«الحظر الروسى للقمح وتداعياته التى تظهر فى الارتفاعات الحادة للأسعار تثير قلقنا فيما يتعلق بتوفير الغذاء فى مصر، خاصة أن هذا الأمر جاء متزامنا مع زيادة أسعار اللحوم والأرز فى السوق المحلية»، بحسب ما ذكرته منظمة الغذاء والزراعة العالمية «الفاو» فى تقرير حديث لها، عن الأمن الغذائى فى عدة دول، ومنها مصر، فى ظل التطورات التى تشهدها الأسواق العالمية حاليا. وأشار التقرير إلى أن الحظر الروسى لصادرات القمح، الذى بدأ فى أغسطس الماضى ومن المنتظر أن ينتهى فى ديسمبر 2011، وما تسبب فيه من رفع مفاجئ لأسعار القمح العالمية، جاء متزامنا مع ارتفاع أسعار اللحوم فى مصر، علاوة على زيادة أسعار الأرز فى ظل سياسة الدولة تخفيض إنتاجها لتقليل استهلاك المياه، مما أثار مخاوف المنظمة من حدوث أزمة فى توفير الغذاء فى مصر. وبحسب بيانات المنظمة، تراجع إنتاج الأرز فى مصر بنسبة 22% فى عام 2009 2010. وكان تقرير لبنك الاستثمار فاروس قد رصد ارتفاع سعر كيلو اللحم البقرى بنسبة 8.9% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، والدواجن بنحو 37.8% خلال نفس الفترة، وكذلك زيادة سعر كيلو الأرز الأبيض 44.8%، وكيلو الدقيق 57.1%. «من الصعب أن نغير سياساتنا تجاه الأرز، نظرا للحاجة الماسة للمياه» برأى جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، مستبعدا أن تكون زيادة إنتاج الأرز ولو على المدى القصير تصلح كسياسة وقائية من تردى الوضع الغذائى فى مصر، مع استمرار أزمة القمح. بينما أشار صيام إلى أهمية التحفيز على توفير كميات أكبر من الأرز فى السوق المحلية، مشيرا إلى أنه قد يكون هناك اتجاه لتخزينه فى الوقت الحالى فى ظل توقعات بارتفاع سعره. من ناحية أخرى، هناك إمكانية لرفع إنتاج مصر من القمح بنحو مليون طن إذا ما تم تعميم استخدام التقاوى المعتمدة من وزارة الزراعة على جميع الفلاحين، لما تسهم فيه من زيادة إنتاج الأردب بشكل ملموس، بحسب صيام. وتبعا لتقرير الفاو، إنتاج مصر من القمح ارتفع فى عام 2009 2010 إلى 8.6 مليون طن ، مقارنة ب8.5 مليون فى العام السابق. وكان أمين أباظة، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، قد صرح، سابقا، بأن الحكومة تستهدف خلال السنوات العشر القادمة تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح بنسبة تتراوح بين 75% و80% مقابل ما تحقق من اكتفاء ذاتى بنسبة 56% هذا العام. إلا أن جمال مبارك، أمين سياسات الحزب الوطنى، اعتبر, فى تصريحات أخيرة له، أن فكرة تحقيق الاكتفاء الذاتى فى المحاصيل الرئيسية غير عملية، وأن الأهم التركيز على زيادة الإنتاج وزيادة دخل الفلاح ومساعدته فى زيادة مستوى معيشته. وتواجه الدول المجاورة لمصر فى الشمال الافريقى أيضا آثار أزمة القمح الروسى، تبعا للتقرير، حيث حذرت المنظمة الأممية من المخاوف بخصوص توفير الغذاء فى الجزائر والمغرب، ويذكر أن الجزائر استوردت فى عام 2009 2010 نحو 4.7 مليون طن من القمح سنويا بما يمثل 55%، من احتياجاتها المحلية، واشترت المغرب نحو مليونى طن فى الموسم الماضى بما مثل 25% من احتياجاتها المحلية. وكانت الفاو قد دعت إلى عقد اجتماع طارئ يوم 24 من الشهر الحالى، بعد قرار روسيا مد الحظر على صادراتها حتى نهاية العام المقبل، وهو الاجتماع الذى تدعو فيه الدول المستوردة والمصدرة للقمح لمناقشة كيفية مواجهة أزمة حظر القمح الروسى، وقد ذكرت المنظمة فى بيان سابق لها أن المخاوف من حدوث إضرابات اجتماعية فى الدول المستورد للقمح، ومنها مصر، نتيجة للغلاء المتوقع، أهم الأسباب التى دفعتها إلى عقد هذا الاجتماع، وفى ظل تخوفها من تكرار أزمة الغذاء التى اجتاحت البلاد فى عامى 2007 و2008.
