تصدر، غدا الثلاثاء، المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار منير جويفل، نائب رئيس مجلس الدولة، حكمها النهائى فى قضية بطلان عقد بيع وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان مساحة 20 كيلومترا من أراضى الدولة بالأمر المباشر لرجل الأعمال هشام طلعت مصطفى وتخصيصها لإنشاء مشروع «مدينتى». وقال قضاة بمجلس الدولة ل«الشروق:» إن هناك 3 احتمالات للحكم المرتقب، أولها: إلغاء حكم أول درجة بما يعنى استمرار التعاقد مع رفض الدعوى لعدم استيفائها شرط الصفة والمصلحة، وفى هذه الحالة لن تتطرق المحكمة لموضوع القضية والمسألة القانونية الرئيسية التى دار حولها حكم أول درجة، وهى مدى قانونية بيع أراضى الدولة بالأمر المباشر دون إجراء مزايدات علنية ودون مراجعة عقود البيع فى مجلس الدولة، بالمخالفة لقانون المزايدات الصادر عام 1998. يذكر أن قسم الفتوى بمجلس الدولة استقر على بطلان بيع أراضى الدولة بالأمر المباشر. وأوضح القضاة أن المحكمة إذا لم تتعرض للموضوع، فإنها ستكتفى بنظر مدى استيفاء الدعوى الأصلية المقامة من حمدى الفخرانى لشرط توافر الصفة والمصلحة اللتين تسمحان لأى مواطن برفع دعاوى قضائية أمام مجلس الدولة لفسخ عقود أبرمتها الدولة لبيع أراضٍ أو عقارات مملوكة لها لرجال أعمال. وينقسم الرأى القضائى حول مسألة توافر الصفة والمصلحة للمواطن العادى لرفع مثل هذه الدعاوى، حيث يرى قضاة أن السماح للمواطنين برفع دعاوى فى قضايا لا تمس مصالحهم المباشرة، هو أمر خطير من شأنه تمكين المواطنين من الطعن على أى عقد تبرمه الدولة ويدخل توقيعه ضمن سلطاتها التنفيذية الذى يجب أن تحاسب عليها تشريعيا وليس قضائيا. كما يرى أنصار هذا الرأى أن «العقد شريعة المتعاقدين» وأنه لا يجوز لأى طرف آخر غير المتعاقدين التدخل فيه قضائيا لإلغائه، لأن التعاقد أصله «الرضا والقبول» وإذا توافر هذان الشرطان واستمر العمل بهما دون وقوع ضرر على أحد أطراف العقد، لا يمكن إلغاؤه. وفى المقابل رأت محكمة أول درجة برئاسة المستشار حسن عبدالعزيز، نائب رئيس مجلس الدولة، أن الصفة والمصلحة متوفرتان فى أى مواطن ينوى رفع دعاوى قضائية لفسخ تعاقدات الدولة الخاصة ببيع أراضيها أو التصرف فى ثروات مصر الطبيعية، باعتبار أن هذه الأرض ملك الشعب ويجب أن تستغل فيما يفيد المواطنين ويحقق لهم أقصى استفادة مادية منها. واستند الحكم إلى مبدأ «المصلحة» الذى أرسته المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار محمد الحسينى، رئيس مجلس الدولة السابق، فى حكمها بتعديل اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل، حيث أثبتت الحيثيات حق أى مواطن فى مقاضاة الحكومة على تصرفاتها فى الثروات الطبيعية داخل حدود مصر، باعتبار الحكومة «موكلة عن الشعب للتصرف فى هذه الثروات وليست مالكة لها». وأوضح القضاة أن الاحتمال الثانى هو الحكم بعكس ما قضت به محكمة أول درجة وتأييد استمرار العلاقة التعاقدية بين الدولة ومجموعة طلعت مصطفى، باعتبار أن العقد أنتج آثارا قانونية ومراكز مستقرة يتعذر إلغاؤها بسبب المضى قدما فى مشروع «مدينتى» وإنجاز مراحل كبيرة منه. وإذا تحقق هذا الاحتمال فستكون المحكمة قد اتبعت حكما أصدرته ذات المحكمة بتشكيل مختلف عام 2003 بعدم جواز الحكم ببطلان العقود الإدارية إذا استقرت المراكز القانونية وأصبح من الصعب تسوية الأوضاع المالية والإدارية بين الطرفين، خاصة أن محكمة أول درجة لم تحدد طريقة تنفيذ حكم بطلان العقد. أما الاحتمال الثالث فهو تأييد حكم أول درجة ببطلان العقد ورفض طعنى الحكومة والشركة، وفى هذه الحالة قد تضيف المحكمة أسبابا جديدة إلى أسباب حكم القضاء الإدارى حول مدى التزام الدولة بقانون المزايدات فى عمليات بيع الأراضى. ورجح القضاة أن الحكم النهائى فى القضية سيتضمن طريقة تنفيذه عمليا إذا انتهى إلى بطلان العقد، مؤكدين أن عدم ذكر طريقة تعديل العقد الباطل كان وجه القصور الوحيد فى حكم أول درجة، حيث لم توجه محكمة القضاء الإدارى وزارة الإسكان لطريقة تنفيذ حكمها ببطلان العقد. وسيسرى الحكم فى هذه الحالة على جميع المشروعات ذات العقود المشابهة لعقد «مدينتى» التى أقيمت على أراض بيعت لرجال الأعمال والشركات والمؤسسات الحكومية والأهلية بالأمر المباشر دون إجراء مزايدات علنية، ومنها جميع مدن الإسكان المتميز بالمدن الجديدة، وكذلك مشروع الجامعة الأمريكيةالجديدة بالقاهرة الجديدة حيث حصلت الجامعة على الأرض بالأمر المباشر، وجميع المدارس الأجنبية بالمدن الجديدة. وإذا رأت المحكمة أنها بحاجة إلى استيضاح نقاط لم تتطرق لها مستندات القضية ومذكرات الخصوم، فقد تقرر إعادة القضية للمرافعة أو مد أجل الحكم مع السماح بتقديم مذكرات جديدة.