وسط غابة من الرسائل ذات النفس المعارض تتبادلها شبكة الناشطين والمدونين البارزين، على خدمة تويتر Twitter.com لتبادل الرسائل القصيرة، ستندهش إن قرأت تعليقا لمحمود إبراهيم (M_ibr) أو حوارا بينه وبين وائل عباس المدون المشاغب البارز. محمود يدافع عن الحزب الوطنى ويسخر من المعارضة سخرية لاذعة، ولا يخفى أنه عضو فى الحزب الوطنى رغم ما يترتب على ذلك من متاعب وسط غابة المعارضين على الإنترنت وحتى فى الحزب الوطنى على أرض الواقع. «أظن أننى وعبدالله كمال رئيس تحرير روزاليوسف من نعلن أننا أعضاء فى الحزب الوطنى على تويتر»، يرى محمود ذلك طبيعيا بشكل ما: «خدمات الإنترنت أدوات اجتماعية تتداولها أوساط بعينها، وبعض الأدوات شائعة فقط فى أوساط الناشطين المعارضين. من ناحية أخرى لو أعلنت أنك عضو فى الوطنى أثناء أى نقاش تفقد مصداقيتك لدى الآخر، ويترك موضوع النقاش أيا كان ليتحول إلى انتمائك للحزب والحكومة وتواجه هجوما عنيفا. أعتقد أن معظم شباب الوطنى يتجنبون هذه الاحتكاكات». تبدو ساحة الإنترنت كوسط معارض، وحضور الحزب الوطنى ومؤيدى النظام باهتا وضعيفا. حتى داخل مجموعات الحزب الوطنى على الفيس بوك تجد من يدخلون خصيصا لتوجيه انتقادات هادئة أو سبابا عنيفا. ورغم بعض التطوير والتوجه لاحتلال مساحة على الشبكات الاجتماعية الأكثر شعبية مثل فيس بوك وتويتر وفليكر ويوتيوب، فإن الحضور لا يزال ضعيفا. ولا تزال اللجنة الإلكترونية المسئولة عن ذلك انطوائية ولا تفضل الحديث مع الصحافة رغم طبيعتها الإعلامية! يبتسم محمود إبراهيم متجاوزا التعليق على رفض اللجنة الإلكترونية التحدث مع الصحافة قائلا: «أعتقد أن خوف شباب الوطنى من الاحتكاك على الإنترنت شىء سلبى عموما. ولكن أنا قوى وواثق من نفسى ولا أخشى ذلك». يخوض محمود إبراهيم مناقشات حامية مع منتقديه ويرد السخرية بمثلها أو أكثر، ويعترف أنه قد يكون حادا بعض الشىء أمام بعض تجاوزات البعض بحقه أو أمام جهلهم بحقائق بسيطة فى رأيه: «أعتقد أنا أكتر واحد اتعمل له بلوك Block فى تاريخ تويتر. وأحيانا أجد من يرسل إلىّ ويشتمنى بعنف بدون سابقة حوار أو معرفة لمجرد أنى عضو فى الحزب الوطنى». تحت عنوان «فقه الدفاع عن الحزب الوطنى» يكتب محمود فى مدونته «مصر اللى بحبها» بنبرة هادئة عن شعوره «كدخيل» على الإنترنت التى يتنفس معارضة: «الكل ضد النظام، يختلفون مع بعضهم إلى درجة الكراهية بل أحيانا الاعتداء على بعضهم باليد حينما يلتقون، إلا أنهم فى النهاية حينما يصل أتوبيس معارضة النظام يركبون جميعا. ليس هذا بالأمر السيئ فأكيد أن كل سلطة وأى سلطة فى العالم لها معارضيها زاد أو قل العدد. القضية بالتأكيد ليست هنا فى مجال الكثرة العددية لأنهم يمكن حصرهم جميعا فى 500 شخص على أقصى تقدير وهو ما يستطيع الحزب الوطنى وبدون أى أموال (كما يدعون دائما) حشد عدد كبير من الأعضاء يفوق هذا العدد بمئات الآلاف. ولكن القوة هنا بقوة التأثير وكل شخص فيهم له تأثير فى عدد واسع من المؤيدين (عن علم أو جهل) وهذه حقيقة لا يمكن إغفالها. ويضيف أنه يعترف بكثير من السلبيات التى يشير إليها الكثيرون ولكنه يؤكد أن هناك فارقا أن تكون مؤيدا للنظام وبين أن تكون جزءا منه، وأنه كما يقف ويصفق لما يتفق معه من سياسات فإنه يعلن علانية انتقاده لما يراه سلبيا. تحت عنوان «حديث هاتفى مع ميكافيللى» كتب محمود فى مايو 2008 متخيلا أن نيكولا ميكافيللى صاحب كتاب «الأمير» الذى قدم منهجا وفلسفة فى كيفية حفاظ صاحب السلطة على سلطته قد اتصل به فجرا مستاء من ترتيب ما حدث آنذاك، من زيادة العلاوة الاجتماعية ثم رفع أسعار سلع حيوية بعدها مباشرة، مذكرا محمود أنه نصح «الأمير» بعكس ذلك. يدور حوار طويل حول بعض السياسات الاقتصادية يختمه ميكافيللى بقوله: «عايز أقول لكم يلعن أبو اللى علمكم السياسة أنا متبرى منكم»، وذلك بعد أن أوصاه وصية: «ابقى ابعت نسخة من كتابى لأعضاء الحكومة والحزب بتاعها». يضحك محمود معلقا: «كان قصدى أنه حتى ميكافيللى لا يرضى بهذا الأسلوب!». تسببت انتقادات محمود لبعض سياسات الحكومة فى مشاكل له داخل الحزب. يحكى أن بعض الشباب أخبروا بعض القيادات الوسيطة أنه مدون ويكتب عن بعض فاعليات الحزب وينتقد أحيانا. وتسبب ذلك فى توتر بينه وبين الأمين السابق لأمانة شباب القاهرة، حتى إن محمود ترشح فى انتخابات المحليات مستقلا ضد مرشح الحزب، وأعلن فى مدونته أنه شهد تزويرا مارسه الحزب الذى ينتمى إليه لصالح منافسيه. يدافع محمود عن الحزب والحكومة رغم اعترافه بوجود التزوير والكثير من السلبيات الأخرى: «التزوير يحدث مجاملة أو كجزء من ثقافة عامة للمصريين. والصراع غالبا بين الوطنى ونفسه. بين من ترشحوا من داخل الحزب والذين ترشحوا مستقلين. حسنا، هناك مشاكل وسلبيات كثيرة، ولكن ما الذى يمكن عمله؟ لنكن واقعيين. السياسى الشاطر هو من يسأل نفسه ما هى الخطوات إلى التغيير. أنا لا أرى تغييرا ممكنا إلا من داخل النظام. تغيير تدريجى وبخطوات بطيئة. ومع الوقت يزداد الطلب على السياسة والديمقراطية، حسب تعبير الدكتور عبدالمنعم سعيد، ولكن الآن لا بديل حقيقيا غير الحزب الوطنى». فى رأى محمود إبراهيم، المعارضة تقدم للناس فى خطابها ما يريدون أن يسمعوه لا ما يحتاجونه، ولذلك يجد كلامها رواجا فى الإعلام وعلى الإنترنت: «كلما ازددت قربا من المعارضة احترمت الحكومة أكثر. كثير من أصدقائى المعارضين قالوا إنى غيرت نظرتهم للحزب الوطنى. الأسهل أن تعارض، ولكن الأصعب أن تكون إصلاحيا من داخل النظام».