دخل المهاجم الروسي الشاب أندريه أرشافين قلوب جمهور الأرسنال بالأهداف الأربعة "سوبر هاتريك" التي أحرزها في مباراة فريقه مع ليفربول التي شهدت دراما التعادل 4-4 ضمن مسابقة الدوري الإنجليزي ، ولكنه دخل أيضا تاريخ الكرة الإنجليزية باعتباره أول لاعب يسجل أربعة أهداف في مباراة واحدة في استاد أنفيلد رود بمدينة ليفربول منذ ستين عاما. الطريف أن أرشافين خرج بعد المباراة وهو يتحدث بوجهه الطفولي المعتاد إلى الصحفيين ليتعهد لجمهور الأرسنال بتقديم المزيد ، دون أن يوضح ما هو هذا المزيد الذي يمكن أن يقدمه فوق إحراز أربعة أهداف في مباراة واحدة وفي مرمى ليفربول! وكان أرشافين قد انضم إلى صفوف الأرسنال قادما من فريقه الروسي زينيت سان بطرسبرج في موسم الانتقالات الشتوي الماضي مقابل 16,5 مليون جنيه إسترليني في صفقة مثيرة للجدل واستغرقت وقتا طويلا للغاية ، غير أن اللاعب خرج بعد المباراة ليقول : "لا أعتقد بأني تأقلمت بشكل كامل بعد مع الحياة في لندن ، بدليل أنني في شوك المباراة الأول أمام ليفربول كنت هادئا ، باستثناء اللحظة التي أحرزت فيها الهدف". وأضاف قائلا : "ما زال الأمر صعبا علي ، أنا لاعب جديد ، يجب أن أمر بفترة إعداد قبل بداية الموسم المقبل حتى يكون كل شيء على ما يرام بالنسبة لي ، أحتاج إلى بعض الوقت". وبالنسبة للسوبر هاتريك الذي أحرزه أرشافين قال بكل بساطة : "لم أسجل أي هاتريك في حياتي إلا في مرتين". وأضاف : "أشعر أنني على ما يرام ، ولكنني محبط لأننا لم نحقق الفوز في مباراة كهذه .. ولكن ماذا أقول .. هذه هي إنجلترا"! أما الفرنسي أرسين فينجر المدير الفني للأرسنال فلم يكن مبالغا في إشادته بأرشافين ولا مقللا من تألقه ، فقد وصفه بأنه "لاعب خطير" وإضافة كبيرة لفريق "المدفعجية" ، مشيرا إلأى أن أفضل ما فيه أنه يجيد اللعب في كل المراكز ، وهي صفات اللاعبين الكبار ، بحسب تعبير فينجر. ووصف النقاد الرياضيون أرشافين بأنه أثبت في هذه المباراة وحدها أنه يستحق كل بنس دفعه فيه نادي الأرسنال من بين إجمالي مبلغ 16,5 مليون جنيه إسترليني ، قيمة الصفقة ككل ومدتها ثلاثة أعوام ونصف. وكتب نقاد عن أرشافين بإعجاب ، وعكفوا على تحليل مزاياه الفنية بدقة شديدة ، فقالوا من بين ما قالوا إن أكثر ما يميزه هو أنه ليست لديه قدم ضعيفة عن الأخرى ، بل إنه يسدد بقدمه اليسرى مثل اليمنى تماما! وقال عنه فينجر أيضا إنه يجيد اللعب الجماعي مع زملائه ، كما أنه يمتلك من الجيل الفردية في المراوغة ، وخاصة في المساحات الضيقة ، ما يجعله لاعبا خطيرا جدا. وكان تألق أرشافين الحقيقي قد بدأ منذ فوز فريقه زيينيت المفاجيء على بطولة كأس الاتحاد الأوروبي "الويفا" الموسم الماضي ، كما قدم عروضا رائعة مع منتخب روسيا في بطولة الأمم الأوروبية عام 2008 ، وهو ما دفع مسئولي الأرسنال إلى بذل جهود مضنية