إن مواجهة مختلف العوائق التي لا تزال تحُول دون تحقيق التداول السلمي على السلطة، تتطلب ما يلي: أولا: الإسراع بالقيام بإصلاحات سياسية جادة وعميقة، تُعيد الاعتبار لدولة القانون والمؤسسات القائمة على الفصل بين السلطات، وتحقيق سيادة الشعب واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة والفردية، وتجعل من صندوق الاقتراع الوسيلة الشرعية الوحيدة لتحقيق التداول السلمي على السلطة، وذلك بضمان شفافية الانتخابات والتسليم بنتائجها، وتعزيز جهود المراقبة المستقلة، وفق المعايير الدولية. ثانيا: اعتبار استقلالية السلطة القضائية أولوية قصوى لمجمل مطالب قوى التغيير الديمقراطي، باعتبارها شرطا أساسيا لحماية الحريات وحقوق الإنسان، وضمان قيام دولة القانون والمؤسسات. ثالثا: إطلاق سراح سجناء الرأي والسجناء السياسيين، الذين يعدون بالآلاف بمختلف السجون العربية، ووضع حد للمحاكمات السياسية والتنكيل بالمعارضين، ووضع حد لظاهرتي الاختطاف والتعذيب. رابعا: العمل على تمكين الأحزاب السياسية والنقابات من التنظيم وحق ممارسة نشاطها، بدون عوائق قانونية أو إدارية، واستعمال وسائل الإعلام كافة، والاستفادة من التمويل العمومي والتوقف عن تدخل أجهزة الدولة في شؤون الأحزاب. خامسا: إقرار حق منظمات المجتمع المدني أداء دورها، باعتبارها قوة اقتراحية وتدافعية، بحرية وفاعلية، واحترام استقلاليتها وخصوصياتها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتوفير الدعم المالي لها، والدخول معها في شراكة، من أجل تحقيق التنمية البشرية المستدامة، وتمكين النساء والشباب من المشاركة الفعلية في عملية التنمية. سادسا: إطلاق حرية التعبير، وتمكين وسائل الإعلام والصحفيين من الوصول إلى المعلومات ومصادر الخبر واحترام استقلالية نقاباتهم، وتمكينهم من نشر المعلومات والآراء، بعيدا عن أجواء الرقابة أو الضغوط الإدارية والقضائية، وإلغاء عقوبة الحبس في التهم الموجهة للصحفيين. سابعا: وضع آليات لضمان حياد أجهزة الدولة، وجعلها في خدمة المواطنين، بعيدا عن مختلف أشكال الانحياز السياسي والتدخل في شؤون الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني. ثامنا: تعبئة مختلف القوى والطاقات والجهود من أجل الالتزام بالحكامة والنزاهة ومحاربة الفساد، باعتباره ظاهرة أخلاقية واجتماعية واقتصادية، خاصة أنه قد تحول بمختلف الدول العربية، من مجرّد فساد إداري إلى منظومة لإدارة الفساد، مما يقوض جهود التنمية ويستنزف الثروات الوطنية، المادية والبشرية، ويهدد السلم الاجتماعي. تاسعا: دعوة مؤسسات القطاع الخاص إلى الوعي بأهمية مساهمته في الدفع نحو الإصلاح السياسي ورفع سقف الحريات، نظرا للارتباط الشديد بين التنمية والديمقراطية، وضمان الشفافية والمنافسة الحرة والنزيهة. وأن يتحمل القطاع الخاص مسؤولياته الاجتماعية والمجتمعية لتحقيق العدالة الاجتماعية. عاشرا: العمل على تحقيق المصالحات الوطنية من أجل تجنُّب المخاطر المهدِّدة لوحدة الأوطان والمغذية للصراعات الطائفية والدينية والمذهبية والسياسية، والمهدِّدة لاستقرار الدول والمجتمعات العربية. أحد عشر: مناشدة القوى الديمقراطية في العالم؛ للضغط على حكوماتها من أجل الكف عن مساندة الأنظمة غير الديمقراطية في العالم العربي، وعدم اعتماد ازدواجية المعايير. اثنا عشر: أخيرا التأكيد على ترابط الإصلاح السياسي بتجديد الفكر الدِّيني، وهو ما يستوجب دعْم الاجتهاد وتعميق ممارسته، وتوسيع نِطاقه في ظل مناخ من الحرية الكاملة وفي ظل أنظمة حُكم ديمقراطية. كما نثمِّن الحوارات، التي انطلقت منذ سنوات بين الإسلاميين والعلمانيين، على أصعدة محلية وإقليمية، ونؤكد أهمية الاستمرار في هذا التوجه، نظرا لصبغته الإستراتيجية، والعمل على تعميقه من أجل توفير الأرضية الصلبة لحماية الديمقراطية وحقوق الإنسان من أي انتكاسة لأسباب سياسية وأيديولوجية.