لو أن الأمور تسير كما ينبغى لها أن تكون، لتقدم المستشار ممدوح مرعى وزير العدل باستقالته من الحكومة صباح الرابع من نوفمبر الجارى. فى صباح هذا اليوم الرابع من نوفمبر نشرت صحيفة «المصرى اليوم» صورة متميزة للزميل محمد إبراهيم فى الصفحة الأولى ضبطت الوزير متلبسا بالتدخين داخل عيادة للأنف والأذن والحنجرة بالمجمع الطبى لأعضاء الهيئات القضائية بالإسكندرية. وفى الخبر الذى كتبه الزميل رجب رمضان فإن الحاضرين فوجئوا بالوزير يشعل سيجارته بالمخالفة للقرار الوزارى الذى يقضى بحظر التدخين فى الأماكن العامة. كما هو معلوم للجميع فإن محافظة الإسكندرية أبدت فى الشهور الأخيرة تصميما محمودا على ضرورة منع التدخين فى الأماكن العامة وإعلان المحافظة خالية من التدخين. والغريب أيضا أن المحافظ عادل لبيب وأجهزته يصرون على منع تدخين الشيشة فى المقاهى وهو سلوك نشجعهم عليه بقوة لأنه خطوة محترمة طال انتظارها، لكن اللحظة التى ضبط فيها الوزير متلبسا بفعلته كنست كل ما فعلته المحافظة فى سنوات. تصورت أن يقدم الوزير استقالته، أو على الأقل يصدر بيانا يعتذر فيه للشعب المصرى ولسكان الإسكندرية عما فعله، وأنه كان «خرمان» ولم يطق الانتظار حتى يعود للفندق أو مكان مغلق، وأنه لن يكرر هذه الفعلة. تصورت أيضا أن تقوم أجهزة محافظة الإسكندرية بتطبيق القانون بمحاكمة الوزير بتهمة مخالفة القانون، أو يقوم الوزير بعد الاعتذار بدفع الغرامة المقررة، تصورت ان يصدر مجلس الوزراء أو وزارة العدل بيانا تعتذر فيه للمواطنين لكن أيا من ذلك لم يحدث. الغريب أن بعض الزملاء الصحفيين الذين شاهدوا الوزير فى جولات ميدانية قبل ذلك أكدوا أنه اعتاد التدخين فى كل الأماكن العامة التى يزورها، بل انه يدخن وهو يسير فى موكب فى الشارع خلال افتتاح محكمة أو أى نشاط ميدانى.. هذا السلوك يدفعنا إلى أن ندعو للوزير أن يشفيه الله من شر هذا الادمان. بعض المحامين تقدموا ببلاغات تطالب بمحاكمة الوزير وبعضهم طالب بتغليظ العقوبة عليه لأنه المسئول المنوط به تطبيق القانون، وطالب محامٍ آخر بمنعه من التدخين إلى الأبد لأنه لا يعرف مصلحة نفسه. ستكون كارثة أن نطارد مواطنا دخن فى الميكروباص أو المترو ونفرض عليه الغرامة، ثم نترك وزير العدل ينجو بفعلته النكراء. فى سوريا حدث نموذج مختلف.. ذات يوم وخلال اجتماع رسمى أشعل أحد المحافظين سيجارة، فقلده كل من معه فى الاجتماع ودخنوا أيضا.. هنا شعر المحافظ أنه تورط وخالف قرار منع التدخين، فقام باستدعاء الضابطة العدلية المسئولة عن مراقبة منع التدخين وأعطاها قيمة الغرامة من جيبه وهى 2000 ليرة، وطلب منها أن تغرم كل من قام بالتدخين.. بعد هذا الحادث لم يتم ضبط مسئول آخر يقوم بالتدخين. المسألة باختصار إذا مر ما فعله المستشار ممدوح مرعى دون عقاب أو اعتذار فلا معنى لذلك سوى أن الحكومة تؤكد للمواطنين كل يوم أنه لا قيمة لشىء اسمه القانون. وأنه لا أمل يذكر فيما يسمى بالمستقبل.