لضمه العام الماضي. ولم ينس مهاجم الأرسنال أن يسخر بهذه المناسبة من التقارير التي أشارت إلى أنه غير سعيد في لندن ، ورد عليها بانه سيبقى "مدفعجيا" إلى الأبد. وكانت تقارير كثيرة قد نشرتها الصحف الروسية قد تحدثت طوال الأسابيع الماضية عن عدم تأقلم أرشافين الصغير وصديقته على الحياة اللندنية ، خاصة وأنه يعشق مدينة سان بطرسبرج ، ولكن يبدو أن انتقال صديقته للإقامة معه في العاصمة البريطانية خفف عنه كثيرا من هذا الإحساس بالاغتراب. وأندري سيرجيفيتش أرشافين وهو اسمه بالكامل عمره 27 عاما ، ولكن نشاطه وحيويته ووجهه الطفولي يوحون بأنه تحت العشرين ، وهو من مواليد 29 مايو 1981 في مدينة سان بطرسبرج الروسية ، وبدأ مشوار التألق مع زينيت عام 2000 ولعب لمنتخب روسيا منذ عام 2002 قبل أن ينتقل إلى الأرسنال. ويرتدي أرشافين القميص رقم 23 مع الأرسنال ، ويجيد اللعب في مركز لاعب الوسط المهاجم ، ويبلغ طوله 172 سنتيمترا. وأرشافين ينتمي إلى أسرة من الطبقة العاملة الروسية ، وانفصل أبواه وهو في العاشرة من عمره ، فاضطر لأن ينام على الأرض لسنوات مع والدته تاتيانا ، ولكن والده المنفصل عن والدته كان يعشق كرة القدم ولعب على مستوى الهواة في روسيا ، وعندما شاهد موهبة ابنه أقنعه بالاتجاه إلى عالم الكرة في سن مبكرة ، وكان من الممكن أن يبتعد عن عالم الكرة نهائيا بسبب حادث خطير تعرض له وهو طفل حيث دهسته سيارة مسرعة ، ولكنه نجا من الموت بأعجوبة ، وتعرض لمأساة أخرى في حياته عندما ودع والده سيرجي الحياة إثر تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة وهو في سن الأربعين فقط. وكانت عملية انتقال أرشافين إلى الأرسنال أشبه بمشاهد أفلام الأكشن ، فبعد حضوره إلى لندن يوم 2 فبراير الماضي ، حجز له النادي اللندني في فندق هيرت فورد شاير القريب جدا من ملعب تدريبات الأرسنال ، ولكن الجميع فوجيء به الجميع من مسئولين ووسائل إعلام وهو يختفي من الفندق منذ العاشرة صباحا ، وترددت شائعة بأنه عاد إلى روسيا مفضلا عدم البقاء في مدينة الضباب ، والاكتفاء باللعب في زينيت ، ولكن قبل ساعة واحدة من موعد إغلاق باب الانتقالات الشتوية ، تم العثور عليه هائما في شوارع لندن ، وتم إقناعه بأن مسئولي الأرسنال وافقوا على مطالب ناديه المادية ، فتمت الصفقة بنجاح ، وحتى التوقيع على الصفقة تأخر لمدة 24 ساعة بعد الحصول على إذن خاص من الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بمد فترة التعاقدات بمبرر سوء الأحوال الجوية الذي تسبب في تأخير وصول ئأرشافين أصلا من روسيا. ولعب أرشافين أولى مبارياته للأرسنال أمام ساندرلاند يوم 21 فبراير وانتهت المباراة بالتعادل السلبي ، ويوم 14 مارس سجل أرشافين أول هدف له وكان في مرمى بلاكبرن روفرز في الدقيقة 65 ، وانتهت المباراة بفوز الأرسنال بأربعة أهداف.