«الصحفيون حيّرونى، عندما أختار كبار المطربين، يقولون لى: فين الشباب؟ وعندما أختار الشباب، يقولون: فين العمالقة؟».. بهذه الجملة علقت الأمينة العامة لمهرجان الموسيقى العربية رتيبة الحفنى على التساؤلات التى أحاطت بالمؤتمر الصحفى الذى أقيم فى فترة سابقة لافتتاح الدورة الجديدة للمهرجان، والتى لا تجد إجابة واضحة فيما يدلى به المسئولون من تصريحات مطاطية، ويظل السؤال الذى يتكرر كل عام هو كيف يدار المهرجان؟، وما المعايير التى يتم على أساسها اختيار نجومه؟ وهل هناك محاولات لعمل توازن بين الأجيال المختلفة؟. اتخذ المهرجان هذا العام خطا يتناقض تماما مع ما كان يقال فى الأعوام الماضية عن الدفع بالمطربين الشباب من نجوم سوق الكاست، فى محاولة لجذبهم تجاه الأصالة والابتعاد بهم عن مفردات السوق التجارية، ودفع المهرجان فى دورته رقم 19 مجموعة نجوم من الوزن الثقيل مثل على الحجار ومحمد الحلو وهانى شاكر ومحمد ثروت ومدحت صالح ومحمد ثروت وغادة رجب، وشباب الموسيقى العربية بالأوبرا وائل سامى وريهام عبدالحكيم ومى فاروق، بينما تظل هناك مشكلة بالمشاركة العربية فى مهرجان يفترض أنه يهتم بالفن والطرب العربى، فلم يشارك فى المهرجان هذا العام سوى عدد قليل من المطربين العرب يتمثلون فى السورى إلياس كرم والأردنى أيمن تيسير، بينما يشارك من المغرب المطربة جنات ومطرب التراث فؤاد زبادى، بينما يغيب نجوم الطرب فى العديد البلدان العربية، فلم يشارك أى من نجوم الغناء فى تونس، وكذلك لبنان، والعراق، وليبيا ودول الخليج كاملة، وهناك نجوم تمثل فاكهة ليالى الطرب فى الوطن العربى مثل وديع الصافى وصباح فخرى ولطفى بوشناق وصابر الرباعى وميادة الحناوى وماجدة الرومى وأصالة وكاظم الساهر ووائل جسار وغيرهم. غاب عدد ليس بقليل من نجوم الطرب الذين ينتظرهم عشاق الموسيقى العربية فى كل عام، وربما يغيب الكثير منهم لأسباب اقتصادية لأن المهرجان لا يوفر الأجور المناسبة لهم، ولكن هناك أيضا من يغيب لأنه يختلف مع الإدارة الحالية للمهرجان، والتى تتعامل مع فلسفة لا تتفق مع طبيعة العصر الذى نعيشه، فإدارة المهرجان تعمل فى ربع الساعة الأخير وترضى بالحلول التى تأتى لإنقاذ الموقف، فضلا عن اعتمادها فى الاتفاقات على علاقات خاصة تربط بعض أعضاء اللجنة العليا بعدد من النجوم وعقد اتفاقات شفاهية مع المطربين وعدم إبرام عقود ملزمة للطرفين تحدد كل التفاصيل، وتلزم النجم بموعد وبرنامج حفله فى المهرجان وما سيقوم بتقديمه على المسرح من أغان وفق فلسفة المهرجان، وكيفية ظهوره على المسرح وعدد اللقاءات الإعلامية التى سيجريها على هامش المهرجان، وذلك تماشيا مع ما يتم حاليا فى المهرجانات الأخرى، ولكن إدارة مهرجان الموسيقى العربية تشغل نفسها بأشياء مثل جلسات المؤتمر العلمى الذى يقام فى نفس الوقت، ويستنفد الكثير من الجهد والوقت والاعتمادات المالية، ويخرج بتوصيات مهمة لكنها تغيب عن الأضواء بسبب تزامنها مع الجانب الاحتفالى الذى يخطف اهتمام وسائل الإعلام المختلفة، وكان يمكن فصل المؤتمر عن المهرجان ومحاولة إيجاد نشاطين مختلفين، والبحث عن وسائل تمويل لكليهما بشكل يخرجه للحياة الفنية والثقافية فى مصر بأفضل صورة ممكنة. خلال 19 عاما لم يفكر القائمون على هذه التظاهرة الموسيقية العربية المهمة فى تحويل المهرجان من مجرد برنامج عروض سنوية الى مؤسسة حقيقية يكون لها دور فى الأوساط الثقافية والفنية، وأن ينتقلوا به من العمل الموسمى الى النشاط المستمر الذى يشتبك مع قضايا الفن، وحاول تفعيل ما يصل اليه مؤتمر الموسيقى العربية من توصيات، وألا تكون مجرد خبر ينشر على استحياء فى آخر أعداد نشرة المهرجان من كل عام.