من المعروف أن الروس، وعلى مدار أعوام طويلة، كانوا يرسلون علنا عيونا استخباراتية إلى أى معرض أسلحة تكون إسرائيل مشتركة فيه، وذلك من أجل تعقب آخر التطورات التى حدثت لدى الصناعات الأمنية الإسرائيلية. ويدرك المسئولون فى إسرائيل أن أى منظومات عسكرية إسرائيلية وقعت فى أيدى السوريين أو اللبنانيين، خلال عمليات حربية متعددة، كانت تنقل على وجه السرعة إلى موسكو وفى إبان الحرب الروسية الجورجية قامت الطائرات الحربية الروسية بإسقاط بضع طائرات من دون طيار من صنع إسرائيل كانت تستعملها القوات الجورجية، وبعد ذلك ببضعة أشهر قام الروس لأول مرة بالتوجه إلى الصناعات الجوية الإسرائيلية طالبين شراء طائرات من دون طيار، بل إنهم اعترفوا خلال أحاديث مغلقة بأنهم أخفقوا فى تطوير طائرات كهذه لديهم. فى البداية باعت الصناعات الجوية الإسرائيلية إلى روسيا كمية ضئيلة من هذه الطائرات من الطراز البسيط، لكن فى الآونة الأخيرة، وعقب قيام وزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك بزيارة موسكو، بدأت مداولات مكثفة بين الجانبين بشأن بيع روسيا كميات أخرى من هذه الطائرات من الطراز الأكثر تطورا بقيمة 300 مليون دولار. وقد رهن الروس تنفيذ هذه الصفقة بشرط إقامة مصنع مشترك لإنتاج هذه الطائرات فى الأراضى الروسية. غير أنه فى إثر إقرار وصفقة بيع سوريا صواريخ بحرية روسية متطورة من طراز «ياخونت»، بدأت تطرح فى إسرائيل اسئلة كان يجب طرحها منذ فترة طويلة، وفى مقدمتها أن حماس المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لبيع منتجات الصناعات الأمنية تسبب فى السابق بأوضاع إشكالية، كما حدث مع جنوب أفريقيا والصين وإيران فى إبان نظام حكم الشاه. وفيما يتعلق بروسيا فإنه من المعروف جيدا أنها تعمل فى بضع جبهات، وأنها فى الوقت الذى تحاول فيه أن تمتلك منظومات ومعلومات عسكرية من إسرائيل، فإنها تقوم بتزويد ألد أعداء هذه الأخيرة بأسلحة من صنعها، فهى تبيع أسلحة إلى سوريا، وتقيم مفاعلات نووية فى إيران وتدرس إمكان تزويدها بأسلحة متطورة، وتتطلع روسيا من وراء ذلك كله إلى زيادة احتياطها من الدولارات وإلى تعزيز نفوذها العالمى. بناء على ذلك فإن ما يتعين على أصحاب القرار فى تل أبيب فعله هو إعادة النظر فى موضوع بيع روسيا طائرات من دون طيار، ذلك بأنه لا مجال فى الوقت الحالى لأى «شهر عسل» أمنى بين إسرائيل وروسيا، فضلا عن أن الضرر الذى سيترتب على صفقة كهذه سيكون أكبر كثيرا من أى ربح.