جامعة بنها تتقدم 65 مركزًا عالميًا بمؤشر التأثير العلمي بتصنيف ليدن الهولندي 2024    ارتفاع أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 6 يوليو 2024    وزير الإسكان: الرئيس وجه بسرعة إنجاز مشروعات "حياة كريمة"    وزير الصحة يستقبل المدير الإقليمي للتنمية البشرية بالبنك الدولي    الشفافية وترشيد النفقات.. تعرف على أهم تعليمات وزير قطاع الأعمال الجديد ل رؤساء الشركات القابضة    الأسد يهنئ الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان: نتطلع لفتح آفاق واعدة للتعاون    وزير الخارجية: مصر ستستمر في بذل كل ما في وسعها لوقف نزيف الدم السوداني    الرئيس السيسي يبحث هاتفياً مع بشار الأسد مستجدات الأوضاع الإقليمية    المقاولون العرب ينعى وفاة أحمد رفعت    نادي الوحدة الإماراتي ينعي أحمد رفعت بعد وفاته    التحقيقات تكشف عدم وجود شبهة جنائية بغرق طفل بنهر النيل في الصف    إحباط ترويج 33 كيلو مخدرات وضبط «جرينوف» و59 متهمًا بالمحافظات    وزير التعليم يتابع امتحانات الثانوية العامة من خلال غرفة العمليات المركزية    إصابة طالبة بهبوط عام أثناء تأديتها امتحان الكيمياء بالفيوم    حكم مهم من المحكمة الدستورية العليا بشأن جرائم الصحافة وقذف الموظف العام    رئيس الوزراء يوجه بالإسراع فى معدلات تنفيذ مشروع تطوير حديقة تلال الفسطاط    بعد الإعلان عن تفاصيله.. هل يتشابه فيلم أحمد حلمي الجديد مع ولاد رزق 3؟    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    ما حكم التهنئة بالعام الهجري؟ المفتي يُجيب    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    تزامنا مع الاحتفالات برأس السنة الهجرية.. من أول من اعتمد التأريخ بالتقويم الهجري في التاريخ؟    وفاة اللاعب أحمد رفعت.. كل ما تريد معرفته عن السكتة القلبية "القاتل الصامت"    قائد القوات الجوية الأوكرانية: إسقاط 24 مسيرة روسية من طراز شاهد    شابانا محمود وزيرة العدل البريطانية الجديدة.. المسلمة الوحيدة في حكومة ستارمر    أيمن الجميل: نجاح المشروعات الزراعية الجديدة بالأراضى الصحراوية يفتح الباب لمضاعفة الرقعة الزراعية وتحقيق الأمن الغذائى    تفاصيل العروض المسرحية والحفلات الموسيقية في مهرجان العلمين    أسعار السمك اليوم السبت 6-7-2024 بالأسواق.. السردين المجمد ب87 جنيها    مدير المنتخب الأولمبي: هذا ما يحدث في حال تعرض لاعب لإصابة خطيرة.. ووفرنا طلبات ميكالي    «التعليم» تحقق في مزاعم تداول امتحان الجغرافيا للثانوية العامة    أسرة الطفلة السودانية جانيت تصل لمحكمة التجمع    نظام جديد لإدارة العمليات المالية إلكترونيا بالمنشآت الصحية    أسعار البيض ترتفع اليوم السبت في الأسواق (موقع رسمي)    متى يعلن البرلمان خلو مقعد عبلة الألفي بعد توليها منصب نائب وزير الصحة    غارات جوية تستهدف المناطق الشمالية من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    ملك تايلاند: الأزهر منارة علمية عالمية لنشر الفكر الوسطي المستنير    أسعار اللحوم الضاني اليوم السبت 6-7-2024 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 6-7-2024    انتظام طلاب الثانوية العامة في دمياط لأداء امتحان الكيمياء والجغرافيا    شاهد.. أخر لقاء قبل وفاة أحمد رفعت (فيديو)    البابا تواضروس الثاني يترأس القداس الإلهي وسيامة آباء كهنة بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية    هيثم عرابي ينعى أحمد رفعت