سادت حالة من التفاؤل بين أوساط المستثمرين في البورصة المصرية بالبرنامج الاقتصادي الذي أعلنه الحزب الوطني الديمقراطي، والذي يخوض به الانتخابات البرلمانية لعام 2010، والذي من شأنه أن يقود الاقتصاد المصري خلال السنوات الخمس المقبلة، وتصل كلفته إلى نحو تريليوني جنيه. وقال خبراء محللون اقتصاديون -للنشرة الاقتصادية لوكالة أنباء الشرق الأوسط- إن برنامج الحزب الاقتصادي يعد الأضخم في تاريخ الاقتصاد المصري، مشيرين إلى أنه من شأنه أن ينعش الأداء الاقتصادي حال تنفيذه ويصل بمعدلات النمو إلى أكثر من 7%. وأضافوا أن برنامج الحزب يشتمل على كل القطاعات الاقتصادية؛ ما يعني أن تنفيذه سينعكس بالإيجاب على كل الأنشطة حتى الأنشطة غير الاقتصادية مثل التعليم والصحة والبحث العلمي، وستخلق أيضا رواجا اقتصاديا من خلال معدلات التشغيل التي ستخلقها. وأشاروا إلى أن الانتعاش الاقتصادي المتوقع في حال تنفيذ البرنامج الاقتصادي للحزب الوطني من شأنه أن ينعكس إيجابيا على أداء البورصة المصرية التي تعد مرآة للاقتصاد، وهو ما قد يؤدي إلى تحسن أداء الشركات ونمو حجم أعمالها، وبالتالي أرباحها وقيم أسهمها المتداولة بالبورصة. تقول الدكتورة عالية المهدي، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة: إن معدلات النمو التي يستهدفها الحزب الوطني في برنامجه الاقتصادي يسهل تنفيذها.. معتبرة أن تحقيق نمو 7 أو 8% أمر يمكن تنفيذه، لكن الصعوبة تكمن في كيفية الحفاظ عليه.. لافتة إلى أن دولا مثل الصين والهند وغيرها تحقق معدلات نمو أكبر من ذلك ونجحت في الحفاظ عليها لسنوات. وأوضحت الدكتورة عالية أن الاقتصاد المصري حقق معدل نمو تجاوز 7% عام 2007، قبل الأزمة المالية العالمية.. موضحة أنه ما دام هناك إرادة ومقومات يملكها الاقتصاد المصري يمكن تحقيق أكبر من ذلك. وأشارت إلى أن حجم 2 تريليون جنيه التي يتطلبها تنفيذ برنامج الحزب الوطني ليست معجزة كما يدعي البعض، مشيرة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد المصري يتجاوز حاليا 1.2 تريليون جنيه. ورأت أن توفير فرص عمل تقدر بنحو 5 ملايين فرصة على مدار السنوات الخمس المقبلة، بواقع مليون فرصة عمل سنويا ربما يبدو في الظاهر صعبا بعض الشيء، لكن أيضا يمكن تحقيقه، خاصة أن الفترة من 2005 وحتى 2008 نجح الاقتصاد المصري خلالها في توفير فرص عمل بلغت في متوسطها 750 ألف فرصة عمل سنويا؛ بما يعني أنه مع مزيد من الاستثمارات يمكن إضافة 250 ألف فرصة عمل إضافية. وعلى صعيد البورصة المصرية، توقعت الدكتورة عالية المهدي أن تتأثر إيجابيا بتنفيذ برنامج الحزب الوطني، خاصة على صعيد أحجام التداول ونشاط الاكتتابات وزيادات رؤوس أموال الشركات وعمليات اللجوء إلى سوق الأوراق المالية لتوفير تمويل توسعات الشركات؛ وهو ما سيحدث رواجا للبورصة بشكل عام. ويقول الدكتور عمر عبد الفتاح، الخبير الاقتصادي: إن الوصول بمعدلات النمو الاقتصادي إلى 7% يعني خروج الاقتصاد المصري تماما من تداعيات الأزمة العالمية، بل وخروجه من عنق الزجاجة، خاصة أنه سينعكس على كل الأنشطة الاقتصادية والبورصة المصرية أولها. وأكد أن الاقتصاد المصري مؤهل فعليا لتحقيق هذا البرنامج والأرقام المستهدفة فيه سواء على صعيد معدل النمو أو حجم الاستثمارات أو الصادرات أو خلق فرص عمل تصل إلى 5 ملايين فرصة، مما يعني رواجا اقتصاديا يشمل هذه المرة كافة فئات الشعب نظرا لأن البرنامج يتضمن خططا واضحة للحد من الفقر ويستهدف الأسر الفقيرة. وأشار إلى أن مصر تملك ثروات اقتصادية ضخمة لم تستغل حتى الآن مثل الذهب والغاز البترول، لافتا إلى خطط الحكومة المكثفة في الفترة المقبلة للتوسع في استكشافها، خاصة بعدما فتحت المجال لأكثر من 200 شركة لاستكشاف الذهب في صحراء مصر الشرقية والغربية، كما أن مصر تملك مقومات سياحية تمكنها من مضاعفة قدرتها السياحية خلال السنوات القليلة المقبلة سواء على صعيد السياحات الرياضية أو الدينية أو الترفيهية أو العلاجية أو الأثرية أو غيرها. وأوضح أن خطط مضاعفة الصادرات أيضا يمكن تحقيقها، لكن ذلك يتطلب مزيد من الجهد ومضاعفة الإنتاج، وهو ما سيضع مصر في مكانة كبيرة اقتصاديا. وطالب بضرورة وضع خطط واضحة ومفصلة لتنفيذ المستهدف من برنامج الحزب الوطني والأرقام التي وردت فيه، كما طالب بضرورة حل المشكلات العالقة حاليا مثل أزمة المياه مع دول حوض النيل. من جانبه، يرى الدكتور رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن تحقيق البرنامج الاقتصادي للحزب الوطني أمر يسير، خاصة أن هناك تجربة سابقة تحققت في برنامج الرئيس حسني مبارك قبل خمس سنوات من الآن، وادعى الكثيرون وقتها أنه لن يتحقق، ولكن خابت ظنونهم. وأشار إلى أن البورصة المصرية ستكون أول القطاعات التي تتأثر إيجابيا بالتطورات الاقتصادية، خاصة أن ذلك يتزامن مع بدء انحسار تداعيات الأزمة العالمية وتعافي أداء أسواق المال العالمية التي عوضت كثيرا من خسائرها.