حذر تقرير «تطور الأوضاع الديمقراطية فى مصر» من استمرار تدهور مؤسسات الدولة ومظاهر الفوضى والعشوائية التى قد تؤدى إلى انتشار العنف والأزمات الاجتماعية التى تنشأ بسبب عجز الدولة عن توفير الحد الأدنى من الخدمات، بالإضافة إلى تزايد حجم الاحتجاجات العشوائية غير السياسية وتكرار نمط المصادمات الطائفية والفئوية. وأشار التقرير، الصادر عن الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، إلى أزمة المحامين والقضاة باعتبارها أحد مظاهر الخلل فى أداء الدولة والتى تصيب العدالة فى مقتل، على حد تعبير التقرير. وأكد التقرير الذى رصد عام 2009، أن الانتخابات فى مصر ليست آلية لتداول السلطة أو ترسيخ الديمقراطية، مشيرا إلى التزوير الذى يشوب العملية الانتخابية والبلطجة، وشراء الأصوات، بالإضافة إلى عدم تطبيق النص القانونى الخاص بتحديد حد أقصى للإنفاق على الدعاية الانتخابية، وتجاوز المرشحين للمبلغ الذى تضعه اللجنة العليا للانتخابات دون مساءلة. ورغم أن معدى التقرير أكدوا أن انتخابات الأندية الرياضية باتت هى الوحيدة المعبرة عن إرادة الناخبين فإن الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، الدكتور عمرو الشوبكى معد التقرير تراجع عن هذه النتيجة خلال الندوة التى عقدت لمناقشة التقرير أمس الأول. وأشار إلى الحكم القضائى ببطلان انتخابات نادى الزمالك لما شابها من تجاوزات، وقال: «يؤسفنى أن أقول إنى أراجع نفسى بعد الحكم القضائى ضد المجلس الحالى الذى قال إنه حدثت عمليات تزوير واسعة»، وتساءل عن الأسباب التى تؤدى إلى عدم القدرة على إجراء انتخابات نزيهة فى الأندية الرياضية البعيدة عن الأهداف السياسية وقال: «لا أريد أن أقول إنها الخيبة الثقيلة والفوضى والعشوائية فى كل شىء». وتوقع الشوبكى أن تشهد انتخابات مجلس الشعب المقبلة حالة من الفوضى الشاملة. الاحتقان الطائفى أيضا كان له نصيب من المؤشرات التى استند إليها التقرير لتحليل حالة الديمقراطية، حيث رصد عددا من الحوادث الطائفية التى وقعت فى مصر خلال العام الماضى، وخاصة محافظة المنيا التى شهدت العدد الأكبر من الحالات. وانتقد التقرير الخطاب الدينى الإسلامى والمسيحى الذى يصل لحد العنصرية والتحريض على الكراهية، وما وصفه بحالة الأسلمة الشكلية فى المجتمع فى العشرين عاما الأخيرة، والتى أدت لشعور المسيحيين وبعض المسلمين بالغربة عن المجتمع. وقال إن هذا الخطاب الإسلامى الشكلى لم يؤد إلى تحسن الحالة الاجتماعية أو الاقتصادية فى مصر أو حتى يظهر فى نظافة الشوارع والأماكن العامة «على اعتبار أن النظافة من الإيمان». ووجه التقرير انتقادات للأداء الحكومى خلال عام 2009، مستشهدا بصفقة القمح الروسى الفاسدة التى دخلت مصر دون أن تستوقفها أى أجهزة رقابية، كما انتقد التخبط الحكومى فى التعامل مع أزمة مرض «إنفلونزا الخنازير». وانتقد المفكر اليسارى، عبدالغفار شكر، بعض الجوانب فى التقرير، قائلا إن مؤشر عشوائية الدولة أهمل تفشى الفساد على نطاق واسع للدرجة التى أصبح الفساد آلية لإعادة توزيع الدخل القومى.