لاعب مودرن سبورت    عاجل.. الزمالك يرد على أنباء حرمانه من الجماهير أمام الأهلي بالسوبر الأفريقي    يورو 2024| تشكيل منتخب إنجلترا المتوقع لمواجهة سويسرا    الأونروا تحذر من خطر القنابل غير المنفجرة بين البيوت في غزة    الداخلية الإيرانية: تقدم بزشيكان على جليلي بعد فرز أكثر من نصف الأصوات    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    مؤلف ففرقة العمال المصرية: أمضيت 7 سنوات في توثيق مشاركة نصف مليون مصري في الحرب العالمية الأولى    تشكيل فنزويلا الرسمي ضد كندا في كوبا أميركا 2024    «بايدن»: خضعت لفصوحات كورونا قبل مناظرة ترامب.. كنت أعاني من نزلة برد شديدة    اتهام محامِ شهير بالتعدي على «فتاة» داخل مكتبه في الهرم (تفاصيل)    رأس السنة الهجرية 1446.. أجمل التهاني والأدعية    يقلل الاكتئاب ويحسن صحة العقل.. فوائد مذهلة للحليب الذهبي    تحمي القلب وتعزز الإبداع.. 7 فوائد صحية لنوم القيلولة يوميا    قداسة البابا فرنسيس يبعث برسالة إلى شباب مؤتمر اللاتين بمصر    «هنمنع عنكم طائرات الأباتشي».. نبيل فهمي يكشف تهديد أوباما بعد ثورة 30 يونيو (فيديو)    الصحة العالمية تحذر من مادة مسرطنة يستخدمها الملايين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا أسقط أدونيس كتابه عن قضية باسترناك من حسابه؟
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 11 - 2010

لا أصدق أن أدونيس الشاعر العربى والكونى سيعتزل الشعر وبالتالى لن يكف عن الحلم بجائزة نوبل، حيث إنه ليس مترفعا عن تسويق نفسه بصور مختلفة. وكتب أحد تلاميذه فى جريدة الحياة منذ عامين: «قبيل إعلان جائزة نوبل نزل ادونيس فى باريس ووزع ببلوجرافيا وسيرة ذاتية له، هذا طبعا لكى تستقبل الصحف والمجلات الخبر الميمون بمعلومات يكتبها أدونيس عن نفسه، وأدونيس لا يتورع فى أن ينسب طوال الوقت لنفسه بطولات فكرية وشعرية شتى، اقرأ مثلا قوله عن نفسه فى شهادة له عام 1966: «لا أعرف التوقف عند الابعاد المعروفة وإنما أخلق باستمرار مسافات جديدة، مالت قصيدتى لشهوة البعد، شهوة الامتلاك، شهوة امتلاك الاعماق والاعالى، شهوة العقل الحيوى، مستقرا أو غير مستقر» ثم «لا أعيش فى زمن رياضى، مجرد، جامد، ولا اعيش فى الماضى، اننى اعيش فى مسافة عجيبة ابدية التمدد والتحول»، وهكذا وهكذا لا يكف ادونيس عن اصدار بيانات وخطابات تتضخم فيها الأنا بشكل كبير، وبالطبع تتكدس عبارات من نوعية التجاوز والتخطى والانفلات والتفجير واقتحام المجهول والخروج من الماضى إلى المستقبل.
وللأسف تلقف هذه المفردات شعراء آخرون وكرروا ذات اللعبة حتى هجرهم المتلقى، ونفر منهم الجمهور واستطاعوا بجدارة اجراء عملية عزل صحى للشعر عن جميع جمهوره وقرائه ومحبيه، حتى ادونيس نفسه لم يتبق له سوى بضعة كهنة صغار يترامون فى أرجاء المعمورة العربية يخدمون بعض الاغراض الدعائية كل حين، وفى كل عام يمنحونه جائزة نوبل، بينما آخرون كتاب كبار مثل رشيد بوجورة من الجزائر أو خنامينة من سوريا، أو كتاب مصر مثل خيرى شلبى وابراهيم اصلان وبهاء طاهر وجمال الغيطانى ويوسف القعيد وغيرهم لا يثيرون مثل هذه الترهات، فقط إدوار الخراط هو الذى قال فى حوار له فى صباح الخير يا مصر مع عبدالوهاب داوود بعد حصول محفوظ على نوبل: «الوحيدان اللذان يستحقان نوبل هما انا وأدونيس أما نجيب محفوظ فموهبته متوسطة» والمدهش أن الخراط قبل أن يحصل على جائزة تحمل اسم نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية.
