «أى. سى. إيه»، وشمل 53 دولة على مستوى العالم. وبحسب التقرير، تعتزم ربع الشركات العالمية، و40% من الشركات الأمريكية تجميد أجور موظفيها خلال العام الحالى، حيث إن «أغلب الشركات على مستوى العالم خفضت من توقعاتها لزيادة الرواتب بأكثر من الثلث». ودعا الجبالى إلى عمل إصلاح جذرى لنظام الأجور فى القطاع الحكومى، بما يضمن زيادة الأجور والرواتب، وإعادة النظر فى نظام الحوافز والبدلات.