يختلف حفل افتتاح دورة الألعاب الأسيوية السادسة عشرة التي تحتضنها مدينة غوانغجو الصينية حتى 27 نوفمبر الحالي والذي افتتح اليوم الجمعة عن افتتاح الاولمبياد قبل سنتين في بكين ، وتشكل الماء عنصرا رئيسا فيه لوقوع المدينة في إقليم غانغدونغ المحاذي لبحر جنوب الصين وتحديدا في دلتا نهر اللؤلؤة الذي يقسمها إلى شطرين . ويقول رئيس اللجنة المنظمة للألعاب الأسيوية تشن وييا نائب رئيس اللجنة المنظمة لاولمبياد بكين ، " يسألني البعض هل تريد أن تتفوق على افتتاح اولمبياد بكين ، وأنا لا أحب هذه المقارنة لان اولمبياد بكين لا يمكن تجاوزه بهذه العجالة من الزمن ". وأضاف "الغاية من اختيارنا هاشينشا (موقع حفل الافتتاح) والماء عنصرا اساسيا في الحفل هي البرهان على عدم جواز المقارنة بين الحدثين، وهكذا نكون قد حققنا بهذا التباين نصف النجاح" ، واستطرد قائلا "لا يمكن المقارنة بينهما فواحد كالقهوة ، والآخر كالشاي". وتعني كلمة هاشينشا بحيرة صغيرة حفرت في قلب النهر وملئت بالماء بارتفاع 30 مترا لقلة الأمطار الموسمية تحيط بها الأبنية السكنية من كل الجهات يعلوها برج كانتون البالغ ارتفاعه 610 م والمعروف باسم "برج الذكريات" لأنه يؤرخ رغم حداثة بنائه لحضارة كانت ناشطة قبل 2200 عام . ولا يشبه موقع الافتتاح الذي يتخذ من النهر المشهد الأساسي ومن المدينة الخلفية الصالحة له ، الاحتفالات التي تقام في ملعب تقليدي وهو مختلف أيضا عن النمط التقليدي الذي يبدأ بدخول ممثلي الدول المشاركة ال45 من المدخل الرئيسي للملعب قبل بدء طابور العرض . وسينتقل قسم من ممثلي الدول بزوارق يصل عددها إلى 45 يمثل كل واحد منها دولة ، وستسير لمسافة 3،9 كلم عبر نهر اللؤلؤة وصولا إلى "هاشينشا" حيث انشىء اكبر مسرح مائي في العالم يتسع ل28 ألف متفرج وهو بحجم ملعب لكرة القدم . وسيعتمد مخرج الحفل في معظم فقراته على لوحات يتواجد فيها "التنين الرمز" بشكل كبير بألوان زاهية وإضاءة غاية في الجمال والروعة ، إضافة إلى عروض تعكس التعلق ببعض أنواع رياضات القتال الفردي التي تشتهر بها الصين وباقي دول شرق أسيا وان بشكل متفاوت . وقال وييا "لا اعرف ما إذا كان الحفل سيشكل أفضل افتتاح للألعاب الأسيوية في المستقبل، لكن ما هو أكيد انه فريد من نوعه وسيكون أفضلها حتى الآن . واعتبر وييا أن "الشعلة المضاءة ستشكل السر الأكبر في الحفل لم يسبق أن شوهد من قبل" في الألعاب الأسيوية التي ستغيب عنها تماما في هذه النسخة وخلافا للمألوف الألعاب النارية التي تشتهر بها الصين والتي كانت تشكل عادة عنصرا مهما للفت أنظار المتفرجين والمتابعين عبر شاشات التلفزيون . ويبدو أن غوانغجو والمدن المجاورة لها استعدت للحدث كما يجب الاستعداد بدءا من المتطوعين البالغ عددهم 590 ألفا من الجنسين 90 في المائة منهم من تلك المدن و70 في المائة منهم من طلاب المعاهد التربوية العليا، إضافة إلى 90 ألف عامل رسمي من جميع الفئات في 53 موقعا لإقامة الألعاب . ويعمل هؤلاء لانجاح الالعاب المشارك فيها اكثر 14 الف رياضي واداري ومدرب ونحو 10 الاف عامل في مجال الاعلام المكتوب والمرئي والمسموع فضلا المواقع الالكترونية، والتي سيتابعها على الارض نحو نصف مليون بين مقيم وزائر، حسب الاحصاءات الرسمية. وتبدأ مظاهر الاستعداد لاحتضان ثالث اهم حدث رياضي بعد الالعاب الاولمبية ونهائيات كأس العالم لكرة القدم، من مطار بايون الدولي الذي يبعد عن غوانغجو قرابة 70 كلم ومسافة زمنية لنحو ساعة كاملة، وتتوزع على جنباته ورشات البناء والاوتسترادات تعلوها الجسور اضافة الى الاضاءة المتنوعة والزهور. ويقع نظر المسافر الذي يعبر هذا المطار، ما ان تطأ قدماه الارض خارج المدخل الرئيسي على اعمال التجديد والتوسيع وتبدأ مع حافلات النقل والطرقات التي تتسع لمرور 6 سيارات دفعة واحدة ومخططة حديثا باللون الابيض تعلوها جسور ضخمة بعضها يشبه العقدة التي تتفرع عنها عدة طرق، وتباعد فيما بينها مئات الامتار واحيانا اقل. وتتوسط شطري الطرق الواسعة جزر اسمنتية طويلة لا تقطعها سوى اشارات المرور النادرة تنام في احضانها انواع جميلة من الزهور مقلمة بتهذيب يكاد يظهرها خالية من اي شائبة، وتسحر النظر باسترسال لا يؤرقه سوى كرة ضخمة زرعت في قلب روضة خضراء او تمثال لرياضي او اكثر من الخشب العتيق يشير الى احدى العاب الدورة تقع ضمن اختصاص الصينيين. ولا يستطيع الزائر الليلي الا ان يسترق النظر قبل تركيزه كليا على الاضواء المسلطة على اسطح ابنية شاهقة يزيد عدد طبقاتها على 50 ويخيل للناظر اليها بسبب الفارق الكبير بينها وبين الاضواء المنزلية العادية، انها عبارة عن فيلات او بيوت مميزة شيدت على هضاب مرتفعة وتلفها كاشفات الضو فتظهر كمعالم بارزة رائعة قبل ان يبهت منظرها وتعود الى طبيعتها ككتل اسمنتية مع بزوغ الفجر. ويشتهر اقليم غانغدونغ الذي يسكنه بشكل دائم نحو 48 مليون نسمة، بانه الرئة الاقتصادية للصين من خلال اقامة نظام اقتصادي متكامل يعتمد على الاضلع الثلاثة الصناعة والزراعة والتجارة. ويتشكل هذا الاقليم من 3 تجمعات على شكل دوائر هندسية تضم الاولى بشكل خاص مدن غوانغجو العاصمة وفوشان وجاوكينغ، والثانية شنجن ودونغوان وهويجو، والثالثة جوهاي وجونغشان وجيانغمن .