أرجو ألا يمر حدث فوز فيلمى ميكروفون والحاوى بجوائز المهرجانات العربية قرطاج وترابيكا مرور الكرام، فهو إنجاز يجب أن يفخر به كل عاشق للسينما ودرس يجب أن نقف أمامه لنتعلم منه الكثير. فهذه الأعمال صنعت بحد الكفاف ولكن أصحابها بما يملكون من إصرار وعزيمة وكما يقول الكاتب الألمانى فرانز كافكا «وُضعوا أمام خيارين، إما أن يكونوا ملوكا أو رُسُلا للملوك» والحقيقة أن أحمد عبدالله وإبراهيم البطوط اختارا أن يكونا ملوكا وحققا إنجازا فى زمن تحول الجميع فيه إلى رسل للملوك يحملون رسائل لا يعرفون ما فيها ويجب أن نعاملهم من هذا المنطلق وأن نحتفى بهم بما يستحقه ملوك السينما الذين رفعوا راية السينما المصرية العريقة من أوحالها إلى عنان السماء. وأعتقد أنه لو كانت هذه الأفلام من إخراج أى من الأسماء البراقة التى تتداول بالوسط الفنى على أنهم ملوك وهم فى حقيقة الأمر رسل للملوك لكان استقبالهم قد تم فى مطار القاهرة بالطبل والمزامير ولكن ربما لأن عبدالله وبطوط ينتميان إلى سينما أجبرت على الانزواء بفعل اجتياح سينما أخرى يسهم النقاد والجماهير والسينمائيون على حد سواء فى تسيدها ولا يمكن أن ننكر أن لهذا الفصيل من السينمائيين دورا فى هذا الانزواء فهم مثلا يصرون على أن تكون أفلامهم مستقلة وأنا أفهم أن تكون مستقلة عن نمط سينمائى سائد أو إشكاليات سوق عقيمة لكنى لا أعرف لماذا هى مستقلة عن الجماهير؟! رغم أن هذه الأفلام هى الأقرب إلى الناس البسطاء فيلم إبراهيم البطوط الماضى كان قصيدة عن ناس منا وفيلمه الجديد عنهم أيضا ومع ذلك لا تتاح هذه الأعمال ليشاهدها هؤلاء الذين صنعت منهم الدراما وأعتقد أنها صنعت من أجلهم.. أفلام البطوط وعبدالله زادتنا فخرا وفى نفس الوقت اعطتنا درسا فى ان السينما الحقيقية لا تحتاج إلى رءوس أموال كثيرة بقدر ما هى تحتاج إلى رءوس فقط، عقول تملك قوة الابحار فى الذات البشرية لتخرج ما فيها من ازمات وأحلام، عقول تسعى لأن تصبح ملوكا لا رسلا للملوك. والكرة الآن فى رأيى فى ملعب وزارة الثقافة التى شرعت فى الإنتاج وإمداد السينما بدعم مالى وأعتقد أن إبراهيم البطوط وأحمد عبدالله وغيرهما من الملوك الحقيقيين الذين يملكون رءوسا ولا يملكون رءوس أموال يحتاجون هذا الدعم والأحرى اننا الذين فى حاجة إلى أن يذهب هذا الدعم لهم من أجل خلق جيل من الملوك يقدم سينما تليق بشعب عرف السينما منذ بدايتها وله تاريخ حافل. فهل يحقق الوزير ذلك أم سوف يرضى بكل رسل الملوك الموجودين على الساحة الآن الذين يقدمون رسائل كتبها غيرهم!