بعد أن عجز الفيلم المصرى عن الوجود إلا فى مواسم محدودة جدا تتمثل فى العيدين والموسم الصيفى، الذى بدأ فى الانحسار كل عام، كان من الملاحظ سطوة، واكتساح الفيلم الأجنبى خاصة الأمريكى، والآن وفى موسم الفراغ السينمائى يتم عرض ما يزيد على 20 فيلما أجنبيا غيرت خريطة دور العرض المصرية التى غاب عنها الفيلم المصرى تماما، فى تصميم وإصرار من المنتجين والموزعين المصريين على أن يسحب الأجنبى البساط من تحت قدم المصرى خلال هذا الموسم. ولكن الأزمة التى تعانيها السينما المصرية حاليا، والتى أدت لقلة المنتج السينمائى هل من الممكن أن تتسبب فى احتلال الأجنبى للساحة السينمائية المصرية معظم أوقات السنة؟ أم أن هذا سيتغير مع انقضاء تلك الأزمة فى وقت لاحق؟.. تلك الأسئلة يجيب عنها صناع موزعى الفيلم الأجنبى فى مصر، الذين يكشفون عن رؤيتهم للوضع الراهن فى هذا التحقيق. فى البداية، قال طارق صبرى مدير شركة موزعى الأفلام المتحدة: إن غياب الفيلم المصرى عن الساحة معظم أوقات السنة لتركيز المنتجين والموزعين المصريين على مواسم الأعياد والموسم الصيفى فقط، ساعدنا كثيرا على طرح كثير من الأفلام الأجنبية، فعندما يقل إنتاج الفيلم المصرى بشكل ملحوظ كما يحدث حاليا يزداد طلب الموزعين على الأجنبى لكى يملأوا دور العرض، لأنه من غير الأجنبى ستغلق معظم الشاشات المصرية معظم أوقات العام»، وأضاف: للأسف سياسة الموزعين المصريين غير رشيدة إطلاقا لأنهم يركزون على المواسم فقط، ويتجاهلون باقى العام مما يتطلب منهم تغيير استراتيجياتهم، أما شركات الإنتاج العالمية فلديها خطة ومنهج واضح تماما، فمثلا نحن نعلم ما الأفلام التى سيتم طرحها عام 2012 قبلها بعامين أى منذ 2010، وكذلك ميعاد طرح كل فيلم فى دور العرض، لسبب بسيط جدا هو أن المنتجين الأجانب يعطون إنتاج الأفلام حقه تماما سواء فى الميزانية ومدة التصوير وإعطاء المخرج مهلة كافية لاختيار فريق العمل على أكمل وجه وبالتالى تؤدى هذه السياسة إلى جعل العام كله موسما وليست أياما بعينها، أما فى مصر فهذا لا يحدث إطلاقا، حيث يتم الانتهاء من الفيلم فى مدة صغيرة جدا لأن المنتج يرغب فى طرحه بأحد المواسم، وأود القول إننا الدولة الوحيدة التى تنتهج هذا النظام الإنتاجى والتوزيعى الذى يتسبب بأزمات عديدة للسينما المصرية». بينما تختلف مينيت نبيل مديرة شركة فورستار فيلمز فى الرأى مع صبرى، حيث تقول: اكتساح الفيلم الأجنبى لدور العرض المصرية لا علاقة له على الإطلاق بغياب الفيلم العربى وتحديدا المصرى، لأننا كوكيل معتمد لإحدى شركات الإنتاج العالمية نلتزم بالميعاد الذى تحدده لنا الشركة الأم، فمثلا إذا حددت لنا ميعاد فيلم معين فنقوم هنا فى مصر بعرضه فى غضون شهر أو اثنين على الأكثر من الميعاد المحدد لنا سلفا»، وأضافت: أما إذا حددت لنا ميعادا معينا وتزامن ذلك مع المواسم التى يعرض فيها الموزعون المصريون أفلامهم فى دور العرض والتى تشكل لهم أوقات ذروة، فعندئذ نضطر لتأجيل عرض الفيلم فترة معينة، ولكننا فى النهاية لا علاقة لنا بالأفلام العربية ولا بمواسم عرضها، لأن الأجنبى لهم مواعيد محددة نعلمها مسبقا. أما عن الموزعين والمنتجين المصريين، فقد نفى المنتج وائل عبدالله نهائيا أى خطورة لسطوة الفيلم الأجنبى على وجود الفيلم المصرى، قائلا: نحن كموزعين حددنا بالتعاون مع وزارة الثقافة عدد النسخ المسموح بها للفيلم الأجنبى وهى 8 نسخ فقط وهذا عدد قليل جدا، أما الفيلم المصرى فتتجاوز عدد نسخه ال90 نسخة، حيث يوجد فى القاهرة والمحافظات، ولذلك مهما عرض الأجنبى فإنه لن يستطيع السطو على حق المصرى إطلاقا»، وأضاف: «يكمن الخطر فقط عندما يحصد الفيلم الأجنبى نفس إيرادات نظيره المصرى، عندئذ نستطيع القول إن هناك خطرا يداهم المنتج المصرى، وإذا أحصينا عدد الأفلام الأجنبية، التى حصدت إيرادات عالية فسنجد أنها قليلة للغاية مثل أفاتار وتيتانيك، وفيما يتعلق بقدرة الشركات العالمية على جعل العام كله موسما، وبالتالى استطاعة الأجنبى الوجود على مدى العام، أوضح عبدالله: هذه هى ميزة المنتج الأجنبى الذى يغطى دور العرض المصرية فى الوقت الذى يختفى فيه الفيلم المصرى، وبالتالى ضمان استمرار الشاشات التى يعمل بها الآلاف، مضيفا: من يشكو سطوة الأجنبى ليس منتجا ولا موزعا، وبالتالى كلامه ليس صحيحا. ومن جهته، اتفق المنتج هانى جرجس فوزى مع وائل عبدالله فى الرأى، حيث قال: «لا أرى أن الأجنبى من الممكن أن يؤثر على نظيره العربى لأن كليهما له جمهوره الذى يعشقه، والأفلام المصرية إذا كانت على مستوى عالٍ فإنها لن تتأثر إطلاقا»، مضيفا: للأسف، لأن السينما المصرية الآن تعانى من أزمة أدت إلى قلة الإنتاج السينمائى، فإن الأجنبى اكتسح دور العرض، وللموزعين كل الحق فى هذا لأنه ليس معقولا أن يتركوا دور العرض خالية، ومن ناحية أخرى أنا لست مندهشا لأنه فى فترة ما اكتسحت الأفلام الهندية دور العرض المصرية وأخذت وقتها، لأنه فى النهاية المصرى يعتبر الأقوى ومساحته الشعبية أعرض».