إذن ادونيس يحلم بالجائزة منذ زمن طويل وهو قد عمل فى حقل العالم الحر طويلا، ومما يرضى الاكاديمية السويدية المتعنتة والتى تمارس الظلم الواضح والفادح له، وادونيس منذ أن كتب كتابه الأول باسمه الصريح والشخصى «قضية باسترناك» وهو ينتظر مكافآت وربما يكون قد حصل على بعض منها هذا لا ينفى موهبته وقدرته على الإنجاز الشعرى الكبير، لكن هذا أيضا لايمحو أنه يعمل تحت أجندة معينة، أجندة لا تخسر ابدا خاصة العالم الحر وأغراضه.. ولذلك كن كتاب (قضية باسترناك) وبالطبع قضية باسترناك قضية واضحة تماما وارتكب السوفييت فيها حماقات أى نظام صارم يتسم بنوع من الديكاتورية والنظام كان يرد على الاكاديمية السويدية التى اصطادت فى الماء العكر واعطت الجائزة لباسترناك عن روايته دكتور زيفاجو التى تهاجم الثورة الروسية والنظام السوفييتى، رغم أن شهرة وقيمة باسترناك ينبعان من كونه شاعرا، وليس روائيا، إذن، فالجائزة مغرضة، ودشن كل الكتاب الموالين للعالم الحر هجومهم الأكبر على النظام السوفييتى بالاساس ومكرسين لنظام العالم الحر الامريكى أيضا.
وهنا كان كتاب (قضية باسترناك» الذى صدر فى أتون المعركة، وصدر عن منشورات الفكر الحر ببيروت ولم يبذل فيه ادونيس سوى أنه نقل وانتقى فقرات مطولة لإدانة النظام السوفييتى فضلا عن زعمه بأن باسترناك لم تصدر عنه أى دراسة فى الاتحاد السوفييتى بشكل مطلق وهذا ينافى الحقيقة وراح يمدح فى الرواية باعتبارها «شهادة على العصر الذى عاش فيه، شهادة ترفض الثورة الشيوعية من جهة وتؤكد حرية الشخص الإنسانى من جهة ثانية وهو يرفض هذه الثورة لأنها اصبحت غاية تمجد ذاتها ولأنها تبرر كل وسيلة فى سبيل اهدافها وراح ادونيس ينتقى بضراوة كل ما يهين النظام السوفييتى فيقتبس من برتراند رسل «إن موقف الروس من قضية باسترناك يدعو للاشمئزاز وانى اعتقد كما نعرفه من اساليب الحكام السوفييت وطرقهم انه لم يكن امام باسترناك أى سبيل غير رفض الجائزة».
ويبرز ادونيس رأى منظمة حرية الثقافة فى الولايات المتحدة الأمريكية وبرقيتها الى باسترناك ومعظم الموقعين على البرقية معادون للنظام السوفييتى. بالطبع كان الموقف ملتبسا للغاية لكن الوقوف مع الأمريكيين فى تلك المرحلة كان سبة فى جبين أى مثقف حر فعلا ينتمى للحكم الاشتراكى أو الوجودى لأن الولايات المتحدة الامريكية فى تلك الفترة طبعا وما بعدها كانت تمثل الشر الأقصى والاستعمار القادم وكان كتاب (قضية باسترناك» خدمة جليلة لهذا الاستعمار وهو كتاب استثمارى يختلف مثلا عما حدث فى القاهرة عندما تكونت لجنة من يحيى حقى وسامى داود وحلمى مراد وترجموا الرواية وقدم لها الدكتور طه حسين وصدرت الرواية فى مجلدين ضخمين عام 1958 وحاول حلمى مراد نقل المعركة الدائرة بكل امانة ونلاحظ فى رأى طه حسين أنه متحفظ نسبيا ولا يريد أن يهاجم الرواية ويتعامل معها بحذر.
إذن فكتاب ادونيس كان كتابا يراد منه الاستهلاك وتبليغ رسالة الى الشرق ولم يكن كتابا نقديا وفكريا لكنه كان ذا غرض سياسى مباشر ومحض ورغم بعض القصائد التى نشرت مترجمة وملحقة بالكتاب لذلك فأدونيس لم يعد بنشر هذا الكتاب ولم يضعه ضمن قائمة مؤلفاته ومترجماته لأنه كان قد فعل فعله ولعب دوره المطلوب منه وأظنه لو أعيد لفترة الآن لأصبح نوعا من الفلكلوريات التى لا ترضى قراء ومحبى أدونيس الذين مازالوا مسحورين بتجاوزه وتخطيه وتعففه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.