فى الليلة الظلماء يفتقد «النجم» وها هو أحمد فؤاد نجم لا يكذب خبرا ولا يخيب ظننا فيما حفظناه وامتلأنا به من أقوال مأثورة.. عاد الفاجومى سريعا من «نزوة عابرة» حبسته خلف جدران السجن الحزبى «مين اللى قال جيفارا مات» نورت بيتك ومطرحك يا عم نجم، العود أحمد يا عم أحمد.. بس وحياة سيدك النبى ما تعملها تانى. الجميل فى عودة نجم أنها تأتى فى وقتها تماما، مع ضغط الإصبع الخفى على الزر لإطفاء النور إيذانا بإعلان موسم العتمة، «القاهرة اليوم» ظلام دامس و«الدستور» عطل متعمد بفعل فأر السبتية الشهير، وقاعات المحاكم لا تتسع لعدسات الكاميرات، والكلام ممنوع بحجة عدم إثارة الفتنة.. والكل يسافر إلى تحت جلده، خوفا أو انتظارا للآتى، أو إيثارا للسلامة واستثمارا لمناخ الشك والريبة. لكن الأجمل فى هذه العودة الفاجومية المباركة (بلاش المباركة) هو مكانها، حيث أعلن خروجه من حزب الوفد فى البقعة التى سفك فيها السيد البدوى دماء جريدة الدستور، عاد نجم إلى نفسه وإلى «بهية» وسط شباب الدستور، الورد اللى فتح فى جناين مصر، لابد أنهم يشعرون بدفء حقيقى الآن وهم يتعلقون بأطراف جلابية الفاجومى وعباءته، ويرددون خلفه: ما دامت مصر ولادة وفيها الطلق والعادة حتفضل شمسها طالعة برغم القلعة والزنازين عاد نجم وقد «أطفأت مدينتى قنديلها، أغلقت بابها، أصبحت فى المساء وحدها» كما غنت فيروز لبيروت من كلمات جوزيف حرب، وعليه فإن عمنا الفاجومى مطالب بإشعال أكبر قدر ممكن من الشموع، وأظنه هذه المرة لن يخذل محبيه، وسيواصل الركض مع شباب الدستور حتى يأمنوا على حياتهم، مهنيا واجتماعيا، وسوف يستأنف الغناء للحقول والمصانع والمدارس، وأكاد أسمع دبيب الشعر المقاوم وهو يتخلق فى رحم قصيدته الآن. وحشتنا يا عم نجم، لن نعاتبك على تغيبك المباغت، ولن نسألك عن أسباب البعاد والرجوع، يكفى أنك رجعت فى الزمان والمكان المواتيين، ليردد الحالمون خلفك: همَ مين واحنا مين هم الأمرا والسلاطين هم المال والحكم معاهم واحنا فقراء ومحكومين حزر، فزر شغل مخك شوف مين فينا بيحكم مين نورت يا أبو النجوم، والحمد لله اللى فك سجنك بسرعة.. أحزاب ايه يا راجل.