وسط حضور أمنى مكثف، أسدلت محكمة جنايات الإسماعيلية الستار على قضية بيع أراضى سيناء للأجانب، بعد أن أثبتت تزوير 186 مستند «تحكيم دولى». وقضت المحكمة أمس بحبس كل من ماهر فخرى هارب بالسجن المشدد 10 سنوات وعبدالحكيم عوض أمين محكمة بالسجن المشدد 5 سنوات مع العزل من الوظيفة وبراءة كل من ماهر غبريال لواء شرطة سابق بمديرية امن جنوبسيناء، وعماد ارميا محامى وإيهاب عطية والسيد الحسينى وممدوح محمود وفتحى عبدالعزيز «هارب» وأشرف فؤاد «هارب» ومحمد حامد علام. صدر الحكم برئاسة لقاضى الدكتور محمد الجنزورى، وعضوية القاضيين وحيد جمال وأحمد عبدالباسط، وسكرتارية محمد عبدالستار ومحمد هلال. كانت التحقيقات كشفت أن شركة سيناء للتنمية السياحية باعت الأراضى للأجانب دون علمها بحقيقة جنسية بعضهم، وأنها كانت تدير عمليات بيع أراضى سيناء الخاضعة للسيادة المصرية من خلال تعاقدات تتم خارج البلاد فى مدينة ميلانو الإيطالية. انكشفت القضية عن طريق المصادفة خلال جولة تفتيشية للقاضى مجدى عبدالبارى، رئيس محكمة الإسماعيلية الابتدائية، على مكاتب موظفى المحكمة، حيث دفاتر تحكيم أشتبه فى كونها مزورة لاحتوائها بعض البنود الخالية دون مبرر، وتلاحظ له وجود عمليات بيع لأراض فى محافظة جنوبسيناء لأجانب، فتحفظ عليها، وأخطر المستشار ممدوح مرعى وزير العدل الذى أمر بتشكيل لجنة لضبط جميع المستندات فى اليوم التالى، وانتدب رئيس محكمة استئناف وخوله جميع صلاحيات النائب العام. وأثبتت تحريات العقيد أيمن الشافعى من مباحث الأموال العامة أن المتهمين ساهر فخرى وماهر غبريال سافرا إلى إسرائيل مرات عديدة للترويج للعقارات المصرية هناك، وأن مسئولى الشركة تعمدوا إغفال بند نظر التصرف الوارد بالعقد الابتدائى المبرم بين المحافظة والشركة فى أثناء إشهار العقد بمكتب الشهر العقارى المختص، بالتواطؤ مع مسئولى مكتب الشهر العقارى. وأضافت التحريات أن بعض المحامين اشتركوا مع مسئولين فى الشركة للتحايل على الإجراءات القانونية الصحيحة، عن طريق اصطناع أحكام تحكيم بصحة ونفاذ عقود شراء للأجانب لوحدات عقارية بالقرية عن طريق افتعال خصومة وهمية حتى يتمكنوا من اللجوء للتحكيم، وطبقا لقانون التحكيم، يحق لأى طرفين ينشب بينهما نزاع أن يختارا 3 محكمين من المحامين أو أساتذة القانون بالجامعات لعرض النزاع عليهم وإصدار حكم فيه يكون بقوة الحكم القضائى، مقابل تقاضى المحكمين لأتعابهم. وأوضح ضباط المباحث المشاركين فى التحريات أن الأجانب والشركة اختاروا محكمين عبارة عن مجموعة من المحامين الذين يحملون توكيلات عن الشركة، وأضافوا أنهم توصلوا إلى تورط مسئولين بالشهر العقارى فى مكتب المطرية وجنوبسيناء بإصدار توكيلات من رئيس شركة سيناء «إيطالى الجنسية» للمتهمين فى القضية بالبيع والتصرف فى العقارات رغم أن القانون يشترط موافقة محافظ جنوبسيناء قبل إصدار هذه التوكيلات، كما أن أحد الموثقين فى مكتب المطرية اعتاد إصدار توكيلات مزورة للمتهمين للاستيلاء على العقارات فى عدة محافظات، وصدر حكم بسجنه فى قضية أخرى، علما بأن مكتب التوثيق بالمطرية غير مختص بإصدار توكيلات تختص بعقارات فى جنوبسيناء. وقال العميد محمد السعيد سعد الدين بمباحث الأموال العامة إنه انتقل على رأس قوة من الضباط إلى مقر التسويق بشركة سيناء للتنمية السياحية بقرية كورال باى، والتقى مع سعد مسعد عبدالخالق، محاسب بإدارة التسويق والخدمات بالشركة، الذى أكد له أن جميع العقود وملحقاتها يتم الاحتفاظ بها فى فرع الشركة بميلانو، وهناك عقود بمقر الشركة بمصر وقدم له أسطوانة مدمجة تضم جميع البيانات المطلوبة. وقال الشاهد الثالث العقيد عبدالظاهر عجينة، بمباحث الأموال العامة، إنه أثناء تفتيش مقر الشركة تبين من خلال المستندات التى قدمها أحد الموظفين أن بعض المستندات تمثل نسبة من الوحدات العقارية المباعة لأجانب محل التحقيق، وتبين وجود عقارات أخرى تم بيعها لم تتطرق إليها التحقيقات. بينما أنكر المتهم ماهر غبريال اشتراكه فى بيع عقارات لإسرائيليين، وقال إن سفره إلى إسرائيل مرتين قبل عام 2005 كان بغرض السياحة، ولا يعلم شيئا عن إعلان حكم التحكيم رقم 17 لسنة 2007، حيث تم الحصول عليها من مكتب ساهر فخرى بمعرفة المحكم، وقال إن المتهمين ساهر فخرى وإيهاب عطية وأشرف فؤاد هم الذين يعلمون بكيفية تزوير المستندات وإعداد الأحكام ومستنداتها، وقال إن المتهم عماد آرميا هو مسئول الشركة الذى تسلم الأحكام من ساهر فخرى ويعلم كل شىء. وتضمن ملف التحقيقات مذكرة القاضى مجدى عبدالبارى، رئيس محكمتى الإسماعيلية وشمال سيناء الابتدائيتين للمستشار ممدوح مرعى وزير العدل فى 27 سبتمبر عام 2007 باكتشافه الواقعة، أشار فى مذكرته إلى ملاحظة عدم انضباط القيد بدفتر أحكام المحكمين خلال 7 أعوام سابقة وذلك بترك بعض الأرقام المسلسلة دون قيد أحكام فيها، وكذلك قيد أحكام عن أراضٍ لا تقع فى دائرة الإسماعيلية وعدم الالتزام بما تضمنه الكتاب الدورى رقم 6 لسنة 2006، بشأن عدم قبول إيداع أحكام المحكمين المتضمنة أى حق من الحقوق العينية العقارية، إلا بعد إشهار الحكم بالشهر العقارى المختص واتباع قواعد السجل العينى. وطالب رئيس المحكمة من خلال المذكرة بتشكيل لجنة من المفتشين الإداريين لتحديد المسئولية، وقرر وزير العدل تشكيل لجنة تفتيش إدارية لبحث ما ورد بالمذكرة فى اليوم التالى لإرسالها، وكلف القاضى رضا عبدالقادر رئيس محكمة استئناف بتولى التحقيق فى القضية والتفرغ تماما من مهام عمله لمدة 3 سنوات لحين الانتهاء من التحقيق فى القضية وإحالة المتهمين للمحاكمة.