يرى المحللون السياسيون أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تهتم بإرسال المعونة السنوية إلى مصر أكثر من القيادات المصرية نفسها، حيث اعترضت مصر على منح الجمعيات الأهلية معونة قدرها 250 مليون دولار أمريكي، ما دفع أمريكا إلى الرضوخ ليصبح لمصر قانونها الخاص في المساعدات. وتعتبر هذه الواقعة من أهم المؤشرات التي تؤكد على حاجة مصر للتغيير، كما تؤكد على ضرورة أن تعيد واشنطن النظر في سياستها تجاه مصر. فالدولة التي تتلقى مساعدات عسكرية قدرها أكثر من 1.3 بليون دولار من أمريكا، تحولت إلى ديكتاتورية قاسية، بينما تظن واشنطن أنها بدعمها لمصر تساعد القضية الفلسطينية الإسرائيلية، وترسخ لاستقرار الشرق الأوسط، وتكتسب المزيد من الحلفاء العرب، وتتجنب خطر التطرف الديني. واشنطن خاسرة من دعم مبارك وفي تحليله للواقع المصري وعلاقته بالسياسة الأمريكية الخارجية، كتب أروب موخارجي الباحث السابق بمعهد كارنيجي للسلام في مجلة "نيو ريبابليك" الأمريكية يقول إن واشنطن تتكبد خسائر فادحة من تجاهلها لضرورة الإصلاح والتغيير الديمقراطي وبقاء الوضع الراهن على ما هو عليه في مصر. ويرى الكاتب أن هناك التزاما أخلاقيا يجب أن يكون موجودا من جانب واشنطن تجاه مصر. فقانون الطوارئ المستمر منذ ثلاثين عاما تقريبا، جعل من مصر دولة بوليسية، تنتشر فيها ثقافة القمع والبطش كما حدث في حالة الشاب خالد سعيد الذي قتل على أيدي مخبرين من الشرطة، وبالتالي، لا يمكن أن تستمر واشنطن في دعمها المادي أو المعنوي لمثل هذا النظام الذي يضرب بأبسط حقوق الإنسان عرض الحائط. وأشار إلى أنه يجب على واشنطن أن تعرف أن دعمها لنظام الرئيس حسني مبارك أدى إلى وقوع المصريين أنفسهم ضحايا له، وأنها بهذا وصمت نفسها بالنفاق والخداع والدفاع عن مبادئ ديمقراطية وهمية. مخاوف من الإخوان المسلمين وأكد الباحث على أن التغيير الديمقراطي في مصر لن يضر بالمصالح الأمريكية. وعلى العكس من المبدأ الذي حاول مبارك إقناع العالم به؛ إن أي إصلاح ديمقراطي قد يعطي الفرصة للمتطرفين الإسلاميين للوصول إلى السلطة، والحقيقة هي أن شكل جماعة الإخوان المسلمين الحالي ليس متعصبا ولا مدمرا للذات، كما أنهم نبذوا العنف رسميا وألقوا بكل ثقلهم وراء جبهة المعارضة التي يتزعمها الدكتور محمد البرادعي. وعلى الرغم من أن الإخوان قد يتوسعوا في مقاعد البرلمان إذا ما أجريت انتخابات نزيهة، فإنه ليس من المتوقع أن يؤثروا كثيرا على علمانية مصر بشكل عام. واستبعد الكاتب أن تتحول مصر إلى غزة، وأن يصل الإسلاميين فيها للسلطة كما حدث مع حماس عام 2005. فالمجتمع المصري لديه عدة خيارات بين أحزاب مختلفة، كما أن المواطن المصري بشكل عام لا توجد داخله بذرة التعصب الديني، بل إن 70% من المصريين أعربوا عن قلقهم من انتشار التطرف الديني في أنحاء العالم، طبقا لاستطلاع رأي أجراه مركز "بيو" للأبحاث. توصيات واختتم موخارجي بعدة توصيات قدمها للولايات المتحدة، موضحا إنه ينبغي على واشنطن أن تضع الإصلاح في مصر كأولوية لملف الديمقراطية في الشرق الأوسط، وأن تتوقف عن المفاوضات مع النظام المصري لأنها لم تعد مجدية، بالإضافة إلى الامتناع عن تقديم المساعدات للنظام، وإرسالها لجمعيات حقوق الإنسان التي تسعى لمزيد من الديمقراطية. وبالنسبة للانتخابات البرلمانية المقبلة، يجب على واشنطن أن تضغط على النظام المصري لإجراء تعديلات فورية، وتأكيد الرقابة الدولية على الانتخابات لضمان نزاهتها، وإبعاد السلطات الأمنية عن صناديق الاقتراع، وإلغاء قانون الطوارئ، ومنح الأحزاب المعارضة الفرصة لاستخدام الإعلام بشفافية وإجراء حملات انتخابية واسعة بكل حرية.